1000 يوم مرت على بداية ضربات التحالف الدولى بقيادة الولاياتالمتحدة لتنظيم داعش الإرهابى فى سورياوالعراق، و100 يوم مرت على تنصيب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وحديثه عن إنجازات ليس من بينها استراتيجية واضحة تجاه مكافحة الإرهاب، وتحديدا القضاء على تنظيم داعش الإرهابي، التى وعد بها خلال 30 يوما من رئاسته. «لا أريد إعلان خططى للعدو»، كرر ترامب هذه الجملة أكثر من مرة منذ حملته الانتخابية حتى دخوله البيت الأبيض، واستخدامها مرة بسؤاله عن خططه لمحاربة داعش، ومرة أخرى عن خططه حيال كوريا الشمالية. الرئيس الأمريكى أكد أنه «لا يريد رسم خطوط حمراء فى الرمال» مثلما فعل سلفه باراك أوباما. وبهذا المعنى، غيرت الولاياتالمتحدة من أولوياتها، فقد أصبحت كوريا الشمالية والرئيس السورى بشار الأسد هما الهدف الجديد بدلا من داعش، ويرى ترامب أن إعلان الخطط والاستراتيجيات هى السبب وراء فشل أوباما وخطوطه الحمراء، وأن أحد أسباب استمرار معركة الموصل أن داعش أو «العدو كان على علم بقدومهم». وفى هذا ظل ادعاء وجود استراتيجية أمريكية لمواجهة الإرهاب، فإن الإرهابيين لديهم خطط معلنة، بداية من استخدام «الذئاب الوحيدة» لشن هجمات فى الغرب، أو تجنيد التكفيريين المحليين والأجانب، أو استقدام الدعم من دول راعية للإرهاب، إلى إعلان خلافتهم.. وأخيرا خطة العودة إلى الجذور. فداعش خرجت من رحم القاعدة التى بدورها خرجت من رحم جماعة الإخوان الإرهابية، وخطة هذه التنظيمات الإرهابية من أجل البقاء تتمثل فى «الاندماج» بعد ظهور سلسلة من الفروع التى تشعبت فى كثير من الدول سواء كانت تحمل اسم داعش أو جبهة الشام أو بوكو حرام أو القاعدة فى اليمن. وفى مؤتمر موسكو السادس للأمن الذى عقد نهاية أبريل الماضي، تعالت التحذيرات من هذا «الاندماج الظلامي» حيث حذر فاليرى سيميوريكوف القائم بأعمال أمين عام منظمة معاهدة الأمن الجماعيمن أن تنظيمى «داعش» و»القاعدة»، بدأ أخيرا بالتفاوض لتشكيل تحالف بينهما، وتجاوز الخلافات بينهما، وهو ما يعنى تزايد التهديد الإرهابى فى العالم بأضعاف مضاعفة. وحذر أيضا من أن الآلاف من الدواعش الفارين من سورياوالعراق يتوافدون على أفغانستان حيث يوجدون «موطىء قدم» جديد لهم. وكان إياد علاوى نائب الرئيس العراقى قد أكد حصوله على معلومات تؤكد وجود حوار بين ممثلين لأبو بكر البغدادى زعيم داعش وممثلين لأيمن الظواهرى زعيم القاعدة لبحث عملية الاندماج. ومن خلال تحليل ظهور هذه التنظيمات التى وإن تغييرت مسمياتها، فإن هدفها وتوجهها واحد، ونكتشف أنها انبثقت فى شكل أساسى فى المناطق التى تشهد صراعات وحالة من الفوضى أو التى تمر بأزمات سياسية واقتصادية، خصوصا أن داعش خرجت من رحم تنظيم «القاعدة» فى العراق الذى أسسه أبو مصعب الزرقاوى فى 2004، بعد الغزو الأمريكي. ومع إعلان البغدادى ظهور داعش فى يونيو 2014، بدأت تظهر الخلافات مع جبهة النصرة التى أعلنت مبايعتها الظواهرى، ثم عادت «النصرة» وأعلنت الانفصال عن «القاعدة» وغيرت اسمها إلى «فتح الشام». والخلافات المعلنة بين الظواهرى والبغدادى حيث شن الأول هجوما عليه أكثر من مرة، ووصفه بالكذاب لأنه يشكك فى أفكار القاعدة، ودعا إلى أن تكون الأولوية لضرب أمريكا والتركيز على مهاجمة قوات الشرطة والجيش والميليشيات الشيعية وليس المدنيين مثلما يفعل داعش. بينما كفر «داعش» الإخوان ووصفهم بالسرطان والخوارج. وعلى الرغم من ذلك، والاتهامات المتبادلة بين القاعدة وداعش والإخوان، فإن أحد كبار منظرى الجماعة الإرهابية اعترف بانتماء زعيم داعش للإخوان، وأنه كان يمتلك نزعة قيادية لذلك أسس داعش. هذا الاندماج بين هذه التنظيمات الإرهابية، التى تحاول الظهور بمظهر «الإخوة الأعداء»، يحتاج إلى إعادة نظر فى استراتيجية الكثير من الدول تجاه الحرب على الإرهاب. وفى ظل تشعب وتفرع التنظيمات الإرهابية، فإنها تخلق هذه الفوضى العارمة من دول غارقة فى الأزمات والحروب والصراعات إلى اللاجئين إلى التطبيع اليومى مع هجمات إرهابية تبدأ من الطعن والدهس إلى التفجيرات والهجمات وكل هذه الأفكار الهدامة لهذه التنظيمات، فما بالنا إذا اتحدت هذه التنظيمات، فى ظل البراجماتية التى تحكم فكر الجماعة الأم «الإخوان» منذ تأسيسها. نظرية «الخطوط الحمراء» يجب أن تتخذ شكلا ومضمونا جديدين من أجل التصدى لطيور الظلام.