الدكتورة مفيدة إبراهيم عميد كلية الدراسات الإسلامية بنات جامعة الأزهر بدمنهور، هى واحدة من العالمات الأزهريات المتميزات فى مجال الدعوة ونشر الفكر المستنير بين بنات جنسها. لم لا وهن الأولى والأعلم ب «فقه» المرأة من الرجال؟ ترى ان الأم هى حائط الصد الأول ضد التطرف والإرهاب، وأن المرأة أقدر من الرجل على إصلاح الأسرة، وان المرأة الداعية لم تحظ بمكانتها اللائقة على ساحة الدعوة الإسلامية. وفى حوار مع « الأهرام» أكدت الدكتورة مفيدة إبراهيم، أن الانشغال بالمسلسلات والبرامج قد يُفسد العبادة فى رمضان. وطالبت المرأة بالتركيز فى العبادة ورعاية الأسرة، وتوعية الأبناء وتوجيههم من مخاطر الفكر المتطرف. .. وإلى نص الحوار: ما هى النصائح التى توجهينها للمرأة المسلمة فى هذا الشهر الكريم؟ رمضان موسم للطاعات، وينبغى على كل مسلم اغتنام أيامه ولياليه، وعلى المرأة المسلمة فى رمضان استحضار النية فى الصيام والقيام وتصحيح القصد، والتخلص من المنكرات، من كذب وغيبة ونميمة وفحش وتبرج واختلاط، وعقد العزم الصادق على أن يكون هذا الشهر من أعظم الشهور فى الحياة، والهمة العالية على تعمير رمضان بالأعمال الصالحة، وعدم تضييع أوقاته فيما لا يفيد، وهذا يتحقق بكثرة الذكر والاستغفار وتلاوة القرآن، وتنويع العبادات فى رمضان، ما بين صيام وقيام وقراءة القرآن وإنفاق الصدقات، لقوله صلى الله عليه وسلم «تصدقن يا معشر النساء»، وهذا يعنى ضرورة الحرص على رعاية الفقراء والمحتاجين والأيتام، سواء فى رمضان أو غيره من الشهور. وكذلك أنصح المرأة المسلمة بالبعد عن الملهيات والمجالس الطويلة الوقت والقليلة النفع، ومن الجود فى رمضان إطعام الصائمين، وعلى المرأة المسلمة أن تفطر صائما، فإن فى ذلك الأجر العظيم لقوله صلى الله عليه وسلم فى الحديث الشريف» من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء»، وأن تقوم المرأة بتدبير أمور المنزل، لأن الإسراف منهى عنه شرعا، وفى رمضان نجد نماذج واضحة للإسراف والتبذير، ولذلك على المرأة أن تحقق التوازن، لأنها مسئولة عن ذلك كما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فى الحديث الشريف «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته». وهل من الأفضل أن تذهب المرأة لصلاة التراويح فى المسجد، أم تصلى فى البيت؟ للمرأة أن تذهب إلى المسجد، لتؤدى فيه الصلوات، ومنها صلاة التراويح، غير أن صلاتها فى بيتها أفضل، لقول النبى الكريم صلى الله عليه وسلم فى الحديث الشريف:«لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن»، وعلى المرأة إذا أرادت الخروج إلى المسجد، أن تكون مُحتشمة، ولا تصطحب الأطفال الذين لا يصبرون على انشغالها عنهم بالصلاة، فيؤذون بقية المصلين بالبكاء والصراخ، وضرورة تفريغ الأوقات للعبادة قدر المستطاع، وينبغى أن يكون للمرأة ورد يومى من تلاوة القرآن الكريم، لحياة القلب وتزكية النفس وخشوع الجوارح، لأن رمضان هو شهر القرآن الكريم. وكيف ترين الدعوة النسائية فى رمضان؟ الفترة الأخيرة شهدت اهتماما بالدعوة النسائية، وعلى الرغم من التركيز فى الآونة الأخيرة على ضرورة تكثيف الدعوة النسائية، من خلال كوادر دعوية من فتيات الأزهر، فإن شهر رمضان يحتاج بالفعل لجهود كبيرة فى هذا المجال، من خلال الداعيات الأزهريات، للقيام بتوعية النساء فى المساجد، لأن طبيعة الدراسة والتخصص فى العلوم الشرعية والعربية تؤهلهن للقيام بهذه المهمة، وأرى أن الأمر سيصبح أفضل مما كان، وستأخذ الدعوة النسائية مسارها الطبيعي، لأنه من واقع التجربة، المرأة أقدر من الرجل على إصلاح الأسرة، وحينما نقارن دورها بالرجل فى إصلاح المعوج، نجده أكثر أثرا، ولذلك يجب أن نعطى الفرصة للأزهريات، للقيام بمهمة الدعوة بين النساء فى المساجد، وذلك لبيان الحقوق والواجبات لكل من الزوج والزوجة، للحفاظ على الأسرة المسلمة، والحد من ظاهرة الطلاق، وغيرها من القضايا التى تهم المرأة والأسرة المسلمة. كثير من السيدات ينشغلن بالمسلسلات والتسوق فى هذا الشهر، كيف نواجه هذه الظاهرة؟ يتسابق المنتجون فى رمضان لعرض أحدث الأعمال التليفزيونية، من المسلسلات والبرامج الترفيهية بكثرة مبالغ فيها، أما البرامج والمسلسلات الدينية، فتكاد تكون شبه منعدمة، فى ظل هذا العمل الإعلامى الضخم الذى يجمع ما بين البلطجة والدعارة وتجارة المخدرات، ويتضمن أفظع الألفاظ، التى تؤدى لانحدار الذوق العام، وتراجع القيم والأخلاق، ولذلك أنصح المرأة المسلمة بضرورة التركيز فى العبادة، وتنظيم الوقت ما بين أمور العمل والبيت والعبادة، لأن رمضان موسم للطاعات، والنبى الكريم صلى الله عليه وسلم يقول فى الحديث الشريف» من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه «، فعلى كل مسلم فى هذا الشهر المبارك، تفريغ الأوقات للعبادة، مع تنوع العبادات، وتجنب الملهيات الإعلامية قدر المستطاع . وماذا عن دور الإعلام الدينى فى ظل طوفان البرامج والمسلسلات؟ المؤكد أن البرامج الدينية تلعب دورا كبيرا فى التوعية، لكن من المهم أن يتم استضافة العلماء المتخصصين، وذلك لغرس القيم والمفاهيم، والتركيز على القضايا التى تهم الوطن، والبعد عن القضايا التى تثير جدلا فى المجتمع، وأن تعتمد هذه البرامج على الموعظة الحسنة، للتوعية بقضايا الأسرة والحقوق والواجبات للزوج والزوجة، وكذلك تناول أحكام الصيام، والنصائح التى يقدمها العلماء للصائمين، ومن المهم أن تكون هذه البرامج فى أوقات مناسبة، وذلك حتى يكون لها تأثير فعال فى نشر الثقافة الإسلامية وتصحيح المفاهيم، لأنه فى ظل الكم الكبير من الإنتاج الإعلامى من مسلسلات وبرامج وغيرها، يجب أن تكون هناك برامج دينية قوية، لأن رمضان هو شهر عبادة وذكر، ومن غير المقبول أن يكون موسما للمسلسلات والبرامج التى تعتمد على الإثارة لجذب المشاهدين. بعض الأسر تغالى فى المهور والمتطلبات التى ترهق المقبلين على الزواج، كيف نوضح منهج الإسلام فى التيسير فى الزواج؟ ظاهرة غلاء المهور فرضتها العادات والتقاليد، وللأسف يدفع ثمنها الشباب، فنرى البنات تتعنس ولا نبالي، ونرى شبابنا يضيع ولا نكترث، ونقف أمام شرع الله مكتوفى الأيدي، نخشى الناس ولا نخشى الله عز وجل، فقد حثنا الدين على الزواج وإكمال نصف الدين، وحفظ النفس من النزوات والانحراف، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الحديث الشريف «من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء»، وقد نهى أيضا عن المغالاة فى المهور، بقوله صلى الله عليه وسلم «التمس ولو خاتما من حديد»، فتيسير الزواج من شأنه حماية الشباب من الانحراف والوقوع فى المعصية، ولابد من التصدى بكل قوة لهذه العادات السيئة، وإقامة حملات للتوعية بمخاطر هذه العادات ودورها الهدام، وعلى أولياء الأمور الأخذ بتعاليم الإسلام فى بناء الأسرة.