أطراف عدة تشعر بأن نافذة جديدة قد انفتحت في مصر, وأنها عائدة برغم صعوبة الفترة الانتقالية لكي تنهض من جديد, وتايوان واحدة من الذين ظلوا برغم كل شيء يحدوهم الأمل بأن تمد القاهرة جسور التعاون معها, وتشعر النخبة في تايوان بأن التغيير الديمقراطي في مصر سوف يفتح المجال للتعاون, كما أن العلاقات الدافئة ما بين تايبيه وبكين ربما تهدئ من حساب ردة فعل الصين علي أي تقارب بين تايوان ومصر. والشيء المثير هنا هو أن الحكم الجديد في تايوان أصبح يتبني سياسة واقعية, وأطلق عليها دبلوماسية الحقيقة, وخلاصتها الإبقاء علي الوضع الحالي مع التمسك ب3 لاءات: لا وحدة, لا استقلال, لا استخدام للقوة, وقد تطورت علاقات الجانبين, ولم تعد تايوان تتطلع إلي علاقات دبلوماسية كاملة مع الدول الأخري, بل إنها تسعي إلي إقامة مكاتب ثقافية وتجارية وسياحية مع بلدان العالم. وهذه السياسة الجديدة تتزامن مع تزايد الثقة بالنفس, فتايوان هي الرابعة من حيث الاحتياطي النقدي الأجنبي(193.532 مليار دولار), وذلك بنهاية شهر يونيو الماضي, كما أنها باتت قصة نجاح علي مستوي العالم, ويجب أن يتعلم منها الآخرون كيف يمكن لدولة فقيرة الموارد في غضون عدة عقود أن تصبح أحد النمور الآسيوية, ولم تعد تايوان قصة في النجاح الاقتصادي فقط, بل انها في الآونة الأخيرة باتت عنوانا للتقدم التكنولوجي في مجالات علمية وعسكرية, وأصبح الكثيرون يطرقون باب تايوان من أجل التعاون المشترك, وخلال الزيارة القصيرة فقد سمعت كلاما مشجعا عن الرغبة والالتزام بالتعاون في مجال التجارة والاستثمار ونقل التكنولوجيا المتقدمة لمصر. ويبقي أن القاهرة لا تشعر بأنها في عجلة من أمرها, وبرغم الإغراءات الكبيرة جدا, من حكومة تايوان السابقة, فإن مصر لم تتجاوب, ويبدو حتي هذه اللحظة أن القاهرة لم تقتنع بعد بأن تخطو خطوة كبري تجاه تايوان, إلا أن الوقائع علي الأرض تدفعنا لإعادة التفكير, بل ضرورة أن نعزز العلاقات مع تايبية, وأن تكون تايوان جزءا من العالم الجديد الذي تنسجه مصر بعد52 يناير, وأحسب أن الدولة عليها أن تزيد من عدد الأصدقاء, وأن توسع من دائرة ارتباطاتها, ولكن علي أرضية صلبة, ووفقا لمصالح دقيقة, علي ألا تكون هذه المصالح عارضة بل ممتدة وحيوية, وهذا بالتحديد ما يجب البدء في حسابه بدقة في حالة تايوان. المزيد من أعمدة محمد صابرين