منذ الثمانيات مع بداية حرب الاتحاد السوفيتى وأفغانستان بدأت الساحة الإسلامية والدولية تعج بتيارات وتنظيمات تدعى محاربتها الاحتلال السوفيتي ورفع راية الإسلام أمام أعداء الأمة وتخطط في نفس الوقت لإقامة دولة الخلافة وهى شعارات يتبناها الكثير من المسلمين، وعلى الرغم من علو تلك الاصوات والشعارات والجهاد ضد الغرب الكافر، هذه الجماعات المتطرفة وتنظيماتها غالبا ما توجه أسلحتها ضد المسلمين أنفسهم في حين أن أعداد القتلي والجرحى في العمليات التي يقومون بها ضد القواعد والأهداف والمنشآت والسفارات الغربية يكون محدودا جداً والخسائر تكون محدودة وكأن كل شيء تم وفق حسابات دقيقة لاستهداف المسلمين وليس غيرهم وإثارة الفتن والصراعات بين المذاهب الإسلامية، وما يثير الدهشة هو أن تلك التنظيمات أنشأتها الأجهزة المخابراتية للدول الغربية وقامت بدعمها بالمال والسلاح سرا لتحقيق مصالحها وتشويه المجتمع الاسلامى، ولتصور للعالم ان الاسلام هو منبع الإرهاب. «الوفد» تطرح تساؤلات حول المستفيد من إنشاء تلك الجماعات فى العالم وتغير تمركزها ناحية الشرق الأوسط وكيف تم صناعة تلك الجماعات وحربهم ضد المسلمين بالوكالة عن الغرب. تنظيم القاعدة من رحم تنظيم القاعدة ولدت جميع التيارات الجهادية الحديثة، تأسس ذلك التنظيم عام 1987 لمواجهة الاحتلال السوڤيتى لأفغانستان وتم عن طريق المخابرات الباكستانية فى برنامج لوكالة المخابرات المركزية وسميت بعملية الإعصار وهذا ما تم تأكيده فى مذكرات وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون، وقد زاد تدفق الجهاديين أثناء حرب الاتحاد السوڤيتى مع أفغانستان وكان من بينهم عبدالله عزام وأسامة بن لادن وبعض الإخوان المسلمين من مصر ودول عربية أخرى، سعت الولاياتالمتحدةالأمريكية للحفاظ على ذلك التنظيم بهدف القيام بعمليات أخرى تشهد صراعات إقليمية وحروبا أهلية وهذا ما نراه الان فى الشرق الاوسط، وبدأ التنظيم يستخدم كفزاعة من قبل الولاياتالمتحدة بهدف تدميره والقضاء علي عناصره، وذلك بعد أحداث 11 سبتمبر عندما أعلن بوش الابن أن من حق الولاياتالمتحدة مطاردة الإرهاب فى أى بقعة على الأرض، والواقع يكشف أن اغلب ضحايا تنظيم القاعدة من المسلمين وهذا ما أكده مركز محاربة الإرهاب عام 2009 «أن الغالبية من ضحايا التنظيم من المسلمين وأن ضحايا الغرب 15% فقط» بدأت القاعدة فى إحياء تنظيم الجهاد فى مصر عام 1992 بعد القبض على عدد كبير من عناصر الجهاد، بعدها بدأ أيمن الظواهرى فى تغيير استراتيجية التنظيم وتم تكوين تنظيم باسم طلائع الفتح للقيام بعمليات داخل مصر منها محاولة اغتيال الدكتور عاطف صدقى رئيس الوزراء الأسبق ووزير الدخلية الأسبق حسن الألفى، بعدها توسع التنظيم ليشمل دولا عربية منها العراق واليمن. صناعة أمريكية ناجح إبراهيم القيادي بالجماعة الإسلامية يقول: «الجماعات الجهادية شهدت افكارها تحولا عميقا.. بينما فى البداية كان هدفها عند ولادتها الاهتمام بمقاومة الاستعمار وحاربت فى أفغانستان والشيشان والبوسنة والهرسك، وهذا التطور حدث بعد ثورات الربيع العربى والتى أرى أنها صناعة أمريكية لجذب الجهاديين حول العالم الى دول الشرق الأوسط بدلا من أن تساعد فى بناء الدول بعد الثورات ساعدت فى هدمها لأن الدول تختلف عن الجماعات فالدول تقوم على التعددية الدينية والفكرية وقبول الآخر وهذا ما ترفضه الجماعات فبعد حرب الاتحاد السوڤيتى وافغانستان لم يستطيعوا بناء الدولة بعد التحرر من الاحتلال وظلوا فى قتال فيما بينهم، وهذا ما حدث فى الصومال، التي ظهرت بها حركة الشباب وحركات أخري في العراق وليبيا وهؤلاء لا وجود لديهم فلسفة بناء دولة خاصة الجماعات التكفيرية التى ترى نفسها فقط ولا ترى أحدا غيرها وهناك ثلاث قواعد عن تلك الجماعات أولها أن تلك الجماعات تنشأ فى الأماكن التى يغيب فيها وجود الدولة كالصومال وليبيا الأمر الثانى أن تلك الجماعات تهدم الدولة ولا تبنيها الأمر الأخير أن تلك الجماعات عمرها قصير فالخوارج من ايام على بن ابى طالب برغم قوتهم لم يستطيعوا بناء دولة. ويضيف قائلا: إن كل هذه الجماعات منبثقة من القاعدة وانقسمت بعد ذلك لجزءين جزء اتبع القاعدة القديمة