غير بعيد عن حدود ليبيا التي تعج بالجماعات المتطرفة والإرهابية وانطلقت منها هجمات إرهابية علي أهداف مدنية وعسكرية في دول الجوار،خاصةً مصر،تمرح العديد من الجماهات الإرهابية في منطقة الساحل التي تضم: تشادوالنيجرومالي وبوركينا فاسو وموريتانيا ومنها ما يرتبط بأمثالها في الأراضي الليبية مثل (المرابطون) بقيادة الإرهابي مختار بلمختار.. كلها تسعي لإسقاط الحكومات والسيطرة علي الدول لإقامة إمارات إسلامية بمفهوم قادتها الضيق والخاطيء لأحكام الشريعة،تندمج أحياناً وتتفكك أخري إذا نشبت صراعات داخلها علي السلطة وتتسابق لنشر الرعب وإراقة الدماء ضد أبناء الدول التي تقف أنظمتها في طريقهم ورعايا ومصالح الدول الأجنبية التي تساعدها في مكافحتهم وضد قوات حفظ السلام الدولية.وبعد تزايد عملياتها الإرهابية في الشهور الأخيرة بدأت تحركات إقليمية ودولية أكثر فعاليةً للقضاء عليها باتفاق زعماء الدول الخمس علي تشكيل قوة عسكرية مشتركة لمحاربتهم وموافقة الاتحاد الأوروبي علي تمويلها وسعي فرنسا لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يجيز إنشاءها ويعطيها تفويضاً بذلك. القوة المكونة من عشرة آلاف عسكري وشرطي ستتولي أيضاً مكافحة مهربي المخدرات وتجار البشر ومن المقرر أن تبدأ عملها قبل نهاية العام ونأمل ألاَّ يكون مصيرها مثل قوات اتفق عليها قادة في دول وسط وغرب إفريقيا ولم تر النور أوتم تشكيلها ولم تنجز مهامها لأسباب منها نقص التمويل والعجز عن توفير أفرادها وضعف وتخلف التسليح. فالأمر لم يعد يحتمل التأخير حيث تسيطر تلك الجماعات علي مناطق شاسعة بمنطقة الساحل الملاصقة لجنوب ليبيا والجزائر والمغرب ولغرب السودان رغم الحملة العسكرية الفرنسية-الإفريقية التي أنهت انفصالهم بشمل مالي عام 2013 ويمتد نشاط بعضها مثل(المرابطون)إلي داخل ليبيا حيث قيل إن قائدها بلمختار أقام في درنة التي قصفت طائرات مصرية معسكرات للإرهابيين فيها أخيرا بعد ارتكابهم مذبحة المنيا، وإنه انتقل إلي إجدابيا بعد وقوع اشتباكات بين فصائل متطرفة. المخاوف الإقليمية والدولية زادت أكثر بعد أن أعلنت أربع جماعات متطرفة رئيسية اندماجها في جماعة واحدة تُدعي جبهة الدفاع عن الإسلام والمسلمين،هي المرابطون التي انشقت عن تنظيم القاعدة ثم عادت إليه وإمارة الصحراء فرع القاعدة التي ضمت العائدين من الصراعات بأفغانستان وسوريا والعراق وأنصار الدين التي يتزعمها إياد آغ غالي المنتمي لقبيلة إيفوغاس الطارقية المنتشرة بمنطقة بين الجزائروالنيجرومالي تستطيع أن تتسلل منها إلي ليبيا وكتائب ماسينا وهي تنظيم ينشط بشمال مالي بين قبائل الفولاني.فيري خبراء أن اندماجها نتج عنه أكبر تنظيم مسلح بالساحل عدداً وعتاداً وتنسيق أكبر بينها في التخطيط للعمليات الإرهابية وتنفيذها وزيادة رقعة المساحة التي تتحرك فيها قائلين إنها تتحرك في أرض تعرفها جيداً وتوقعوا أن تواجه القوة المشتركة الجديدة والقوات الفرنسية المنتشرة بالمنطقة منذ 2014 مصاعب كبيرة في التصدي لها. الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون، أعلن أن فرنسا ستكثف حربها في الساحل حتي القضاء علي الإرهابيين في شمال وغرب إفريقيا وستعزز تعاونها مع ألمانيا لمساعدة دول المنطقة المضطربة وقال: إن العمليات ستزداد رداً علي مؤشرات بأن المتطرفين يقومون بتجميع صفوفهم وتعهد بأن تبقي القوات الفرنسية(4 آلاف)هناك حتي القضاء عليهم.وكانت ألمانيا قد أرسلت في 2015 نحو ألف جندي للمشاركة في قوات حفظ السلام في مالي، وأعلن السفير الألماني في نيامي أن بلاده ستقيم قاعدة عسكرية بالنيجر لتدعيم الأمن بمنطقة الساحل وقوات الأممالمتحدةبمالي.ولأمريكا قاعدة عسكرية بمنطقة أغادير بصحراء الطوارق وسط النيجر ترابط بها طائرات بدون طيار لدعم القوات الفرنسية في مالي وجاراتها حيث يمكِّنها موقع أغادير من الاستطلاع الجوي لرصد المتطرفين ومهاجمتهم. فرنسا التي لها 180 خبيراً ومدرباً عسكرياً في قاعدة بنينه الجوية قرب بنغازي في شرق ليبيا الخاضع لسيطرة قوات الجيش الوطني بقيادة خليفه حفتر لا يستبعد مراقبون ان تسعي لاستعادة نفوذها التاريخي بالجنوب الليبي، وأن تدعم حفتر بالمستشارين العسكريين ومعلومات الاستخبارات والعتاد الحربي بعد أن باتت تؤيده بقوة في حربه ضد الجماعات المتطرفة.وإذا تحقق ذلك سيعطي دفعة قوية لمكافحة الإرهاب حيث ذكر تقرير لمجلس الأمن في مارس 2016 أن داعش نجح في تجنيد أتباع له بالمناطق المهمشة، وأن ليبيا تبقي مصدر دعم لوجيستي(إمداد)لجماعات مسلحة وإرهابية في مصر وماليوالنيجروسوريا.كما أعرب المجلس عن قلقه لتنامي العلاقة بين داعش وبوكو حرام في نيجيريا حيث ذكرت تقارير أن مسلحين منها يقاتلون مع داعش في ليبيا وقال مسئول أمريكي كبير، إن هناك مؤشرات علي أنهم يتوجهون إليها عبر حدود مليئة بالثغرات بين دول جنوب الصحراء.ومما يوضح خطورة الوضع بدولنا العربية المتاخمة لمنطقة الساحل أن وزارة العدل الجزائرية أعلنت في ديسمبر الماضي، أنها تراقب أكثر من 54 ألف شخص تورطوا في قضايا إرهابية وأعلنت تونس أنها فككت 160 خلية إرهابية العام الماضي بزيادة 45% عنها في 2015، وأعلن المغرب أنه فكك خلية إرهابية تابعة لداعش سوريا والعراق. لمزيد من مقالات عطية عيسوى