لا تتوانى وسائل الإعلام الغربية عن استغلال أى حادث كبير أو صغير له طابع طائفى أو له صلة بفئة مجتمعية أو طائفة دينية معينة من أجل الترويج لفكرة اضطهاد الأقليات فى مصر. حدث هذا بطبيعة الحال مع هجوم المنيا الإرهابى الذى أدانته الدولة بكل مستوياها ومؤسساتها، حيث ربطت وكالتا رويترز وأسوشييتدبرس للأنباء وشبكة سى إن إن الإخبارية الأمريكية وهيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي» بين هذه العمليات وبين شعار «فشل الدولة فى حماية مواطنيها»، مع إصرار غريب من هذه الوسائل الإعلامية من جديد على تسمية الإرهابيين منفذى هذا الحادث ب«المتشددين»، وتجاهل أى معلومات تفيد بخلفيتهم وعلاقتهم بالتنظيمات التى يصفونها ب”المعارضة”، فضلا عن التشكيك من جديد فى جدوى فرض حالة الطواريء بالبلاد، رغم أنها مطبقة بالفعل فى دول أخرى، ومن بينها فرنسا، ولم تمنع أيضا من تكرار العمليات الإرهابية. ونقلت وكالة «رويترز» فى تقرير لها بتاريخ 26 مايو 2017 عن أقباط – لم تسمهم – قولهم إنهم يخشون التعرض للمصير ذاته الذى تعرض له أشقاؤهم فى العراقوسوريا، حيث أهلكت الحروب وعمليات الاضطهاد التى يمارسها تنظيم داعش الإرهابى الطوائف المسيحية، ونسيت الوكالة أن الأقباط يشكلون جزءا مهما من نسيج الشعب الوطنى فى مصر، ورغم وجود بعض الشكاوى من حالات تمييز، فإنها تبقى فى النهاية شكاوى مطروحة بين الأوساط السياسية والثقافية والدينية فى مصر بشفافية كاملة، وما زالت بعيدة كل البعد عن الممارسات الدموية التى يتعرض لها المسيحيون فى سوريا أو العراق مثلا، والتى تصل إلى حد التطهير العرقي. ونقلت الوكالة عن إسحاق إبراهيم من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية قوله إن الدولة لا تعالج السبب الرئيسى المتمثل فى الأجواء الطائفية التى تشجع على الإرهاب، كما لم يتم اتخاذ خطوات جادة لاستخدام الثقافة والتعليم فى معالجة هذه المسألة، وهذه عبارات وإن حملت جانبا كبيرا من الصحة فإنها أيضا لا تعنى أن الدولة فشلت فى حماية الأقباط، لأن الإجراءات الأمنية على الأرض تؤكد عكس ذلك، كما أن الاعتداءات تستهدف المسيحيين والمسلمين على حد سواء، ولكن الشيء المؤكد الذى تتجاهله هذه المنصات الإعلامية أنه لو كان المجتمع الدولى مساندا وداعما حقيقيا لمصر فى حربها ضد الإرهاب منذ سنوات، لما قويت شوكة المتطرفين إلى هذا الحد، ولما احتاجت مصر إلى الطواريء أصلا لتطبيقها على الإرهابيين الذين يصفهم الإعلام الغربى ب«المعارضة السلمية» حتى اللحظة، علما بأن بريطانيا التى يوجد فيها مقر «رويترز» الرئيسي، شهدت تصريحا تاريخيا قبل أيام من جانب رئيسة وزرائها تيريزا ماى تعهدت فيه ب «تمزيق حقوق الإنسان» إذا وصلت إلى السلطة – قبل الانتخابات العامة الأخيرة – من أجل محاربة التطرف! ومن الأمثلة الأخرى على هذا النهج الإعلامى إصرار وكالة أسوشييتدبرس أيضا على وصف الإرهابيين ب «المتشددين»، و «المتمردين»، وهو ما يعنى أن من يصف سافكى الدماء بهذه الصفات ليس من حقه الحديث عن فشل الدولة المصرية فى مواجهة الإرهاب أصلا.