أدانت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الدولية حُكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بتأييد حظر فرنسا العام على النقاب، وهو الحكم الذى قالت إنه "تمييزى" ويقوض حقوق السيدات المسلمات. وأضافت الووتش أن الحظر يتعارض مع حقوق المرأة فى التعبير عن دينها ومعتقدها بحرية ومع حقها فى الاستقلال الذاتى. وقالت إيزة الغطاس باحثة غرب أوروبا فى هيومن رايتس ووتش: "من المؤسف أن توافق المحكمة الأوروبية على حظر فرنسا العام على غطاء الوجه الكامل فى الأماكن العامة. الحظر من هذا النوع يقوض حقوق النساء اللائى يخترن ارتداء النقاب، كما لا يساعد فى حماية المضطرات لارتدائه، تمامًا مثلما تقوض بعض القوانين فى دول أخرى حقوق النساء إذ تجبرهن على ارتداء ثياب بعينها". ومنذ فرضت فرنسا الحظر فى عام 2010 قالت هيومن رايتس ووتش ومنظمات أخرى بأن هذا الحظر يخرق حقوق حرية المعتقد الدينى وحرية التعبير لمن يخترن ارتداء النقاب أو البرقع، وأنه حظر تمييزى. هناك حظر مماثل على غطاء الوجه الكامل مطبق فى بلجيكا وبعض مدن وبلدات كتالونيا فى إسبانيا. وأكدت المنظمة الحقوقية الدولية أن الحظر على هذه الشاكلة – سواء تمت صياغته بتعبيرات محايدة أو استهدفت صياغته بشكل صريح النقاب الإسلامى – له أثر غير متناسب على المرأة المسلمة، ومن ثم فهو يخرق الحق فى عدم التعرض للتمييز بناء على الدين أو النوع الاجتماعى. وسبق أن أيدت المحكمة الأوروبية قيودًا على اللباس الدينى، فيما يتعلق بارتداء الحجاب فى المؤسسات التعليمية فى كل من تركيا وسويسرا. وبهذا الحكم الصادر عن الدائرة الكبرى بالمحكمة فى قضية "س أ س ضد فرنسا"، اتخذت المحكمة موقفًا للمرة الأولى مؤيدًا للحظر العام على النقاب فى الأماكن العامة. فى حين رفضت المحكمة الحجج التى ساقتها الحكومة الفرنسية بأن الحظر ضرورى لحماية الأمن والمساواة بين الرجال والنساء، فقد قضت بأن الحظر مُبرَر من واقع هدف غير واضح التعريف، أوردت أنه: "العيش سويًا"، وقبلت دعوى الحكومة الفرنسية بأن النقاب الذى يغطى الوجه بالكامل يمنع التفاعل بين الأفراد. وهناك أقلية من القضاة، رفضوا فى رأى منفصل الحجة القائلة بأن الحظر العام يحقق هدفًا مشروعًا وقالوا إن على كل حال فإن الحظر مبالغ فيه وليس ضروريًا فى المجتمع الديمقراطى. قالوا إن الحُكم "يضحى بحقوق فردية ملموسة مكفولة بموجب الاتفاقية لصيانة مبادئ مجردة"، إشارة إلى الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. رفعت القضية "س أ س" وهى مواطنة فرنسية مسلمة ترتدى "النقاب" أحيانًا. قالت بأن حظر فرنسا على النقاب يخرق حقها فى حرية المعتقد الدينى وحرية التعبير والحياة الخاصة. كما قالت بأن الحظر تمييزى بناء على النوع الاجتماعى والمعتقد الدينى والأصل العرقى. بدأت فرنسا فرض الحظر وسط نقاش عام محتدم حول العلمانية وحقوق المرأة والأمن، من خلال قانون تم إقراره فى أكتوبر 2010. اعتبر القانون أن فى عداد الجريمة أن يرتدى أى أحد ثيابًا القصد منها تغطية الوجه فى الأماكن العامة، ويُعاقب على هذه المخالفة بغرامة بحد أقصى 150 يورو (210 دولارات) و/أو "دورة تدريبية فى المواطنة" إلزامية. كما يجرم القانون – عن حق – إجبار أى شخص على تغطية وجهه، ويعاقب على هذه المخالفة بالسجن عامًا وبغرامة 30 ألف يورو (40950 دولارًا)، أو بالسجن عامين و60 ألف يورو إذا كان الشخص الذى تم إكراهه حدثًا. دخل القانون حيز النفاذ فى أبريل/نيسان 2011. رغم أن الحظر على ارتداء "ثياب القصد منها إخفاء الوجه" فى الأماكن العامة، قد يبدو محايدًا، فهو فى واقع الأمر يؤثر بالأساس على السيدات المسلمات مرتديات النقاب والبرقع، وهو من هذا المنطلق تمييزى. قالت هيومن رايتس ووتش إنه من المقلق أن المحكمة أقرت ببعض الآثار السلبية للحظر على النساء المسلمات، ورغم ذلك اعتبرته مبررًا. كما أدان خبراء القانون الدولى لحقوق الإنسان الحظر العام على النقاب والبرقع. وصف توماس هامربرغ، المستشار السابق للمفوضية الأوروبية لحقوق الإنسان، وصف الحظر العام على غطاء الوجه الكامل بأنه "غزو للخصوصية الفردية دوافعه مضللة". كما عارض التجمع البرلمانى للمجلس الأوروبى الحظر العام من هذا النوع، وحذر من آثاره الضارة على السيدات بعزلهن فى بيوتهن واستبعادهن من المؤسسات التعليمية والأماكن العامة. كما أعربت هيومن رايتس ووتش عن معارضتها للقوانين والسياسات فى دول أخرى – مثل السعودية وإيران وأفغانستان تحت حكم طالبان – القاضية بإجبار النساء على تغطية شعرهن أو وجوههن، بما أن هذا الأمر يحرمهن من الاستقلال الذاتى والحق فى حرية التعبير والمعتقد والدين. قالت هيومن رايتس ووتش إن على فرنسا أن تلغى تجريمها للنساء اللائى يخترن تغطية وجوههن، وأن تحمى المُكرهات على تغطية وجوههن مع عدم عزلهن عن الفضاء العام. وقالت إيزة الغطاس: "يجب أن تتمتع النساء فى فرنسا وفى كل مكان بحرية ارتداء ما يحلو لهن". وتابعت: "يشمل هذا الحق فى اختيار ارتداء نقاب يغطى الوجه أو عدم ارتداءه، بغض النظر عن رأى الآخرين فيه".