الدكتورة سعاد صالح أستاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر واحدة من الدعاة التي يكثر حولها الجدل بفضل آرائها الجريئة وقضاياها المثيرة التى تطرحها.. لا تقل أهمية عن دور الرجال فى الدعوة إلى الدين وربما قد يزيد. حول رأى الدين والشريعة فى أهم القضايا التى نشهدها على الساحة، ورأيها فى كيفية استثمار شهر الحسنات.. يدور هذا الحوار. ما واجب العلماء والدعاة خلال هذا الشهر؟ - واجب العلماء والدعاة فى هذا الشهر عظيم أولاً أن يكونوا قدوة فى عبادتهم وفى صيامهم وفى تلاوتهم القرآن وفى قيام الليل وفى الزكاة، كما كان السلف الصالح رضوان الله عليهم حتى إن بعضهم كان يوقف دروس الحديث كالإمام مالك ويتفرغ للقرآن ثم أيضاً واجب عليهم، فالنفوس مهيأة فى هذا بث الدعوة والعلم فهى فرصة ثمينة جداً خاصة فى صلوات التراويح الشهر لقبول الخير فعليهم أن يستثمروا ذلك ببث العلم والدعوة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وذكر محاسن الأخلاق واختيار الأوقات المناسبة للكلمات كوقت العصر مثلاً أو وقت التراويح مما يجعل لهم قبولاً عند الناس وقبولاً لدعوتهم فعليهم أن يستثمروا هذه الفرصة وهناك من يقول أليس بعض السلف يوقفون دروس الحديث فى رمضان للتفرغ للقرآن فكيف نبث العلم أو الدعوة فى هذا الشهر أقول إذا كنت يا أخى الكريم أيها العالم أو ياطالب العالم محافظاً على وقتك وليس لديك من وقتك أى وقت إلا للقرآن فتفرغ له، ولكن أن تضيع كثير من أوقاتنا ولو فى المباح ثم نحتج بهذا الأثر فنقول لا أعطوا القرآن نصيبه من التلاوة والتدبر وأعطوا العلم نصيبه ونفع الناس مطلوب فى هذا الشهر العظيم، فالعلماء عليهم مسئولية كبرى ليس فى رمضان فحسب وكذلك الدعاة لكن تزداد المسئولية فى رمضان استثماراً لهذه الفرصة ولقبول الناس واستعدادهم وفقه الأولويات مطلوب دائماً وفى كل وقت. ماذا تقول للشباب فى شهر رمضان؟ - أقول للشباب أنتم ثروة من أعظم ثروات الأمة وأمتنا الآن مستهدفة فى عقيدتها ودينها وبلادها ومن أكبر من توجه لهم معاول الهدم هم الشباب فوالله أن تمكنوا أعداءكم من أنفسكم فاتقوا الله جل وعلا وأروا الله من أنفسكم خيراً بالتسلح بالعلم والتربية والتقوى لمواجهة أعداء الله فى كل مجاله وحذار من إضاعة الأوقات من قيل والقال أو فى المتنزهات أو فى المقاهى مع أننا والحمدلله نرى من كثير من شبابنا ما يسر نراهم من أول من يبادر إلى الصفوف الأولى ومن يحافظ على الصلوات فى أوقاتها نرى منهم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر نرى منهم إحياء سنّة الاعتكاف فالله أيها الشباب أروا الله جل وعلا من أنفسكم خيراً والتفوا حول علمائكم واحرصوا على استثمار كل دقيقة فى هذا الشهر الكريم بما ينفعكم فى العاجل والآجل. كيف تحول رمضان فى نظر البعض إلى شهر مسلسلات ومشاهد غير لائقة؟ - بعض وسائل الإعلام بكل أسف خاصة بعض القنوات الفضائية جعلت هذا الشهر ميداناً لعرض ما حرّم الله جل وعلا من المسلسلات التى تخل بالسلوك والقيم والأخلاق بل وتستهزئ بالعلماء والدعاة والصالحين فى هذا الشهر الكريم، فبدل أن يكون الشهر خالصاً للعبادة وقراءة القرآن جعلوه وقتاً تحشد فيه هذه المسلسلات خاصة فى الليل الذى هو وقت الصلاة وصلة الأرحام ونفع الناس، وأقول لهؤلاء القائمين على بعض وسائل الإعلام اتقوا الله عز وجل واتقوا الله فيما تفعلون فأنتم محاسبون عن أعمالكم وعن إضلال الأمة وإضاعة أوقاتها فى المحرّمات وأقول للناس اتقوا الله فلا تقضوا هذا الشهر فى النظر إلى ما حرّم الله وإضاعة الأوقات فيما يغضب الله جل وعلا. ما النصيحة التى تودين توجيهها للمرأة الداعية لاغتنام هذا الشهر؟ - لاشك أن دور المرأة فى دعوة بنات جنسها أفضل من دعوة الرجال لها، ومن هنا كان لابد للمرأة الداعية أن يكون لها مشاريع متجددة ودورات مستمرة للاستفادة من الدعوة وتطوير أداءها وأسلوبها، ولعلى استحضر بعض الأفكار التى يمكن للمرأة الداعية من اغتنام هذا الشهر المبارك فأجملها ببعض النقاط التالية، بداية لا تنسى نفسها من الدعوة فتذكر نفسها دائماً بطاعة الله عز وجل والتزام أمره والتزام سنّة نبيه صلى الله عليه وسلم وطاعة زوجها وحسن تربيتها لأولادها. وضع لوحة حائط فى البيت ومصلى النساء فى المساجد والتجديد فيها والقيام بالزيارات الأخوية الدعوية للأقارب والجيران والانتباه لسارق الوقت «الإنترنت» فى شهر رمضان المبارك، تفعيل دور رب الأسرة فى توعية أهل بيته وإعداد برنامج دعوى لهم مع ضرورة الحفاظ على جو السعادة وفتح مجال للأبناء بإبداء آرائهم وتصحيحها لهم بهدوء، وحث النساء على جمع التبرعات المادية وذلك بالتنسيق مع الجهات الخيرية وإعادة توزيعها على الفقراء والمحتاجين وضرورة تذكير النساء بالدعاء لأبنائهم بالهداية والاستقامة. هل تسعى الدكتورة سعاد صالح لأن تكون شيخ الأزهر.. وما رأى الدين فى تولى المرأة رئاسة الدولة أو الأعمال القيادية فى المجتمع؟ - أنا لا أسعى إلى تولى هذا المنصب على الإطلاق ولم أسع من قبل لكن هذا لا يبرر أن الدين يحرِّم ذلك بل إن الدين يجيزه كما أنه يجيز تولى المرأة لقيادة الدولة فى عصرنا هذا، ولما قد اشترط الفقهاء الذكورية فى تولى القيادة فإنما كان المقصود بها تعيين خليفة واحد للمسلمين أو الإمامة العامة وقد انقرض ذلك منذ انتهاء الخلافة العثمانية ووجود الأنظمة والدلو من هنا لو توافرت الشروط والكفاءة فى المرأة واختارها الشعب فلا مانع فى ذلك بشرط التزامها بالدستور، ولا أظن أن ذلك سيكون فى مجتمعاتنا لأنه مجتمع ذكورى ولا يوجد هذا فى عاداتنا وتقاليدنا وهو ما يصعب تحقيقه فى هذا الوقت.