بدائل الإيجار القديم.. فرصة ذهبية قبل الطرد و90 يومًا فاصلة أمام المستأجرين    محافظ قنا ووزير البترول يبحثان فرص الاستثمار التعديني بالمحافظة    وداعًا لرسوم ال 1%.. «فودافون كاش» تخفض وتثبت رسوم السحب النقدي    وسائل إعلام فلسطينية: إصابات في قصف إسرائيلي لمنزل عائلة أبو شعبان بمدينة غزة    شقيقة كيم جونج أون تصف مبادرات جارتها الجنوبية ب"الخداع" وتنفي الحوار مع أمريكا    مجلس الأمن يرفض حكومة "الدعم السريع" الموازية ويحذر من تهديد وحدة السودان    معروف حكمًا لمباراة الأهلي وفاركو في الدوري    هي الليلة بكام، تفاصيل مطاردة مجهولين سيارة ملاكي لخطف دكتورة وابنتها أمام أعين نجلها بالشرقية    بعد رقصه بالعصا على المزمار البلدي.. وفاة أحد أقارب عروسين بقنا    سعد لمجرد يحيي حفلًا ضخمًا في عمان بعد غياب 10 سنوات    محافظ الغربية يعلن حصول مركز طب أسرة شوبر على شهادة «جهار»    طريقة عمل كفتة داود باشا أكلة لذيذة وسريعة التحضير    الجامعة البريطانية في مصر تستقبل الملحق الثقافي والأكاديمي بالسفارة الليبية لتعزيز التعاون المشترك    رئيس الأركان الإسرائيلي: اغتلنا 240 من عناصر حزب الله منذ وقف إطلاق النار مع لبنان    فوز مستحق.. ريال مدريد يهنئ باريس سان جيرمان بالفوز بكأس السوبر الأوروبي    مصادر طبية فلسطينية: 100 شهيد في غزة بينهم 38 من منتظري المساعدات    الصين توقّع اتفاقية تمويل جديدة مع "أونروا" لدعم الفلسطينيين    الولايات المتحدة تحتجز موظفًا بالمديرية الوطنية الإسرائيلية للإنترنت لاستجوابه    شيخ الأزهر يدعو لوضع استراتيجية تعليمية لرفع وعي الشعوب بالقضية الفلسطينية    سابقة تاريخية، أطفال فلسطين يسلمون ميداليات كأس السوبر الأوروبي    الاختبار الأخير قبل مونديال الشباب.. موعد المواجهة الثانية بين مصر والمغرب    موعد مباراة الترجي ضد الاتحاد المنستيري في الدوري التونسي والقنوات الناقلة    عيار 21 يتراجع لأدنى مستوياته.. أسعار الذهب اليوم الخميس بالصاغة (محليًا وعالميًا)    نائب محافظ الجيزة تتابع استعدادات استقبال المهرجان الدولي للتمور 2025    السيطرة على حريق شقة مستغلة لتخزين الأدوات المكتبية فى شبرا دون إصابات ...صور    البحيرة: ضبط المتهمين بقتل شخصين أخذا بالثأر في الدلنجات    أخطر ساعات أغسطس.. تحذير شديد بشأن الطقس اليوم: الحرارة تتخطى 50 مئوية    تحديد هوية المتهمين بمضايقة فتاة على طريق الواحات.. ومأمورية خاصة لضبطهم (تفاصيل)    وزير السياحة يوقع مذكرة تفاهم مع عمدة سراييفو لتعزيز التعاون بين البلدين    اختبار في الثبات على المبادئ.. برج الجدي اليوم 14 أغسطس    أبرز أخبار الفن على مدار الساعة.. تعرض ليلى علوى لحادث سيارة بالساحل الشمالى.. نقابة المهن التمثيلية تحول بدرية طلبة للتحقيق لما صدر منها من تجاوز.. والفنانة الكويتية حياة الفهد تدخل العناية المركزة    سواق توك توك.. ياسر جلال يلبى نصيحة أصدقائه بعمل إضافى مع التمثيل (فيديو)    رسميًا الآن.. بدء تسجيل رغبات تقليل الاغتراب 2025 لطلاب تنسيق المرحلتين الأولى والثانية (الرابط الرسمي)    المركز الإفريقي لخدمات صحة المرأة يحتفل باليوم العالمي للعمل الإنساني تحت شعار "صوت الإنسانية"    ذروة الارتفاع بالحرارة.. نصائح جمال شعبان لتجنب الجلطات    د.