شهدت العلاقات المصرية- الألمانية تطورات كبيرة خلال السنوات الأربع الماضية، حيث انتقلت من ما يمكن وصفه بالجمود عقب ثورة 30 يونيو 2013 إلى التوافق والتعاون الوثيق فى جميع المجالات، بعد أن استطاعت الدبلوماسية المصرية تصحيح الصورة المغلوطة عما جرى فى مصر من أحداث عقب الثورة الشعبية التى أطاحت بنظام الإخوان. فبعد ثورة 30 يونيو 2013 كانت ألمانيا من بين الدول التى تحفظت على ما شهدته مصر من تغييرات، واتسمت تصريحات المسئولين الألمان بعدم الوضوح تجاه تأييد أو رفض ما حدث، وكانت ألمانيا واحدة من دول الاتحاد الأوروبى التى التبست عليها الصورة فى بداية الأمر، وهو ما جعل الخارجية المصرية تكثف عملها لمحاولة إيضاح الصورة، لتتفهم الدول ومن بينها ألمانيا طبيعة ما جري، والالتزام بخريطة الطريق للانتقال الديمقراطي، من انتخاب ديمقراطى لرئيس الجمهورية، إلى وضع دستور يقره الشعب، ومن إكمال تشكيل المؤسسات الدستورية وعلى رأسها مجلس النواب. وقد تكللت الجهود المصرية بالنجاح، وتحول الموقف الألمانى من التحفظ والغموض إلى الاعتراف الشديد الوضوح بشرعية ثورة 30 يونيو الشعبية، وتأكد هذا التغيير فى الموقف الألماني فى مايو 2015، حيث قام فرانك فالتر شتاينماير، وزير خارجية ألمانيا فى ذلك الوقت، بزيارة القاهرة استغرقت يومين التقى خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسي، كما أجرى محادثات موسعة مع وزير الخارجية سامح شكري، وكانت تلك الزيارة الأولى لوزير خارجية ألمانيا لمصر منذ ثورة 30 يونيو 2013، وخلال وجوده بالقاهرة أكد وزير الخارجية الألماني أن مصر شريك سياسى و محورى لألمانيا، يتعين عليه الاضطلاع بدور لا غنى عنه لتحقيق الاستقرار فى المنطقة. وشهدت تلك الزيارة لوزير خارجية ألمانيا أيضا متابعة لترتيبات زيارة الرئيس السيسى الأولى لألمانيا، تلبية لدعوة من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وهى الزيارة التى قام بها الرئيس فى الثانى من يونيو 2015 واستمرت لمدة يومين، التقى خلالها المستشارة الألمانية وكبار المسئولين الألمان، وجرى خلالها بحث تعزيز التعاون فى مختلف المجالات، خصوصا الاقتصادية والعسكرية والأمنية. وقد نجحت زيارة الرئيس السيسى الأولى لألمانيا فى إكمال تصحيح الصورة الكاذبة التى روج لها البعض عن حقيقة ما جرى فى مصر عقب ثورة 30 يونيو 2013، وفى جذب الاستثمارات والسياحة الألمانية لدعم الاقتصاد المصري، وتشير الأرقام الرسمية إلى أن حجم التبادل التجارى بين مصر وألمانيا قفز فى عام 2015 إلى نحو 5 مليارات يورو، لتحتل مصر المرتبة الثالثة بين الشركاء التجاريين لألمانيا فى المنطقة العربية، وزاد التبادل التجارى بين البلدين فى 2016 إلى 5 مليارات و567 مليون يورو، حسب الأرقام الرسمية لوزارة التجارة والصناعة، وتبلغ الاستثمارات الألمانية فى مصر حاليا نحو 650 مليون يورو، فى مجالات المواد الكيماوية والسيارات والاتصالات والحديد والصلب والبترول والغاز والأدوات الصحية، لتحتل ألمانيا المرتبة ال20 فى قائمة الدول المستثمرة بمصر. وعقب زيارة الرئيس السيسى لبرلين فى يونيو 2015 تصاعدت وتيرة التعاون المصرى الألمانى فى جميع المجالات، وقامت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بزيارة للقاهر فى مارس 2017، وكانت المباحثات المصرية- الألمانية ناجحة فيما يخص العلاقات الثنائية، والتطورات التى شهدتها على جميع الأصعدة الاقتصادية والعسكرية والثقافية، كما تم التشاور حول الملفات والقضايا الإقليمية والدولية التى تهم القاهرة وبرلين، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب والهجرة غير المشروعة، والأوضاع فى كل من سوريا وليبيا والعراق واليمن وغيرها من دول الشرق الأوسط، والتى تفاقم من ظاهرتى الإرهاب والهجرة غير المشروعة، وهو ما يفرض ضرورة السعى المشترك من أجل إيجاد حلول سلمية للنزاعات فى المنطقة. وتأتى زيارة الرئيس السيسى الجديدة لألمانيا، وهى الثانية له منذ توليه السلطة فى مصر، فى إطار استمرار تطوير التعاون بين البلدين على جميع المستويات والعمل المشترك على النطاق الإقليمى والدولي، فالزيارة تلبية لدعوة من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للمشاركة في قمة ألمانيا- إفريقيا لبحث تشجيع وتحفيز الاستثمار فى القارة السمراء، لإنشاء مشروعات توفر فرص عمل جيدة، كأحد جهود مكافحة الهجرة غير المشروعة وتدفق المهاجرين إلى ألمانيا وأوروبا، وهى القمة التى دعت ألمانيا لتنظيمها بوصفها الرئيس الحالى لدول مجموعة العشرين.