بين « عسلية» متعددة الأزواج، فى مسلسل « الحرباية»، و« سامية مراجيح» عاشقة الخيانة فى « طاقة نور»، جاءت صورة المرأة فى دراما شهر رمضان الذى رحل منذ أيام قليلة، نماذج مختلفة للمرأة المصرية ظهرت على الشاشة الصغيرة، منها ما هو موجود بالفعل فى المجتمع، ومنها ما خرج من وحى خيال كتاب السيناريو، لكن الشىء المشترك فى كل هذه النماذج تلك الصورة السلبية التى ظهرت فيها المرأة، التى رأتها الأعمال الدرامية كعنصر للإثارة، أو لجذب المشاهدين سواء عن طريق الجسد أو الأزياء أو طبيعة الشخصية، أو غيرها من العناصر التى لعب عليها البعض للفت الأنظار والترويج للعمل الفنى على حساب المرأة. فللمرة الأولى يتفق كتاب السيناريو على إهانة المرأة وابتذالها، وظهورها كسلعة وبشكل لا يتفق مع ما وصلت إليه من حرية، فالخيانات الزوجية والأخلاقية كانت الأبرز فى معظم المسلسلات، منها مسلسل « لا تطفئ الشمس» قصة الكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس، سيناريو وحوار تامر حبيب، إخراج محمد شاكر خضير، ففى هذا المسلسل وجدنا « أية» تخون زوجها مع أستاذها «هشام» الذى تربطه بها علاقة جنسية من قبل الزواج، وأيضا شقيقتها «إنجى» تخون زوجها الذى دفعها حبا لمصلحته اتجاه صديقه « نديم»، وشقيقتها الثالثة « فيفي» مريضة نفسية، وتدبر المكائد لمن حولها، وتسعد بشقاء الآخرين نظرا لعدم جمالها، كما ظهرت « رشا» التى جسدتها « شيرين رضا» كفتاة متحررة منحلة تمارس انحلالها مع شباب النادي، حتى إنها تفاجأ فى أحد الأيام برجل فى سريرها دون أن تعلم هويته، فتطرده بعد أن تفيق من سكرها. «لأعلى سعر » و الخيانة حقق مسلسل « لأعلى سعر» سيناريو وحوار مدحت العدل، وإخراج محمد العدل، أكبر إهانة للمرأة المصرية، حيث شاهدنا نماذج مريضة ومنحلة، فنجد « ليلى» المريضة نفسيا تدبر كل المصائب لصديقتها « جميلة» حتى إنها لا تتورع عن خطف زوجها منها، ونجد «لطيفة» المرأة الغنية المتصابية تشترى الشباب بفلوسها لممارسة الحب معهم، وتخون «عبلة» زوجها مع صديقه الطبيب فى المستشفى وتحمل منه، وتعمل عملية إجهاض، والدكتورة « إعتماد» أم جميلة، وكريم، ورامي، لا يهمها سوى مصلحتها الشخصية والمهنية، حتى إنها تتضامن مع طليق ابنتها الدكتور هشام ضد ابنتها، كما ظهرت فتيات أخريات يعملن فى مهن مختلفة كالممرضات وفتيات البالية يضحين بكل شىء فى سبيل مصلحتهن المادية، وظهرت المحامية « فردوس» التى تدافع عن «جميلة» كعانس تبحث عن أى رجل ترتبط به. طاقة نور .. زعيمة العصابة لم يكن مسلسلا « لا تطفئ الشمس» و« لأعلى سعر» فقط هما الذان أدانا المرأة ، لكن تعددت الصور، فظهرت المرأة بصورة سلبية أكثر قبحا فى مسلسل «طاقة نور» فهذا العمل سجل أكبر إهانة وابتذال فى حق المرأة المصرية، فشاهدنا نماذج نسائية مشوهة لا تمت للواقع بصلة مثل شخصية «حسيبة القرعة» العانس التى تعانى دمامتها وصلعها، وكره