حماد عبدالله يكتب: دور الدولة المتعدد فى الإقتصاد الحر !!    العثور على جثة شخص مجهول الهوية مخبأ داخل جوال بقنا    ربة منزل تُنهي حياتها بتناول مادة سامة بقنا    الرياضية: بسبب أمم إفريقيا.. أهلي جدة يسعى لضم حارس سعودي    دامت 5 سنوات.. قصة حب جورجينا الأولى قبل ارتباطها برونالدو    في ذكراها ال12 .. "الإخوان": أصحاب رابعة العزة، "قدّموا التضحيات رخيصة؛ حسبةً لله وابتغاء مرضاته وحفاظًا على أوطانهم    السفير محمد إدريس: العلاقات مع إفريقيا استراتيجية ويجب تفعيلها    حنان شومان: "كتالوج تناول نادر لفقد الزوج زوجته.. وأجاد في التعبير عن مشاعر دقيقة"    صبا مبارك تنشر جلسة تصوير من كواليس "220 يوم".. ونجوم الفن يعلقون    ياسين السقا يكشف تفاصيل مكالمة محمد صلاح: "كنت فاكر حد بيهزر"    تداول طلب منسوب ل برلمانية بقنا بترخيص ملهى ليلي.. والنائبة تنفي    ما قبل مجازر (الفض).. شهادات لأحياء عن "مبادرة" محمد حسان والمصالحة مع "الإخوان"    أحمد صبور: تحديات متعددة تواجه السوق العقارية.. ومصر قادرة على جذب الاستثمارات الأجنبية    رياضة ½ الليل| إنجاز فرعوني جديد.. مصر تحصد الذهب.. مكافأة استثائية.. استلام المسار السريع.. وباريس سوبر أوروبا    كمال درويش: لست أفضل رئيس للزمالك    حدث بالفن | أزمة نجمة واحالتها للتحقيق ووفاة أديب وفنانة تطلب الدعاء    نجاح فريق طبي بمستشفى النيل في إنقاذ مريضة تعاني من ورم الخلايا العملاقة    ما حكم من يحث غيره على الصلاة ولا يصلي؟.. أمين الفتوى يجيب    زوجي رافض الإنجاب مني لأن لديه أبناء من زوجته الأولى.. فما الحكم؟.. وأمين الفتوى ينصح    أمين الفتوى بقناة الناس: المتوفى يشعر بالزائر ويستأنس به    خالد الجندي ل المشايخ والدعاة: لا تعقِّدوا الناس من الدين    خالد الجندي يوضح أنواع الغيب    الصحة تستكمل المرحلة الرابعة من تدريب العاملين بمطار القاهرة على أجهزة إزالة الرجفان القلبي (AED)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوارات تايوانية عربية‏:‏ سحر الاقتصاد والثقافة
نشر في الأهرام اليومي يوم 04 - 12 - 2010

النمور الأسيوية‏..‏تذكرت هذا الوصف عندما وطأت قدماي أرض تايبي عاصمة تايوان‏,‏ استجابة لدعوة من مركز الشرق الأوسط والدراسات الإسلامية في جامعة شينجي الوطنية. للمشاركة في ندوة الحوار التايواني‏-‏العربي من‏25‏ إلي‏27‏ نوفمبر الماضي في حضور خبراء من مصر والأردن والمملكة العربية السعودية ولبنان وفلسطين‏,‏ ووسط تجمع واسع من طلاب الجامعة وأساتذتها والمتخصصين في اللغة العربية والثقافة الإسلامية‏.‏
وكان وصف النمور الأسيوية قد ذاع واشتهر في تسعينيات القرن الماضي لأربعة اقتصاديات كانت بازغة هي هونج كونج وسنغافورة وكوريا الجنوبية وتايوان تميزت بمعدلات نمو صاروخية‏,‏ وتصنيع حديث متقدم يعتمد في الأساس علي تكنولوجيا الإلكترونيات والمعلومات‏.‏ ولم يقتصر الوصف وقتها علي كلمة النمور بل وصل إلي حد وصفها بالمعجزة التايوانية حيث صارت نموذجا يحتذي به في كثير من الدول النامية‏.‏
