لقد نجح المخطط الدولى الإستراتيجى الإجرامى فى تحقيق جانب كبير من أغراضه بكل من سورياوالعراقوالصومال وليبيا واليمن. واليوم أصبح السؤال الملح هو إلى أين ستتجه موجة الفكر المدمر والأفعال الإجرامية فى المرحلة القادمة؟! وجاءت الإجابة فى تقرير تم تقديمه لمجلس الأمن فى شهر رمضان فى وقت تزايدت فيه التكهنات حول مقتل أبو بكر البغدادى زعيم "داعش". وكان أهم ما جذب انتباهى فى التقرير هو معلومة هامة أكدت أن البغدادى أصدر منذ شهور سابقة تعليمات لأتباعه بالتوقف عن التدفق على الأراضى السورية والعراقية والاتجاه بدلا من ذلك إلى الأراضى الليبية أملا فى تكرار ما فعلته "داعش" بكل من سورياوالعراق على مدار السنوات الماضية، وعلى ما يبدو تمثل تلك الخطوة "التمهيد التبريرى" أو "الحجة" أو "التلكيكة" أو "مسمار جحا" لتدخل دولى يستهدف ليبيا أولا .. وربما ما حولها. كما أنها محاولة من "البغدادى" زعيم الدواعش لتوسيع دائرة انتشاره ولو فكريا حتى وإن تم القضاء عليه بدنيا!! التقرير الأممى أشار إلى نشاط "داعش" فى عدد من المناطق بأنحاء العالم، حيث جاء كما يلى : 1 شمال أفريقيا : أفادت معلومات قدمتها إحدى الدول بأن أبا بكر البغدادى أمر أتباع التنظيم والمتعاطفين معه فى وقت سابق بالسفر إلى ليبيا بدلا من سورياوالعراق. وقد أثبتت الجماعات المنتسبة إلى "داعش" قدرتها على الصمود حتى الآن، وهى جماعات وصفها أمين عام الأممالمتحدة بأنها تشكل تهديدا خطيرا. وترى إحدى الدول الأعضاء أن وجود "داعش" فى المنطقة يراد به تأمين استمرار التنظيم فى ضوء الضغط المستمر الذى يتعرض له فى العراقوسوريا. ولكن تمت الإشارة إلى ضعف التنظيم فى ليبيا بعد فقدانه جزءً كبيرا من الأراضى التى كان يسيطر عليها، إلا أن التهديد الذى يشكله فى ليبيا وفى دول الجوار لا يزال قائما مثل "جماعة جند الخلافة" فى الجزائر، المنتسبة ل"داعش". 2 غرب أفريقيا : أكدت عمليات الرصد اصطدام المساعى التى يبذلها "داعش" للتوسع فى المنطقة بالكيانات المنتسبة لتنظيم "القاعدة" هناك حيث يظل "تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى"، و"جماعة أنصار الدين" و"تنظيم المرابطون" الطرف الأقوى فى المنطقة حاليا، لا سيما منذ إعلان هذه الكيانات مؤخرا اندماجها تحت راية جماعة جديدة باسم "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين". ولكن ذلك لم يمنع جماعة انشقت عن تنظيم "المرابطون" واعترف بها "داعش" فى خريف عام 2016 تحت اسم "الدولة الإسلامية فى الصحراء الكبرى" من تنفيذ عدة هجمات فى بوركينا فاسو والنيجر. وفي نيجيريا، بايع فصيل من بوكو حرام البغدادى وأعلن قيام "ولاية غرب أفريقيا التابعة للدولة الإسلامية" ونسب لنفسه عدة هجمات فى نيجيريا. ولوحظ تزايد أنشطة الاتجار بالأسلحة والعتاد، وازدياد قدرة "داعش"على تجنيد عملاء له فى المنطقة واجتذاب أبناء غرب أفريقيا العائدين من العراقوسوريا. وأفادت معلومات بأن عناصر