الرجال لها، فتتآمر مع شقيقها «شعبان» البلطجي، ضد مصلحة أهل حارتها، كما شاهدنا « سامية مراجيح» المتزوجة من رجل وتخونه مع بلطجى الحارة شعبان، وقدم المسلسل نموذجا سيئا للأم المصرية حيث شاهدنا «كاميليا» تأخذ أولادها الثلاثة لإجازة فى إسكندرية وتتركهم دون أى فلوس، وتعود إلى القاهرة لتغير «كالون» الشقة، وعندما يعودون ترفض أن تفتح لهم باب الشقة فينامون على سلالم البيت بحجة أنها تريد أن تعيش حياتها بعد وفاة زوجها، ويظهر المسلسل زوجة متسلطة اسمها «وفاء» تجعل زوجها يقوم بعمل شغل البيت بدلا منها، وعندما يعترض تطرده خارج الشقة، و تتآمر «إنجي» زوجة بطل العمل « ليل عبدالسلام» مع «نبيلة طنطاوي» زعيمة العصابة ضد زوجها فتخطف طفلتها وتختفي، إلى أن يصل إليهم بطل العمل فى منتصف الحلقات وتكون النتيجة وفاة الطفلة وتصاب الأم بحالة هيتسيرية اشبه بالجنون، كما يظهر فى هذا العمل أكثر من امرأة تعمل فى الممنوعات مثل «نبيلة طنطاوي» و«نيرمان عبدالسلام»، ويقدم الزوج زوجته على طبق من فضة لرجل الأعمال الفاسد الذى يعمل معه، وتعترض الزوجة «نانسي»، لكنها توافق على أن تكون عشيقة رجل الأعمال لتنتقم من زوجها. الحرباية وتعدد الأزواج فى مسلسل « الحرباية» تتزوج «عسلية» بطلة العمل بأكثر من رجل طوال الحلقات، وتنافسها فى ذلك شقيقتها المنحرفة «فتون» بائعة المخدرات، التى تتزوج عرفيا من زوج شقيقتها رغم أنها متزوجة وزوجها فى السجن، كما تظهر فى المسلسل أكثر من شخصية امرأة منحرفة مثل الشخصية التى لعبتها «عايدة رياض» لامرأة نصابة تعمل فى السحر والشعوذة وتبيع الوهم للناس. الحساب يجمع والسقوط فى الوحل بدأ مسلسل « الحساب يجمع» فى الحلقات الأولى بداية موفقة، حيث أظهر جانبت جيدا ومضيئاً للمرأة العاملة فى المنازل، حيث دارت أحداثه فى إطار درامى مشوق داخل عالم العاملات بالمنازل حيث تدير سيدة من منطقة شعبية تدعى «نعيمة» مكتبًا للعاملات والخادمات وطبخ الأطعمة للمناسبات، ومن خلال عملها تتمكن من كشف عمليات سرقة وقتل وابتزاز تقع داخل العديد من البيوت التى تعمل بها، ومن خلال عالم نعيمة نشاهد نماذج متعددة ومختلفة لنساء كل ما يحلمن به هو لقمة عيش شريفة، لكن ورشة العمل التى كتبت العمل الذى قام بإخراجه أدانت «نعيمة» وأسقطتها فى «الوحل» ،حيث خططت مع إبن شقيقها «كرم» والخادمة « سماح» ل سرقة احد البيوت التى تعمل فيها « سماح»، ولم يكتفى صناع العمل بهذه السقطة فقط، ولكنها تأمرت مع كرم على ابتزاز دكتور يقوم بتصوير الممرضات فى عيادته. الجارية والزوج من رجال كبار لم يكن سقوط « نعيمة أو سماح» هو السقوط الوحيد للمرأة أو الفتاة المصرية، ولكن الفتاة التى تبحث عن مصلحتها أو ليس لديها شخصية، فتتنازل عن حبها لشاب من عمرها وتتزوج برجل أكبر منها بسنوات كثيرة شاهدناها فى أكثر من عمل مثل «الحصان الأسود» و«وضع أمنى»، وفى مسلسل «واحة الغروب»، يعيش