واصل الإعلام الغربى اهتمامه بالشأن المصرى خلال الفترة الماضية، مع التركيز على الأخبار السلبية، كما جرت العادة. فقد انفردت وكالة «أسوشيتدبرس» للأنباء بتقديم عرض مغرض ومطول لسوء الأوضاع الأمنية فى منطقة شمال سيناء، بما يعكس خضوع تلك المنطقة بالكامل لسيطرة الجماعات الإرهابية. كما اهتمت هيئة الإذاعة البريطانية «بي. بي. سي» وشبكة «سي.إن .إن» الإخبارية الأمريكية بتصريحات المرشح الرئاسى السابق حمدين صباحى التى دعا فيها إلى ضرورة تأسيس «جبهة وطنية» قادرة على المشاركة بمرشح عنها فى الانتخابات الرئاسية القادمة. كما ركزت «بي. بي. سي» تحديدا على واقعة انتحار السائحة البولندية فى منتجع مرسى علم، مع إفراط الشبكة فى تناول مزاعم البعض بشأن سابق تعرضها للاغتصاب. وركزت «سي. إن. إن» من جانبها على الترويج لما يسمى ب»أهرامات السودان» وجهود جهات بريطانية لتنظيم رحلات سياحية إليها. أما وكالة «رويترز» للأنباء، فقد اهتمت بإبراز أنباء ارتفاع مؤشرات التضخم فى الأسواق المصرية، مع تكرار التقييمات السلبية للوكالة بشأن الأوضاع المعيشية فى مصر. وعلى الرغم من ذلك، فإن النقطة الإيجابية الوحيدة فى تغطية «رويترز» للشأن المصرى هى اعتراف الوكالة للمرة الأولى فى تقرير بثته يوم 6 مايو 2017 بوجود فارق أو اختلاف بين حركتى «حسم» و»لواء الثورة» من جانب، وهما جماعتان تابعتان لجماعة الإخوان الإرهابية، وبين تنظيم داعش الإرهابى من جانب آخر، حيث ذكر التقرير أن «حسم» كانت قد أعلنت مسئوليتها عن هجوم استشهد فيه ثلاثة من أفراد الشرطة فى القاهرة، وأضاف أن المعلومات المتوافرة عن هذه الحركة مازالت «محدودة»، وذلك على الرغم من أنها أعلنت مسئوليتها عن مجموعة من الهجمات التى وقعت فى العام الماضي. وأشارت الوكالة نفسها إلى أنه «بغض النظر عن الهجمات التى تعلن حركة حسم مسئوليتها عنها، فإن مصر تواجه أيضا تمردا تقوم به جماعة منتسبة لتنظيم داعش، سواء فى سيناء أو القاهرة أو المدن الأخرى، حيث قتلت التفجيرات التى استهدفت الكنائس ما يزيد على 70 شخصا منذ شهر ديسمبر الماضي»، مع الوضع فى الاعتبار أن هذا التقرير تم بثه بطبيعة الحال قبل عملية المنيا الإرهابية. وتعنى الجملة الأخيرة من الوكالة اعترافا بأن حركة حسم هى التى تقوم بالأعمال الإرهابية التى تقع خارج شمال سيناء، بعد أن كانت تصر قبل ذلك على أن تنظيم داعش هو المسئول عنها، وليست جماعة الإخوان والحركات التابعة لها مثل «حسم». أما وكالة أسوشيتدبرس فتصر على تصوير منطقة شمال سيناء على أنها منطقة معارك وأعمال وحشية، فقد اهتمت فى تقرير لها يوم 12 مايو 2017 بإعلان تنظيم داعش مسئوليته عن الهجوم الدموى الذى استهدف رجال القبائل المتعاونة مع السلطات فى المنطقة الشمالية من سيناء، كما كانت الوكالة نفسها قد بثت فى تقرير سابق يوم 6 مايو ما يفيد بالعثور على جثث بدون رءوس فى رفح فيما وصفته بأنه أحدث عمل وحشي، وذلك فى محاولة لتصوير شمال سيناء على أنها «سوريا» أخرى! والغريب هنا أن وكالتي «أسوشيتدبرس» و«رويترز» تبديان اهتماما شديدا بتفاصيل العمليات الإرهابية التى ينفذها المسلحون فى شمال سيناء، وهذا أمر طبيعي، ولكن من غير الطبيعى هو التجاهل المستمر أو التقليل الدائم من حجم العمليات الأمنية التى تقوم بها السلطات فى شمال سيناء، رغم صدور بيانات عسكرية وأمنية عديدة تؤكد السيطرة على الموقف إجمالا رغم العمليات المتناثرة بين الحين والآخر. وإذا كان من حق الوسائل الإعلامية الغربية بث ما تريده عن أحداث تقع فى مصر، حتى وإن كانت سلبية، فإننا نتساءل : «أليس فى مصر أى حدث آخر بخلاف هذه الأخبار السوداء»؟ و»أليس من الممكن عرض البيانات والتصريحات الرسمية بصحبة الأخبار الرئيسية لمعرفة المعلومة الصحيحة، بدلا من تقديمها دائما من وجهة نظر واحدة، هى وجهة النظر المعادية للدولة المصرية»؟ وهل يحدث هذا الانحياز و»التلوين» فى تناول الشأن التركى أو القطرى مثلا؟ وهل يعقل أن يتم التركيز إعلاميا فى حادث مانشستر الإرهابى مثلا على بيانات إعلان المسئولية عن الحادث، دون الاهتمام بنقل ما تقوله السلطات البريطانية عن هذا الموضوع؟!