ويفصل تايوان عن القارة الآسيوية مضيق تايوان عرضه‏120‏ كم من الساحل الصيني‏,‏ وقد شهد هذا المضيق كثيرا من التحرشات بين الصين الشعبية وتايوان مع وجود الولايات المتحدة العسكري في تلك المنطقة الحساسة‏,‏ وفي إطار مسئولياتها الإقليمية والدولية للدفاع عن أمن اليابان وكوريا الجنوبية‏.‏ وتصل مساحة تايوان إلي حوالي‏36000‏ كيلومتر مربع يعيش فوقها‏23‏ مليون نسمة تقريبا حيث تصل الكثافة السكانية إلي‏668‏ مواطن لكل كيلومتر مربع‏,‏ وهي كثافة عالية مقارنة بدول أخري‏.‏ وتايوان عضو في منظمة التجارة العالمية منذ‏2001,‏ وتعتمد الزراعة التايوانية علي الأرز والفواكه والشاي‏.‏ أما مصادر الطاقة فتلجأ تايوان من أجل توليد الكهرباء إلي الفحم بنسبة‏55%,‏ وعلي الغاز الطبيعي بنسبة‏17%,‏ بالإضافة إلي‏5%‏ من النفط و‏5%‏ من مصادر الطاقة المتجددة بما في ذلك الطاقة الشمسية‏,‏ والهدف الوصول بالأخيرة إلي‏10%‏ من مجمل إنتاج الطاقة في تايوان‏.‏ وتتميز تايوان أيضا بطاقة الرياح بالقرب من شواطئها الممتدة‏.‏ وقد أتيح لنا خلال تواجدنا في تابيي زيارة إحدي الشركات الكبري في مجال تكنولوجيا الطاقة الشمسية حيث يغطي نشاط هذه الشركة كل مراحل التصنيع من إنتاج الخلايا الشمسية من موادها الأساسية إلي إنشاء وحدات توليد الطاقة الكهربية علي نطاق واسع‏.‏ وعلي المستوي السياحي تفتخر تايوان ببرجها العالي المكون من‏101‏ طابقا‏.‏ ويعتبر هذا البرج أعلي برج في العالم بارتفاع‏508‏ متر‏,‏ وقد يكون الثاني الآن بعد الانتهاء من برج خليفة في دبي بدولة الإمارات العربية‏.‏
وحتي نعرف مدي التقدم في الاقتصاد التيواني فقد كان قريبا في عام‏1962‏ من اقتصاديات زائير والكونجو حيث لم يتعد نصيب الفرد الواحد أكثر من‏170$‏ في السنة‏,‏ ثم أصبح الآن في‏2008‏ يماثل القدرة الشرائية للفرد في الدول المتقدمة بقيمة‏33000‏ دولارا‏.‏ وتتبني تايوان الآن اقتصادا نشطا ومتكيفا معا النظام الاقتصادي العالمي بمعدل نمو متوسط ومستقر بقيمة‏8%‏ خلال ثلاثة عقود متتالية‏,‏ كما أنها تمتلك احتياطيات مالية ترشحها للمركز الخامس علي مستوي العالم في هذا المجال‏.‏ وعلي مستوي الصناعة حدث في تايوان تحول جذري من الاهتمام بالصناعات المعتمدة علي أعداد كبيرة من البشر إلي صناعات تعتمد في الأساس علي التكنولوجيات المتقدمة‏,‏ وقد دفعها هذا التغير إلي الاستثمار في الصين وتايلاند وإندونيسيا والفلبين وماليزيا وفيتنام‏,‏ ويعتقد أن أعدادا كبيرة متزايدة من رجال الأعمال التايوانيين يستثمرون ويعملون علي أرض الصين الأم‏.‏
كل ذلك كان مقدمة لتحول آخر كبير تحقق في‏29‏ يونيو‏2010‏ بالتوقيع علي اتفاقية إطار للتعاون الاقتصادي‏TheEconomicCooperationFrameworkAgreement(ECFA)‏ بين الصين وتايوان تهدف إلي زيادة التبادل التجاري من خلال خفض الرسوم علي الجانبين‏,‏ وتشجيع الاستثمار المشترك‏.‏ وتعتبر هذه الاتفاقية الأهم بين الجانبين منذ الحرب الأهلية وانشطار الصين إلي بلدين في‏.1949‏ ويعتقد أن هذه الاتفاقية سوف تضاعف التبادل التجاري بين البلدين عدة مرات من قيمته الحالية التي تصل إلي حوالي‏110‏ بليون دولار في السنة‏.‏
