من بين أعظم ما حققه التقدم العلمى فى السنوات الأخيرة تلك المقدرة الهائلة على دقة التنبؤ بالأحوال الجوية لدرجة أن نسبة الخطأ فى تنبؤ الأرصاد الجوية باتت نسبة ضئيلة للغاية فنحن نعرف مسبقا متى ستبدأ العاصفة وما إذا كان برقها ورعدها شديدا يتطلب التحصن بمانعات الصواعق أم إنها ستكون مجرد هياج فى أمواج البحر فقط... وبالتوازى مع هذا التقدم العلمى حدث تقدم فى الفكر والتحليل السياسى عند من يملكون أدواته من المعلومات الدقيقة التى تمكنهم من استشعار احتمالات الخطر. والذى يجرى الآن بسبب نشوز السياسة القطرية يجعل الصدام أمرا لا مفر منه ولا أقصد بذلك الصدام العسكرى وإنما صدام المصالح بالمفهوم الشامل!. ما يجرى تحت مسمى أزمة قطر ليس خلافا عاديا مما يمكن أن ينشأ بين دولة شقيقة وإنما هو خلاف جذرى وعميق يعكس وجود ورم خبيث فى الجسد الخليجى ينبغى علاجه بأسرع وقت ممكن لمنع انتشار الورم والاستئصال أسلوب علاجى مؤكد نجاحه ونجاعته أفضل كثيرا من العلاج الكيماوي. وبصرف النظر عن المزاعم التى تطلقها الأذرع الإعلامية لدولة قطر ومحاولة الادعاء بأنها دولة صغيرة تواجه محاولات من أشقائها الكبار لتحجيم دورها فإن الذى يجمع عليه معظم المحللين المحايدين أن موقف مصر والسعودية والإمارات والبحرين كان ضروريا، وأن كشف أوراق الأزمة هو علامة صحة لأن موقف الدول الأربع جاء بمثابة جرس إنذار للأمة العربية بأكملها لكى تنتبه ولا تنخدع بأساليب الدهاء التى يتقنها حكام قطر. وأسفا أقول: إن الصدام قادم لامحالة وإن استنجاد قطر بإيران وتركيا لن يفيدها لأن حزام العزلة العربية والدولية سيتسع إذا لم ترتدع الدوحة وتغتنم الفرصة الأخيرة تحت مظلة الوساطة الكويتية بدلا من الجرى وراء سراب الوعود الجوفاء من هنا وهناك! وخلاصة القول: إن العزلة ستزداد استحكاما وإن الصدام لم يعد مستبعدا إلا إذا سارعت الدوحة باستيعاب الدرس وأيقنت أن الدول الأربع أغلقت باب المساومة على شروطها كحزمة متكاملة! خير الكلام: إذا لم تستح فافعل ماشئت وإذا لم ترتدع فلا تلومن إلا نفسك ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله