تقدمت العلوم تقدما مذهلا فى كل المجالات، وحقق العلماء فى السنوات الأخيرة إنجازات أقرب إلى المعجزات ولكنهم لم يصلوا الى تفسير لغز الحياة وفهم اللحظة التى تدب فيها الحياة فى الجنين وهو فى جسم لا حياة فيه، وعلماء الحياة (البيولوجى) يعتبرون جسم الكائن الحى بالنسبة جهازا معقدا بدرجة مذهلة، وكل ما عرفوه حتى الآن أن هذا الجسم يستهلك نفسه باستمرار منذ اللحظة التى تدب فيه الحياة، وفى نفس الوقت فإن فيه قدرة عظيمة على أن يرمم التآكل الذى يحدث فى خلاياه وأخيرا اكتشفوا أن الصيام يؤخر استهلاك خلايا الجسم ويؤخر الشيخوخة. ففى كل ثانية من حياة الإنسان يستهلك جسمه ما بين مليونين إلى ثلاثة ملايين خلية دموية، وما يتم استهلاكه من الدم يذهب إلى الطحال ليهدمه لكى يتخلص الجسم منه بينما تعمل مولدات لإنتاج كرات الدم الجديدة فى النخاع وتدفع إلى الدم أعدادا هائلة من هذه الخلايا لتعويض وتجديد ما فقده الجسم. وجسم الإنسان البالغ فيه ألف مليون خلية حية، والخلايا المبطنة للأمعاء على سبيل المثال تستهلك وحدها عشرات الملايين من هذه الخلايا، والكبد والكليتان يستهلك كل منهما عشرات الملايين وهكذا بقية الأجزاء والأعضاء يتم تجديد خلاياها فيما عدا خلايا المخ والأعصاب لا يتم تعويضها. وهكذا تجرى داخل جسم الإنسان وكل الكائنات الحية عمليتان متناقضتان فى وقت واحد ففى حين يتم استهلاك آلاف الملايين من الخلايا كل يوم يتم تصنيع وبناء خلايا جديدة بآلاف الملايين أيضا، ويتوقف الأداء فى العمليتين على كفاءة الجسم ومدى سرعة أو تباطؤ الشيخوخة. ومعجزة الخالق تتجلى فى كل جزء من أجزاء الإنسان وغيره من الكائنات الحية وفى كل وظيفة من وظائفه حتى الخلية الجنسية البالغة الصغر ولا تراها العين المجردة فهى معجزة بالغة فيها كل الصفات الوراثية التى سيكون عليها الإنسان والكائنات الأخرى إذا حدث التلقيح والحمل، فى هذه الخلية غير المنظورة يتحدد طول الإنسان الذى سيولد منها، ولون شعره وعينيه وبشرته، وهل هو ذكر أو أنثى، وبصمات أصابعه، وشكل أسنانه، وأنفه، وعظامه، وتتحدد أيضا الأمراض الوراثية التى سيصاب بها وفى أى مرحلة من مراحل عمره.. كل خلية من هذه الخلايا فيها خريطة وراثية كاملة للمخلوق الجديد المحتمل. لمزيد من مقالات رجب البنا;