ليست مذبحة أقباط المنيا بأيدى إرهابيين تدربوا فى ليبيا هى وحدها ما استوجب توجيه ضربات جوية مصرية لأوكار الإرهابيين من أتباع داعش والقاعدة فى درنة والجفرة وغيرهما، وإنما هناك تاريخ وخطر دمويان مريعان لتلك الجماعات المتطرفة التى استغلت حالة الانقسام السياسى والفوضى الأمنية التى تعيشها جارتنا الغربية منذ الإطاحة بنظام حكم القذافى عام 2011 لتنفيذ أهدافها.فقد تحولت درنه شمال شرق البلاد إلى مركز تجميع للإرهابيين من مصر وغيرها، حيث يتم تدريبهم بواسطة قيادات من تنظيمى القاعدة وداعش وتوزيعهم على المناطق التى يريدونها بالداخل ودول الجوار، خاصةً مصر لتنفيذ عملياتهم الإرهابية بهدف إسقاط نظم الحكم وإقامة إمارات إسلامية وفقاً لتفسيرهم المتشدد والخاطيء لأحكام الشريعة السمحاء. وبمرور الوقت، وعجز القيادات السياسية الليبية عن مواجهتهم بل وتحالف بعضهم معهم للاستقواء بهم وعدم وجود جيش أوجهاز أمن فعال تحوّلت درنة إلى مرتع لتلك الجماعات لأسباب من بينها طبيعتها الجغرافية الجبلية التى وفرت لهم ملاذاً يحمى ظهورهم ومناخاً معتدلاً فضلاً عن انفتاحها على البحر مما سهل وصول الأتباع والأسلحة إليهم.ويتكون مجلس مجاهدى درنه الذى استهدفته مع آخرين الضربات الجوية المصرية والليبية من ميليشيات متطرفة مثل كتيبة شهداء بوسليم وكتيبة جيش الإسلام وعناصر من جماعة أنصار الشريعة التى أعلنت قبل أيام حل نفسها، وكلها تجتمع على هدف إقامة إمارة إسلامية فى ليبيا تحت حكم تنظيم القاعدة،وحتى وقوع الضربات الجوية كان المجلس يسيطر على مناطق واسعة فى المدينة واستخدم أفراده الكهوف الجبلية والوديان الواقعة بين الجبال المحيطة بها من ثلاث جهات للإقامة وتخزين السلاح. أما الجفرة الواقعة جنوب سرت، التى سبق أن استولى عليها الدواعش بالكامل لعدة شهور قبل أن تخرجهم منها قوات حكومة الوفاق المعترف بها دولياً بمساعدة خبراء أمريكيين وضربات جوية أمريكية، فقد تمركز فيها الإرهابيون من فلول داعش والقاعدة الذين أخرجتهم قوات حفتر من بنغازى وإجدابيا بالقوة وحوَّلوها إلى مقار للإقامة والتدريب وتخزين السلاح، خاصةً ما يُعرف بمنطقة الجبال السوداء جنوبها،وهى نفسها التى شهدت تشكيل سرايا الدفاع عن بنغازى فى يونيو 2016 من فلول مجلس شورى ثوار بنغازى ومجلس شورى ثوار إجدابيا ومجلس مجاهدى درنة وبقايا حرس المنشآت النفطية بهدف مهاجمة موانى تصدير البترول واستغلال عائدات بيعه فى تمويل نشاطاتها، فضلاً عن التصدى لأى تحرك لقوات حفتر نحو مدن الغرب الليبى وشن هجمات على خصومهم فى المدن الليبية الأخري.ومثلها تقريباً مدينة بنى وليد جنوب شرق طرابلس العاصمة حيث توفر جبالها الجنوبيةوالغربية حماية طبيعية لتحركات عناصر داعش الذين فروا من سرت فى الشمال ولعناصر متطرفة أخرى يجتمعون على هدف واحد هو تحويل ليبيا إلى إمارة إسلامية والانطلاق منها لشن عمليات إرهابية فى دول الجوار. وليست درنة والجفرة وبنى وليد هى وحدها التى يعيث فى أرضها المتطرفون والإرهابيون فساداً بل موجودون أيضاً فى حى الصابرى ببنغازى وجنوب سرت ومصراته والعاصمة طرابلس نفسها.كما تخفَّى عناصر داعش الفارون من سرت بين المواطنين فى مناطق أخرى واختلطوا بأهلها بعد أن حلقوا لحاهم وخلعوا جلابيبهم القصيرة وتحوَّلوا إلى خلايا نائمة يعقدون اجتماعاتهم ليلاً فى ضواحى طرابلسوجنوب سرت وبنى وليد والجنوب.أما نساء الدواعش الذين قُتلوا أو أُخرجوا من سرت فيشكلن خطراً كبيراً حيث يتنقلن بحرية ولا يُعرف لهن مكان ويحملن أفكاراً خطيرة وهُنَّ مدرَّبات على القتال وتفجير الأحزمة الناسفة وتجنيد الأتباع الجدد.ويزيد الأمر سوءاً ما ذكره موقع سايت الأمريكى المتخصص فى متابعة منشورات الجماعات الإرهابية عن أن قبائل كبيرة مثل القذاذفة وأولاد سليمان وورفله بايعت داعش،فإذا صح ذلك سيوفر للإرهابيين البيئة الحاضنة التى يحتاجونها للتخفى والتدريب والإعداد لهجماتهم الغادرة. فى ضوء هذا الوضع المتردى وعجز الحكومة الشرعية عن السيطرة على تلك الفوضى المتمثلة فى تنامى عدد المتطرفين ووجود ما يُقدَّر بنحو 1700 ميليشيا مسلحة وتكرار شن هجمات إرهابية انطلاقاً من الداخل الليبى كان لابد لمصر أن تتحرك للدفاع عن أرضها وأبناء شعبها، طالما أنه ليس هناك مَن يقوم بدفع أذاهم عنا، ونسَّقت القيادة المصرية مع القيادة الليبية التى تسيطر بالفعل على الشرق الليبى الواقع به درنة «خليفة حفتر» المدعوم من البرلمان الشرعى فى توجيه ضربات قاصمة لأوكارهم قتلت بالفعل الكثير من كبار قادتهم حتى لا يدّعى أحد أننا انتهكنا سيادة ليبيا.وهنا يجب دعم الحملة العسكرية التى بدأها الجيش الليبى فى الجنوب لتطهيره من الإرهابيين قبل أن يستفحلوا فيه واستغلال فرصة إمهال شيوخ وحكماء قبائل جنوبية ما يُسمى بالقوة الثالثة الموالية للسراج 72 ساعة للانسحاب من الجنوب بعد المذبحة التى ارتكبها أفرادها فى قاعدة براك الشاطيء وراح ضحيتها العشرات من العسكريين والمدنيين.فدول الغرب كل همّها منع وصول المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين إلى أراضيها ولن تهتم كثيراً بهجماتهم على دول الجوار،فلنأخذ زمام الأمر بأيدينا لحماية أرواحنا. لمزيد من مقالات عطية عيسوى