سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
السفير محمد إدريس مساعد وزير الخارجية للشئون الإفريقية ل « الأهرام»: العلاقات مع إفريقيا تسير فى الاتجاه الصحيح ومصر تمثل القارة فى العديد من المحافل الدولية
«اتمنى أن يكون اهتمامنا بإفريقيا اهتماما دائما وليس موسميا وأن يكون استحضارنا ليوم إفريقيا هو استحضار لجوهر العمل المتصل من أجل تحقيق حلم الآباء المؤسسين، بقارة إِفريقية مستقلة ومستقرة سياسيا وقادرة اقتصاديا لتحقق مستقبلا أفضل لأجيالها القادمة، والاستفادة من الميزة الديمجوجرافية للقارة المتمثّلة فى أن أغلب سكانها من الشباب فى تحقيق التنمية المستدامة للقارة الإفريقية« ، بهذه العبارة بدأ السفير محمد إدريس مساعد وزير الخارجية للشئون الإفريقية حواره مع الأهرام، كما أكد أكثر من مرة خلال الحوار على أهمية الإعلام فى بناء علاقات إيجابية مع الطرف الآخر ودوره المؤثر فى هدم الجسور أو بنائها، وقال نتطلع دائما أن يكون الإعلام المصرى بناءً للجسور ويعكس صورة إيجابية تليق بمصر فى قارتها، ومدركا للعمق الإفريقى فى مصر و أهمية الانتماء والهوية الإفريقية لها ومدى حيوية كل ذلك لمصالحنا الوطنية ودورنا الإقليمى ولمستقبل أفضل للقارة الإفريقية فى قلبها مصر. كما تناول خلال الحوار العلاقات التاريخية المصرية مع القارة وتطورها، وما يتضمن ذلك من ملفات ذات اهتمام مشترك وآلية التنسيق مع أشقائنا فى الدول الإفريقية المختلفة. وفيما يلى نص الحوار: هل يمكن أن ترسم لنا ملامح العلاقات المصرية الإفريقية بشكل عام وتطورها ورؤية مصر خلال مسيرة 55 عاما من العمل الإفريقى؟ ونحن نتحرك فى علاقتنا الإفريقية من خلال ثلاث مسارات رئيسية : أولا ، التحرك من الملف الواحد إلى الملفات المتعددة، علاقتنا بالقارة الإفريقية لا يمكن أن نختزلها فقط فى ملف المياه، هذا الملف مهم وحيوى ولكن فى إطار منظومة متكاملة للعلاقات، فالعلاقات لها أبعاد اجتماعية واقتصادية واستثمارية، والعلاقات بين الشعوب، وفاعليات المجتمع المدنى ، والعلاقات البرلمانيةوالثقافية والأكاديمية، هناك مكونات عديدة للعلاقات ورؤية وزارة الخارجية قائمة على تفعيلها جميعا. المسار الثانى، أن نتحرك من الدور التاريخى إلى الدور المستقبلى ، مصر كان لها دورها فى تحرر واستقلال القارة ولكن يجب ان نعنى الآن بالدور المستقبلى وهو أن نكون شريكا فى التحديات الحاضرة وهى عديدة، وجوهرها تحقيق التنمية على جميع المحاور فى القارة الإفريقية. البعد الثالث، هو التحرك فى منظومة متكاملة من الأداء الوطنى، فقضية العلاقات مع القارة الإفريقية ليست معنية بها فقط وزارة الخارجية أو سفاراتنا فى الخارج، فهى قضية وطنية جامعة يجب أن تتضافر جميع الجهود من أجل دفعها إلى الأمام، وبالتالى تحرص وزارة الخارجية على أن تنسق وتتفاعل مع جميع الأطراف الرسمية وغير الرسمية من أجل تفعيل علاقتنا بإفريقيا . فما هو تقييمك للعمل الإفريقى المشترك تحت مسمى منظمة الوحدة الإفريقية ثم تحت مسمى الاتحاد الإفريقى ؟ التطور الذى حدث مع تحول منظمة الوحدة الإفريقية الى الاتحاد الإفريقى عام 2002 يعكس تطور الأجندة الدولية، فمنظمة الوحدة الإفريقية كان التحدى الأساسى الذى يواجهها هو التحرر من الاستعمار وتحقيق الاستقلال الوطنى وبالتالى أجهزتها وآلية عملها كانت تتحرك فى هذا الإطار، وهو الحشد لاستقلال القارة وتحررها. مع التحول للاتحاد الإفريقى، أجندة عمل البيت الإفريقية اتسعت وأضيفت اليها جوانب متعددة منها القضايا المتعلقة بالتنمية الاقتصادية والشباب والتجارة والمرأة وحقوق الإنسان والتطور السياسى والطاقة والبيئة. كل هذه القضايا أصبحت تحتل مكانا مهما على الساحة الدولية، بالتالى أصبحت أيضا ذات أهمية للقارة الإفريقية. ما هى المجالات التى ترى أن التعاون فيها مع الدول الإفريقية يرقى إلى المستوى المطلوب وما هى المجالات التى تحتاج إلى دعم؟ بداية العلاقات السياسية تسير بشكل متنامى مطرد، ولكنها يجب أن تتكامل مع علاقات أخرى، لذلك البعد الإقتصادى والبعد التنموى مهم، ومن أجل تحقيق ذلك أنشأت وزارة الخارجية فى يوليو 2014 الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية لتعزيز التعاون مع الدول الإفريقية وتقديم الدعم فى المشروعات التنموية وبناء القدرات. هناك أيضا مجال حفظ وبناء السلام لذلك يقوم مركز القارة الإقليمى للتدريب على عمليات حفظ السلام وتسوية المنازعات بدور أيضا هام فى تأهيل وتدريب الكوادر الإفريقية فيما يتعلق بحفظ السلام، و عقد ورش عمل حول القضايا ذات الأهمية للقارة الإفريقية ومنها قضايا التطرّف والإرهاب والتحديات التى تواجه السلم والأمن فى مناطق عديدة من القارة مثل منطقة البحيرات العظمى. إلى جانب تشجيع القطاع الخاص المصرى على الاستثمار والتعاون الإقتصادى مع دول القارة الإفريقية ، ويعتبر أن مجال التعاون التنموى والاقتصادى والتجارى هو أمر مهم ويحمل أفاق كبيرة واعدة ومعدلات التجارة مع القارة الإفريقية ارتفعت خلال الفترة الماضية وهناك العديد من رجال الأعمال المصريين أصبح توجههم توجها إفريقيا، وبالتالى اعتقد أن البعد الإقتصادى والاستثمارى والتجارى يحمل آفاقا كبيرة للتعاون. اما المجالات التى تحتاج إلى مزيد من الدعم فهى مجال الصحة والتعليم، هذه أمور تمثل أولوية للأشقاء الأفارقة ويجب أن نزيد من تعاوننا فيها، بالطبع يجب أن نضع فى الاعتبار أن هذا التعاون يستلزم إمكانات كبيرة ونحن فى فترة نواجه فيها تحديات أيضا اقتصادية على الصعيد الداخلي، وهذا بالطبع يُحد من إمكانية التوسع فى تقديم مثل هذه الخدمات أو زيادة مساحة التعاون ولكن أرى انه من المهم أن نعطى أولوية كبيرة للتعاون مع القارة الإفريقية لأن هذا التعاون يعد استثمارا للمستقبل يؤتى ثماره وله مردوده. كيف تقيم التعاون الاقتصادى بين الدول الإفريقية فيما يتعلق بدعم التجارة البينية واتفاقيتى الكوميسا والسادك؟ هناك ادراك لضعف حجم التجارة البينية بين الدول الإفريقية، حجم التجارة الإفريقية يتراوح بين 12 الى 13٪ فى حين أن التجارة البينية بين الدول الأوروبية تتجاوز 60٪. وبالتالى هناك قصور فى حجم التجارة البينية وهناك محاولات لتدارك ذلك وزيادة حجم التجارة ومصر لها دورها فى ذلك، فمصر استضافت مؤتمر التجارة والاستثمار فى إفريقيا فى فبراير عام 2016، واستضافت مؤتمر التكتلات الاقتصادية الثلاث ( الكوميساوالسادك والجنوب الإفريقى والشرق الإفريقى)فى يونيو عام 2015، بهدف إنشاء منطقة تجارة حرة بين هذه التكتلات الثلاث الكبرى ، فمن جانبها تعمل مصر على زيادة حجم التجارة البينية بين الدول الإفريقية ، وهناك اتفاقية تجارة حرة إِفريقية كبرى يجرى التفاوض بشأنها الآن فى إطار الاتحاد الإفريقى وتشارك مصر بفاعلية فى هذه المفاوضات، وندفع من أجل أن ينتهى التفاوض بشأنها قريبا فهناك بالطبع تحديات امام التجارة البينية تحتاج الى عمل إفريقى مشترك لتجاوزها وبالتأكيد اعتماد القارة على مواردها وعلى قدراتها يحقق مصلحة لها أكثر من اعتمادها على أطراف خارج القارة الإفريقية. ما هى تطورات الموقف الإفريقى تجاه قضية إصلاح مجلس الأمن المتعلقة بتخصيص مقعدين دائمين لإفريقيا ، وأين وصل التنسيق بين الدول الإفريقية فيما يخص هذا الموضوع؟ مصر ترى قضية مجلس الأمن من منظور إصلاح منظومة العمل الدولى ككل، فالأمم المتحدة التى نشأت فى الأربعينيات من هذا القرن كانت تتعامل مع واقع تغير كثيرا عن القرن الواحد والعشرين وبالتالى هناك متغيرات يجب أخذها فى الاعتبار . من هذه المتغيرات دور القارة الإفريقية فى صنع القرار الدولى وبالتالى تتمسك مصر بالموقف الإفريقى الموحد الذى تم صياغته بما يعرف بتوافق إيزولوينى ( مقاطعة فى مملكة سوازيلاند) عقد فيها اجتماع تمخض عن موقف افريقى موحد، يقوم على ضرورة رفع الظلم التاريخى الذى لحق بالقارة الإفريقية وهذا يستلزم أن يكون للقارة مقعدان دائمان على الأقل فى مجلس الأمن الدولى. وشكلت فى الاتحاد الإفريقى لجنة سُميت بلجنة العشرة يوجد بها ممثلان لكل إقليم من الأقاليم الجغرافية الخمسة الإفريقية، ويمثل إقليم الشمال فيها الجزائر وليبيا وينسق ممثلو الأقاليم فيما بينهم، ولجنة العشرة يرأسها رئيس دولة سيراليون . وبالطبع مصر لها دور جوهرى فى صياغة توافق إيزولوينى وفى دعم اعمال لجنة العشرة وفى الحفاظ على الموقف الإفريقى الموحدالذى يقوم على المطالبة بمقعدين دائمين على الأقل للقارة الإفريقية فى مجلس الأمن. والمفاوضات بالطبع حول هذا الأمر تجرى فى إطار الاممالمتحدة، ووفد مصر فى نيويورك يتابع عن كثب ويشارك بفاعلية فى هذه المفاوضات وهى لم تصل حتى الآن إلى مرحلة الاتفاق لأن هناك أطراف دولية عديدة ذات مصالح ورؤى متباينة لكيفية إصلاح وتوسيع مجلس الأمن، وبالتالى لم تفض هذه المفاوضات فى إطار الاممالمتحدة الى اتفاق بشأن صيغة اصلاح وتوسيع مجلس الأمن ولكن الموقف المصرى هو التأكيد على ثوابت الموقف الإفريقى الموحد.