الضابط محمود عبد الظاهر مع جارته «نعمة»، فلم يقتصر دورها على خدمته فى المنزل، بل كانت تجمعهما علاقة جنسية، والتى انتهت عندما أفصحت «نعمة» عن حبها ل «عبد الظاهر»، إلا أنه نهرها بشدة على خيالها الجامح، لتقرر الرحيل عن المنزل، فيجن جنونه ويظل يبحث عنها فى كل مكان حتى يقابل « كاترين» فتنسيه «نعمة». المرأة المثيرة فى « الحلال» و» أرض جو» أما المسلسلات التى استغلت المرأة كعنصر تجارى أو جسد مثير فتمثلت فى مسلسلى « الحلال» و« أرض جو»، فقد تناول العمل الأول موضوع « كودية الزار» من خلال شخصية «دهبية» الفتاة المثيرة فى الحى الشعبى التى تسيل لعاب رجال الحى ومنهم الحاج « أنس». وفى « أرض جو» ظهرت بطلة العمل « سلمي» كشخصية مسيطرة يقع فى غرامها كل رجال المسلسل بداية من زميلها الطيار، مرورا بابن عمها الذى تصده فيصاب بعقدة نفسية تجعله لا يتزوج بعدها، ووصولا لمدير شركة الطيران التى تعمل فيها ويريد أن يتزوجها أو يقيم معها علاقة فتلقنه درسا قاسيا، إلى أن تقع فى شباك النصاب الدولى «صلاح»، وفى نفس العمل نشاهد زميلتها «سهام» البلهاء تترك زميلها الطيار وتتزوج من بلطجى الحارة، و«منار» التى ليس لديها مانع أن تقيم علاقة مع رجل ثرى عربى طالما لن يراها أحد!، أم الأم «سوزى» فهى تقيم علاقات مع شباب أصغر منها، منهم زوج ابنتها «بيري» التى لا يشغلها شىء سوى متابعة الموضات العالمية والاهتمام بكلبتها. هذا المساء والتلصص على النساء شاهدنا صورة قاتمة لنساء مصر خاصة فى الحارات الشعبية من خلال مسلسل «هذا المساء» حيث أظهرنه كخائنات من خلال شخصية سونى الذى يتلصص على هواتف السيدات، فيكتشف خيانتهن فيبتز من تعجبه. حلاوة الدنيا والزيبق عملان طرحا نماذج نسائية فرضت على المشاهد احترامها من خلال مسلسلى « حلاوة الدنيا»، و» الزيبق» ففى الأول شاهدنا «أمينة» التى تعانى من مرض السرطان لكنها تستطيع أن تتغلب عليه، وتشق طريقها فى العمل بجانب الأسرة ونجحت فى التجربتين، وفى «الزيبق» شاهدنا الأم المصرية الأصيلة التى تحنو على أولادها وتعطف عليهم من خلال الشخصية التى لعبتها «سلوى عثمان»، التى لمست قلوب المشاهدين بصدق، ورأى فيها معظم من تابع المسلسل أمه أو شخصية قريبة منه، بما فى الشخصية من ملامح حقيقية لامرأة مصرية صادقة تتعايش مع مجتمعها . الطريف أن هناك دراسة منذ سنوات قليلة بعنوان «صورة المرأة المصرية فى الدراما التليفزيونية» أعدها قسم الإعلام بجامعة «عين شمس»، وخرجت بنتائج تفيد أن الواقع الدرامى لا يحاكى ما يحدث فى الحقيقة، ولا يعبر عن المرأة المصرية التى لا تجد نفسها فى الأعمال الفنية، كما توضّح الدراسة التى أجريت على عينة عشوائية من السيدات أنهن لم يجدن أنفسهن فى متابعة الأعمال الدرامية التى تناقض واقعهن، فبعضها يصور المرأة على أنها فتاة ليل أو راقصة أو مدمنة أو خائنة، وهذا للأسف ما ظهر فى دراما رمضان هذا العام!.