على الرغم مما تحمله تايوان من ظروف خاصة ومشاكل بينها وبين الصين إلا أن وضعها الشائك لم يمنعها من اختيار رئيسها وبرلمانها وفق إرادة شعبية وبناء على اختيار يحقق لشعبها التنمية الاقتصادية والوضع السياسى الآمن، فما بين الانفصال عن الصين والوحدة اختارت تايوان الوحدة متمثلة فى سياسات الحزب الحاكم حاليا الكومينتج ورئيس الجمهورية الحالى (ما) الذى انتخبه الشعب التايوانى لفترة رئاسة ثانية. كان من المفيد لى وأنا فى بداية حياتى الصحفية أن أتلقى دعوة من منظمة الصحفيين بتايوان لتغطية الانتخابات الرئاسية ووجدتها فرصة كبيرة وعظيمة أن اطلع على التجربة ونحن فى مصر على أول الطريق. ولا أنكر أنى شعرت بغيرة وأنا أرى الشعب التايوانى ينتخب دون وضع معاييرنا نحن المصريين فرأيت شعباً ينتخب وفقا لسياسة يريدها ويدرك أنها ستحقق له طموحه فى المستقبل.. لم ينتخب على أساس دينى فلا أحد فى تايوان يسأل عن الدين ولم ينتخب على أساس الجنس لأن المرشحين الثلاثة للانتخابات بينهم امرأة غير متزوجة وتثار حولها الشائعات بأنها (مثلية) لم أر ذلك يؤثر فى اختيارهم لم أراهم ينتخبون جنرالا على الرغم من تخوفهم من الصين والحرب معها رأيتهم يفاضلون بين ثلاثة رؤساء أكاديميين أساتذة بالجامعات لا دين أو جنس فى الانتخابات. الرئيس الأكاديمى الثلاثة رؤساء المرشحون أساتذة بجامعات تايبية وهم الرئيس الحالى (ما ينج جيو) والذى أمضى فترة رئاسية أولى منذ عام 8002 وهو مرشح حزب الكومانتيج والذى أنشئ منذ عام 4981 وقد تولى الحكومة فى سنوات 1191 و0002 و8002 وهو خبير قانونى درس فى الولاياتالمتحدة ويدافع منذ انتخابه فى 8002 عن علاقات هادئة مع الصين أول شريك تجارى لتايوان. والحزب الثانى هو حزب Dpp (democratic progreesive party)قد تم تأسيسه عام 6891 ومرشحته الدكتورة تاسى ينج وين والتى تدرس القانون فى اثنتين من الجامعات فى تايبية وقد بدأت حياتها السياسية فى أوائل عام 0991 وعملت فى العديد من المناصب الحكومية. وحزب pfp (people first party) وقد نشأ منذ عام 0002 ومرشحه جيمس سونج الذى لا يحظى بتأييد شعبى كبير بسبب انفصاله عن حزب الكومينتيج وتأسيسه لحزب جديد بعد خسارته الانتخابية. وعود الرئيس بالمؤتمر الصحفى قبل الانتخابات بيوم عقد كل من الرئيس (ما) و(السيدة تاسى) كل بمفرده مؤتمرين صحفيين منفصلين عن برنامجهما الانتخابى وقد أكد (ما) على الأمن والأمان خلال ال4 سنوات القادمة ووعد بالتنمية الاقتصادية ومزيد من التواصل السياسى بين اليابان والصين ودعم خطوط الطيران وخفض أسعارها ووعد بتضييق الفجوة بين الفقراء والأغنياء وتنظيف الفساد الحكومى وبرنامج اجتماعى للمتقاعدين وتوظيف للعمالة، مؤكدا على قوة الجيش التيوانى. ثلاثة انتخابات فى وقت واحد قال لى (مايكل تشا شانج) مستشار منظمة الصحافة التايوانية إن هذه أول مرة من ست سنوات تجرى فيها تايوان ثلاثة انتخابات فى وقت واحد مشيرا إلى أن إجراء ثلاثة انتخابات فى وقت واحد يوفر المال والمجهود موضحا أن الأحزاب الثلاثة الكبرى فى تايوان هى التى رشحت مرشحين للرئاسة، بالإضافة إلى أنه توجد أحزاب صغيرة ولكنها غير معروفة، لذلك فإن انتخابات الأحزاب تتم على شكل قوائم وائتلافات وهو ما يعطى فرصة كبيرة للمرشحين الذين لا يملكون المال للدعاية فالقوائم تحقق تمثيلا للفقراء فى البرلمان. وأوضح أن الدعاية الانتخابية للمرشحين محددة ويمكن للمرشح أن يوزع هدايا بسيطة رمزية، ولكن محظور توزيع أى أموال ومن حق أى مواطن تايوانى أن يبلغ عن أى مخالفة أو أى مرشح أعطى رشوة انتخابية من خلال رقم مخصص لذلك، أما الملاحظون فيكونون من جميع الأحزاب ومن منظمات حقوقية داخل