وقد كانت هذه الاتفاقية موضع نقاش في جلسة خاصة بين الخبراء الاقتصاديين في تايوان والمشاركين في مؤتمر الحوار التايواني العربي حيث أنها رفعت الحرج عن الدول العربية في تعاملها التجاري والسياسي مع تايوان من جهة وغيرت مسار العلاقات بين تايوان والصين من جهة أخري‏.‏ ويمكن القول أن عنصر المصلحة الاقتصادية قد صار هو العنصر الحاكم في تطوير العلاقات البينية علي أكثر من مستوي بالنسبة لتايوان‏,‏ وشحبت النقاشات السياسية القائمة علي نزاعات تاريخية لم يعد لها قيمة في عصر العولمة الحالي حيث ملايين الفرص تتوالد في كل لحظة ولم يعد مجديا التشبث بما حدث من قبل بل الاندفاع إلي آفاق أرحب وأوسع كثيرا من أفق النزاع الصيني‏-‏التايواني‏.‏ ومن الجلي أن سحر الاقتصاد سوف يصبح المحدد للعلاقات التايوانية مع الصين الأم ومع العالم كله‏.‏
وقد حرص المخططون لندوة الحوار التايواني‏-‏العربي علي تبين الحقائق ووجهات النظر من خلال الخبراء المشاركين والقادمين من البلاد العربية والإسلامية فيما يتصل بالمناخ السياسي والاقتصادي والأمني في منطقة الشرق الأوسط الذي أصبحت عاملا لا يمكن تجاهله في تقييم مستقبل الاستقرار العالمي‏.‏ فدولة صغيرة مثل تايوان‏,‏ المعنية بشدة بالتصدير في مجالات التكنولوجيا المتقدمة‏,‏ تري أن استقرار الشرق الأوسط متصل باستقرار المناخ الاقتصادي العالمي‏.‏ لذلك تضمن مؤتمر الحوار علي جلسات شملت مستقبل الأمن في الشرق الأوسط من خلال أوراق بحثية عن طبيعة العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران‏,‏ واحتمالات أن تتحول الجهود الإيرانية النووية إلي صراع مسلح مع أطراف دولية أو إقليمية مثل إسرائيل‏,‏ ومدي إمكانية إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وكل أسلحة الدمار الشامل‏.‏
ومن هذه الزاوية انطلق الحوار إلي مناطق نزاعات أخري مثل مشكلة جزر الخليج العربية التي استولت عليها إيران ومدي شرعية ذلك حتي وصل النقاش إلي النزاع الدائر في الصحراء المغربية وتأثيرها علي السلام العربي والإفريقي‏.‏ وكان من الضروري أن تتجه ندوة الحوار إلي مشروع إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية‏,‏ ومدي ما تحقق من تقدم في هذا الشأن منذ أن نشأت الفكرة في‏1974‏ ولم تتقدم حتي الآن إلي واقع ملموس‏.‏ وفي جلسة مستقلة ناقش الحوار مشروعا آخر متصل بإقامة علاقات تعاونية وأمنية علي مستوي الشرق الأوسط بكل دوله علي نمط ما تحقق من قبل علي المستوي الأوروبي والأسيوي في أكثر من منطقة‏.‏ وهذا المشروع كان مطروحا علي دول الشرق الأوسط في تسعينيات القرن الماضي‏,‏ لذلك ناقشت الندوة إمكانية تجديده مرة أخري آخذين في الاعتبار كل المتغيرات الجذرية التي جرت علي ساحة الشرق الأوسط والعالم‏.‏
ولم تتجاهل الندوة البعد الثقافي ودوره في تحقيق الاستقرار والأمن‏.‏ وإذا كان سحر الاقتصاد قد أصبح عاملا رئيسيا في تحقيق الاستقرار والرخاء لتايوان‏,‏ فإن سحر الثقافة سوف يصبح البعد التاني له في دعم العلاقات بين الدول‏.‏ وفي الحقيقة لا يمكن تجاهل اهتمام تايوان والصين بتعلم اللغة العربية ودراسة الإسلام والقرآن في عالم تكتسح فيه تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كل الحواجز والقيم القديمة البالية‏.‏
المزيد من مقالات د. محمد قدري سعيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.