موالية ل"داعش" تنتمى لتنظيم "المرابطون"، سافرت إلى ليبيا ونسقت مع التنظيم سالف الذكر فى سرت قبل عودتها إلى مالى. 3 شرق أفريقيا : ظهرت كيانات جديدة تنشط فى بونتلاند وأجزاء من جنوبالصومال وتدين بالولاء ل"داعش"، وهى تشكل تهديدا يتجاوز أراضي الصومال التي توجد بها قواعدها ويصل إلى دول الجوار حيث تسعى الكيانات المذكورة إلى تجنيد المقاتلين وإنشاء القواعد وشن الهجمات عبر الحدود. وعلى الرغم من الصراع الدموى السابق بين حركة الشباب (القاعدة) وخلايا داعش فى البلاد وسيطرة حركة الشباب على الساحة، فإنه وبحلول نهاية عام 2016، تم التحذير من أن "داعش" تخطط لتعزيز وجوده فى الصومال بالاستيلاء على الشبكات القائمة التابعة لحركة الشباب واجتذاب المزيد من المقاتلين، بمن فيهم الذين لا يستطيعون السفر إلى مناطق النزاع والذين رحلوا عن مناطق النزاع فى سورياوالعراق. 4 اليمن : تأكد فشل "داعش" فى اليمن وبات يضم أقل من 500 مقاتل وحاليا يحاول التوسع عن طريق تشكيل خلايا منفصلة فى عموم شبه الجزيرة العربية، ودعوة المتعاطفين معه فى المنطقة إلى البقاء فى بلدانهم لتنفيذ هجمات إرهابية فيها. 5 أفغانستان : عندما بدأت الدوائر تضيق على "داعش" فى سورياوالعراق عام 2016 فإن قياداته حاولت تأسيس وجود له فى عدد من المناطق بأفغانستان. لكن قواه القتالية أصابها ضعف شديد من جراء العمليات العسكرية الأفغانية والدولية. وحاليا ليس للتنظيم وجود ملحوظ إلا فى ثلاث مناطق من مقاطعة ننكرهار الواقعة على الحدود مع باكستان. وتتباين التقديرات بشأن قوام التنظيم فى أفغانستان، حيث يشير نظراء إلى عدد يتراوح بين ألفين وأربعة آلاف فرد. وحاليا تدور شكوك حول إتجاهه إلى شمال البلاد او إلى دول الجوار فى شمال افغانستان. 6 جنوب شرق آسيا : تصاعد خطر "داعش" فى المنطقة فى ظل تركيز اهتمامه، وأنشطته الدعائية، نحو المنطقة بصورة متزايدة تزامنت مع نشأة العديد من الجماعات الجديدة وانقسام جماعات قائمة، بل وأعادت جماعات سابقة لوجود التنظيم تصنيف نفسها معلنةً انتسابها له. وقد أعقب ذلك وقوع المزيد من الهجمات المرتبطة ب"داعش" فى الفلبينوماليزيا وإندونيسيا، بل وأعلن اسنيلون توتونى هبيلون الزعيم السابق لجماعة "أبو سياف" نفسه "أميرا" لتنظيم داعش فى الفلبين التى تحول جنوبها إلى مركز للمقاتلين الأجانب القادمين من المنطقة ومن خارجها. وفى إندونيسيا، فإن الخطر الشامل لا يزال قائما، ولا سيما من "جماعة أنصار الدولة" والمئات من كوادر "الجماعة الإسلامية" السابقة. وهكذا بدا من الواضح أن كيان "داعش" خطط لمد أذرعه فى عدة مناطق بديلة فى العالم أملا فى عودته إلى الحياة بواجهة جديدة. ولكن تظل مصر وشعبها العظيم الصخرة الجرانيتية الصلبة التى تتحطم وتتكسر عليها كل محاولات التدمير والتخريب والشر. إنها مصر قاهرة الهكسوس والمغول والصليبيين والحشاشين والإمبراطوريات التى كانت لا تغيب عنها الشمس. لمزيد من مقالات طارق الشيخ;