وخارج تايوان ويوجد 05 ألف قسم بوليسى وبعد الساعة الرابعة تغلق الصناديق ويقوم المدرسيون والمتطوعون ومندوبو الأحزاب بفرز الأصوات. فالمدرسون يمتلكون العدل ونحن نثق بهم. الرئيس ونائبه أجريت الانتخابات الرئاسية على الرئيس ونائبه، حيث حملت الدعاية الانتخابية صورة كل مرشح ونائبه وتعتبر تايوان أن انتخاب نائب للرئيس أمر ضرورى وديمقراطى ويمنع الرئيس من الاستئثار بالسلطة. زيارة لمنظمة حقوقية قمنا بزيارة منظمة لحقوق الإنسان تراقب الانتخابات وهى أول منظمة فى آسيا عملت فى مجال حقوق الإنسان وتدعم الديمقراطية وقد حملت على عاتقها مهمة إرساء الديمقراطية فى تايوان فيما يخص مجال حقوق الإنسان وتقوم بتدعيم بلدان كثيرة حول العالم. وفى تصريحات خاصة أكد (جورج وى تاسى) نائب رئيس مؤسسة تايوان للديمقراطية أن المنظمات التى تعمل فى مجال حقوق الإنسان فى تايوان لا تواجه مشكلات كبيرة مع الحكومة وأنها تتلقى دعماً من الحكومة ولكنها لا تعتمد عليه بشكل كبير مؤكدا أن الأموال التى تتلقاها المؤسسة أو المنظمات فى تايوان توجه إلى طريقها الصحيح. الرالى الانتخابى ليلة الانتخابات عقد الرئيس (ما) رالى كبير فى وسط المدينة تايبية وصلت نسبة الحضور فيه إلى ما يقرب من 08 ألف مواطن كلهم من المؤيدين وقد صعد المسرح مع زوجته ومؤيديه من الشخصيات العامة ذات الثقة مجددا وعوده الانتخابية، حيث ظل الاحتفال لساعات، وفى تمام الساعة العاشرة مساء انتهى الاحتفال حيث يلتزم الرئيس بالمواعيد الرسمية للمدينة. جولة بالمقرات الانتخابية افتتحت المقرات الانتخابية فى الثامنة صباحا وكان الإقبال عليها كبيرا من مختلف الأعمار وتتخذ من المدارس مقرا لعملية التصويت دخلت أحد المقار بمدرسة بوسط العاصمة مقسمة إلى لجان، حيث وضعت خريطة صغيرة فى فناء المدرسة لتساعد الناخبين على أماكن اللجان وداخل اللجان كانت توجد أربعة أماكن مخصصة للانتخابات عليها ستائر لضمان السرية ويجلس عدد كبير من الموظفين يستقبلون الناخبين وكل ناخب يأتى إلى لجنة مخصصة أرسلت له ورقة على منزله بمكانها ومع كل ناخب طابع خاص به مدون علية اسمه برموز معينة يتم التوقيع بالطابع أمام اسم الناخب حتى لا يكرر التصويت عدة مرات. ويأخذ الناخب ثلاث ورقات ورقة لانتخاب الرئيس.. وورقة لاختيار قائمة الحزب وورقة لاختيار أعضاء البرلمان. وقد جهزت اللجان بأوراق للتصويت للمكفوفين على طريقة برايل حتى لا يستطيع الناخب الإدلاء برأيه دون تدخل من أحد. ويراقب العملية الانتخابية المدرسون ومنظمات المجتمع المدنى وأساتذة الجامعات. ومن اللافت للنظر وأنا أتابع عملية التصويت من داخل اللجنة هو إقبال كبار السن والذين أتوا للتصويت دون إجبار أو خوف من غرامة مالية فلا يوجد قانون فى تايوان يعاقب على عدم الذهاب للتصويت، فالقانون الحاكم هو قانون المسئولية السياسية التى يشعر بها الجميع. وقد أدركت ذلك من نسبة كبار السن والمعاقين الموجودة داخل اللجان وأكد لى ذلك ما حدث مع أيمى وهى أحد أعضاء منظمة صحفى تايوان فقد تركتنا فى الصباح الباكر كى تذهب للإدلاء بصوتها فى لجنتها الانتخابية والتى تبعد عن تايبية بما يقرب من ساعة وعادت آخر النهار وهى حزينة لأنها فقدت الورقة الانتخابية التى أرسلت إليها ومدون عليها رقم اللجنة ومكانها فلم تستطع التصويت فأصابها الإحباط. واستمرت عملية التصويت حتى الرابعة عصرا، حيث أغلقت الصناديق. استقالة مرشحة الرئاسة بعد النتيجة فى تمام الساعة الثامنة والربع مساء ظهرت النتيجة وكنت مع المجموعة الصحفية فى حزب الآنسة (تاسى ينج) حيث فاز الرئيس الحالى ما لدورة ثانية بنسبة، وقد ساد الهدوء والصمت داخل الحزب الذى خسر بينما بكت العديد من