أخيرا التقى يومان مشهودان فى تاريخ أمتنا العربية والإسلامية. إنه لقاء بين يوم 10 رمضان فى التقويم الهجرى مع نظيره يوم 5 يونيو فى التقويم الميلادى. فماذا قالا لبعضهما البعض؟ نظر 5 يونيو إلى العاشر من رمضان قائلا له فى تحد واضح : "من أنت"؟ فرد العاشر من رمضان بتواضع الواثق : "أنا يوم النصر، والعزة، والخروج من الكبوة، ويوم الوحدة العربية الإسلامية فى مواجهة العدوان والتجبر والطغيان وسارقى أراضى الغير وممتلكاتهم". فرد 5 يونيو هازئا : "هل تعلم أنك لو كتبت فى الشبكة العنكبوتية كلمة "نصر رمضان" فسيأتى الرد بأنه إسم لاعب كرة". رد العاشر من رمضان بهدوء قائلا : "أتستفزنى يا 5 يونيو، ألا تعلم أن انتصارات المسلمين والعرب والمصريين فى رمضان معروفة للجميع بل وتحدث وتتراكم على مر السنين". فسارع 5 يونيو بالرد غاضبا :"لا تكمل. ألا تعرف أنى يوم النكسة، والهزيمة، وضياع المسجد الأقصى، وتشريد جيوش عدة دول عربية، فى الغرب يلقبونى باليوم الذى شهد نهاية حلم الوحدة العربية وسقوط رموزها وهزيمتهم". عندها رد 10 رمضان قائلا : "انتظر لا تجعل الخيلاء تصيبك ووهم العظمة يسيطر عليك. لنتحدث بواقعية" واستطرد قائلا : "لقد كنت يوم الاستثناء يا 5 يونيو وكان ذلك فى عام 1967 فقط. ألا تتذكر ما حدث لك بداية من ظهر يوم العاشر من رمضان عام 1973"؟! لقد نهض العرب عامة والمصريون تحديدا وعبروا قناة السويس وحققوا النصر ولم تفلح القوى العظمى وقتها فى قلب الموازين فظل المقاتل المصرى فى سيناء متمسكا بأرضه ولم ينسحب بل انسحب العدو سارق الأراضى". وهنا رد 5 يونيو بغضب : "لقد ذكرتنى بيوم أليم ولكن كلامك ليس كله سليم"! واستطرد قائلا : "فى يوم 5 يونيو 1967 كانت الهزيمة الكبرى ؛ لقد فقد العرب القدس والأقصى والجولان والضفة الغربية وغزة وسيناء وقناة السويس .. والأهم من ذلك فقدوا عزتهم وكرامتهم بل واتحادهم ووحدتهم وهو مصدر قوتهم". فرد 10 رمضان قائلا : " لا تقل أنك لم تلحظ اتحاد العرب وصحوة المصريين واهتمامهم بالعلم والعمل والتخطيط الدقيق والتدريب المكثف المركز حتى تحقق النصر فى عام 1973". وأضاف قائلا بسخرية : "إليك بحقيقة تحاول التغاضى عنها ونسيانها وإخفائها من الذاكرة. ألا تعلم أن الهزيمة الاستثنائية التى تتحدث عنها فى يومك عام 1967 قد تم محموها على يد المصريين وفى ذات يومك ياعزيزى". "أتريد أن تتناسى أن مصر أعادت فى يوم 5 يونيو 1975 افتتاح قناة السويس بعد أن كانت مغلقة منذ يومك المشئوم (5 يونيو1967)". فهيا نسترجع معا كيف تم "مسحك" من تاريخ المصريين. فقد تمت إعادة افتتاح قناة السويس فى 5 يونيو 1975 فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات بعد أن ظلت مغلقة لثمان سنوات كاملة أمام الملاحة العالمية. وكان هذا الحدث المشهود إيذانا بعودة الحياة إلى شريان من شرايين التنمية والخير والتعاون بين الدول بعد أن كان مقطوعا على يد الغزاة". فرد 5 يونيو : "إنك تتحدث وكأن كل الناس يحتفلون بإعادة افتتاح قناة السويس ألا ترى جيش الكتاب والشخصيات العامة التى تتمسك بإحياء ذكرى الهزيمة والنكسة ؟!" وهنا رد عليه 10 رمضان بقوة قائلا : "قد يكون هناك من يتمسك بتذكير الناس بالنكسة ولكن ذلك يقوى من عزائم البشر ؛ فالناس تتعلم وتتذكر ما تعرضت له من كبوات حتى تتلافى تكرارها، وهذا لا ينفى الواقع فقد تم محوك يا 5 يونيو مرتين على يد المصريين. المرة الأولى فى 10 رمضان ، أكتوبر عام 1973، والثانية فى 5 يونيو 1975". وهنا رد 5 يونيو صارخا وقد انتابته حالة من الغل والغضب:"حسنا لقد انتصرت مصر وانتصر الشعب المصرى وجيشه، ولكن الباقون لم يفعلوا ذلك حتى الآن. فالقدس والضفة الغربية والجولان فى يدى ولا أمل لهم فى يوم جديد بعد شمس 5 يونيو 1967". وعندها رد 10 رمضان بهدوء الواثق قائلا : "عندك كل الحق فى الغضب فأنت تدرك أن معركتك خاسرة إن عاجلا أو آجلا. لقد انتصرت مصر ومحت ذكراك من قاموسها بينما عجز آخرون ولكن لا تنسَ أن السوريين والعراقيين انتصروا فى 10 رمضان، واللبنانيون حققوا نصرا فى وقت لاحق. حقا الطريق مازال طويلا للقضاء عليك يا 5 يونيو ولكن إدراك تلك الحقيقة والسير فى طريق القضاء عليك وعلى ذكراك السيئة المسيئة يعنى أن نهايتك من التاريخ قادمة لا محالة. فما حدث لك فى مصر سيحدث لك فى باقى الدول العربية وأنت تدرك ذلك وكذلك يدرك صانعوك الذين يحاولون جاهدين تذكير العالم بك. ولكن طالما عرف الأشقاء العرب الطريق الذى شقه المصريون للقضاء عليك فالأمر أصبح مسألة وقت، مع قدر من العزيمة والإصرار والاتحاد، ولم يعد ضربا من المستحيل". عندها أشاح 5 يونيو بوجهه القبيح منسحبا من أمام 10 رمضان وهو يزعق قائلا :"إذا كنت أنا 5 يونيو قد تعرضت للهزيمة ثم المحو على يد المصريين فهناك أيام عديدة غيرى تحاول وتنجح فى تحقيق ما فشلت فيه ولكم فى أيام سوريا والعراق واليمن وليبيا والصومال ولبنان عبرة". وعندها وقف العاشر من رمضان قائلا فى تحد واضح : "طالما شق المصريون الطريق إلى هزيمتك وهزيمة باقى الأيام الكئيبة المتحالفة معك فسرعان ما سيدرك باقى الأشقاء العرب الأمر وستحيق بك وبباقى الأيام المتحالفة معك الهزيمة القاسية". لمزيد من مقالات طارق الشيخ;