النساء من مؤيدات السيدة المرشحة ممن كن يتابعن المؤشرات الأولية للانتخابات لحظة بلحظة من خلال شاشات كبيرة وضعت خارج الحزب وتجمع الآلاف حولها وبعدما يقرب من نصف ساعة عقدت المرشحة الخاسرة ونائبها مؤتمرا صحفيا قدمت فيه استقالتها، الأمر الذى جعلنى فى حيرة ودار بذهنى العديد من الأسئلة فلماذا قدمت استقالتها من الحزب فنحن اعتدنا على أن يعقد الطرف الخاسر مؤتمراً يشكك فى نتائج الانتخابات ويتهم الفائز بالتزوير ولكن تقديم الاستقالة جاء بسبب أنها قد حصلت على فرصتها وأنها تقدمت بالاستقالة بدلا من أن يجبرها الحزب على ذلك حتى تفسح المجال لوجه آخر يكون قادراً على المنافسة. قال الدكتور (غسان لى تشوان) الرئيس السابق لقسم اللغة العربية بجامعة جين جى الوطنية تايبية فى تصريحات خاصة عقب النتيجة. أن استطلاع للرأى قد أكد أن 55٪ من الشعب التايوانى مع مقولة صين واحدة ويرى أن الانفصال عن الصين لن يحقق التنمية لتايوان، بينما يفضل 54٪ الانفصال وهى تقريبا نفس نسبة نتيجة الانتخابات بين الحزبين. وأوضح عساف: قبل 4 سنوات كان حزبdpp وقبلها ب 8 سنوات كان حزب kmt يحكم، والآن يحكم هذا الحزب أى أنه يوجد تبادل للقوى السياسية والسياسات المختلفة. وأكد الدكتور عساف ألا أحد يتحدث عن جنس الرئيس فلا فرق بين امرأة ورجل فى الانتخابات فضلا عن أن البرلمان فى تايوان برلمان قوى يستطيع أن يقيل الحكومة.. وأزمة تايوان هى نسبة البطالة التى تصل إلى 6,41٪. وأكد عساف أن دخل المواطن التايوانى ارتفع خلال ال 4 سنوات الماضية من 81 ألف دولار أمريكى فى العام إلى 02 ألف دولار أمريكى مشيرا إلى أن الفضل لا يرجع للرئيس ولكن يرجع إلى اعتماد تايوان على التجارة. وعن السبب الحقيقى لتخوف تايوان من الصين على الرغم مما تتمتع به تايوان من ديمقراطية تجعلها تتفوق سياسيا على الصين أوضح عساف أن تايوان لا تخشى الصين ولكنها فى الواقع تخشى أمريكا فأمريكا قد أعلنت أن إذا حدث حرب بين الصين وتايوان فستتدخل أمريكا لحماية تايوان بعد أسبوعين وهى مدة كافية لتدمير تايوان. وأكد عساف أن أمريكا أرسلت مبعوثاً لها قبل الانتخابات الرئاسية بيوم مشيرا إلى أن أمريكا والصين تؤيدان سياسات الرئيس الحالى. وعن مطالب الشعب التايوانى من الرئيس أوضح أن أهم شىء هو زيادة فرص العمل وفتح أسواق جديدة فتايوان لا تزال تعتمد على الصين ف 06٪ من منتجاتها تصدر إلى الصين ثم أمريكا، هذا فضلا عن عدالة القضاء لأن أهم مشكلة تواجه تايوان هى أن الشعب لا يثق فى القضاء، فالرئيس السابق لتايوان داخل السجن بسبب فساد مالى وهناك تشكك لدى الشعب بأن حزبه يتدخل فى نزاهة القضاء، لذلك فإن استقلال القضاء مطلب أساسى للشعب التايوانى. وأكد عساف أن رجال الأعمال يدعمون الرئيس (ما) فهو يدعو إلى التعاون مع الصين اقتصاديا. يوم الرحيل انتهت الانتخابات ونظفت الشوارع تماما من أى دعاية انتخابية صباح اليوم التالى لإعلان النتيجة بعد أن قضى الشعب التايوانى ليلة ساهرة احتفالا بفوز الرئيس. وقد تلقيت اتصالا هاتفيا من يونس ما المستشار الإعلامى للمكتب التجارى لتايوان بدبى يطلب مقابلتى فما أن عرف أنى عربية وهو يجيد التحدث باللغة العربية حتى أصر على الترحيب بى وتحدثنا على مدار ساعة عن الانتخابات بتايوان وموقفها السياسى بالنسبة للصين وحرية الإعلام بها ومطالب 32 مليون تايوانى من الرئيس. سألنى:لماذا أنتم خائفون من الإسلاميين جربوهم 4 سنوات وبعد ذلك اختاروا حزباً آخر قال لى: الشعب التايوانى قادر على الاختيار لأنه جرب جميع الأحزاب نحن نعرف الثلاثة مرشحين ونعرف سياساتهم، لذلك فاختيارنا جاء على أساس فكلهم تولوا مناصب سياسية ونعرف قدراتهم جيدا.