وجزء اتبع تنظيم داعش وكل تنظيم منهم يرى أن أى خارج عن فكرهم كافر ومختلف تلك الجماعات تشترك فى شىء واحد وهو قتل المسلمين فلم نسمع لهم بيانا واحدا بأنهم سيحاربون إسرائيل حتى أبو بكر البغدادى لم نسمع له بيانا بأنه سوف يحارب إسرائيل ولو بعد زمن. جماعة بوكو حرام فى مدينة مايدوجورى بشمال نيجيريا بدأ تكوين تلك الجماعة فى يناير عام 2002 وكانت تضم 200 شاب ومن أفكارها رفضها للتعليم الغربى والعلوم وأصبحت مصدر قلق للمنطقة وجعلت الكثيرين يشبهونها بتنظيم الدولة الإسلامية فى عام 2014 سعيها لقيام الخلافة، بدأت جرائمها بمجزرة للمسلمين حيث قام 800 فرد من عناصرها بمهاجمة المئات من المصلين المتهيئين لصلاة الفجر مطلقين وابلا من الرصاص تجاههم وراح ضحية ذلك الهجوم أكثر من 200 شخص، مع ظهور تلك الجماعة توقف كل شىء عن العمل أغلقت المدارس الإسلامية والمؤسسات الاسلامية الخيرية والواضح أن تلك الجماعة ليست مسلمة وإنما تدعم من أجهزة استخباراتية وهذا ما أكده الرئيس النيجيرى برغم أنه من غير المسلمين، ومازالت تلعب تلك الجماعة على وتر إنشاء الخلافة الإسلامية. أنصار بيت المقدس ظهرت جماعة انصار بيت المقدس بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، خلال تفجيرات خط الغاز فى سيناء، بدأ تكوين تلك الجماعة مع دخول عناصر تكفيرية من قطاع غزة عبر الأنفاق وخروج الجهاديين فى عهد محمد مرسى، ويرجع بدء التنظيم لعام 2001 بعد تفجيرات طابا بالتنسيق مع تنظيم التوحيد والجهاد الذى اسسه طبيب الاسنان خالد مساعد، تم التنسيق بين التنظيم وجماعة الاخوان المسلمين وتدريب عناصره فى غزة وتبنى التنظيم محاولة اغتيال وزير الداخلية اللواء محمد ابراهيم، وبعدها بدأ فى اغتيال عدد من الضباط والجنود منهم المقدم محمد مبروك وتفجير مديرية الأمن بجنوب سيناء واستهداف مبنى المخابرات العسكرية بالاسماعيلية، وراح المئات من المسلمين ضحايا ذلك التنظيم الشيطانى، الذي سعي لاستقطاب قوى جديدة من تنظيم شهداء الصخرة وتم التنسيق تحت إشراف المجاهدين الافغان ويضم التنظيم مجموعة من العراقيين واللبنانيين والليبيين ورغم أن أفكار التنظيم أقرب لأفكار تنظيم القاعدة وإعلانهم مبايعتهم لأيمن الظواهرى إلا أنها لم تعترف بهم كفرع رسمى للتنظيم. اللواء طلعت موسى الخبير الاستراتيجى والمستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا يرى أن مشروع تفتيت الشرق الأوسط الذي تتبناه الولاياتالمتحدةالأمريكية مبنى على إثارة الخلافات الداخلية ومشروع الفوضى الخلاقة بين الأحزاب الدينية والخلافات الطائفية وفى هذا الإطار استقطبت جميع العناصر الإرهابية وبعد فشل مخطط الاستيلاء على سيناء تم توجيه المخطط الى الاراضى الليبية وهو مناخ مناسب لاستقطاب الجهاديين من العالم كله والولاياتالمتحدة على علاقة وثيقة مع الجهاديين والدليل على ذلك أن داعش تتعامل مع أمريكا عن طريق التحالف الدولى فكل ما يحدث فى ليبيا من إرهاب لا يقنع الولاياتالمتحدة التي تطالب بحل سياسى. وينتقد «موسي» حديث أوباما حول إدانته للإرهاب وقطع الرؤوس بلا أسباب فهل هناك قطع للرؤوس بأسباب؟ فالأراضى الليبية استقطبت أكثر من 3 آلاف أوروبى من معتنقى العنف والغريب أن أمريكا استحدثت قانون رقم 1178 الذى يحظر الانضمام لداعش برغم دعمها لهذا التنظيم ومصر قادرة على مواجهة هذه المخططات بثبات قراراتها الخارجية. داعش .. من الخطف للحرق تعود أصول هذا التنظيم الى العام 2004، حين شكل الإرهابي أبو مصعب الزرقاوي تنظيما أسماه « جماعة التوحيد والجهاد» وأعلن مبايعته لتنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن ليصبح ممثل تنظيم القاعدة في المنطقة أو ما سمي «تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين». برز التنظيم على الساحة العراقية اثناء الاحتلال الأمريكي للعراق، على أنه تنظيم جهادي ضد القوات الأمريكية، الأمر الذي جعله مركز استقطاب للشباب العراقي الذي يسعى لمواجهة الاحتلال الأمريكي لبلاده وسرعان ما اصبح أقوى الميليشيات المنتشرة والمقاتلة على الساحة العراقية. في العام 2006، خرج مصعب الزرقاوي على الملأ في شريط مصور معلنا عن تشكيل «مجلس شورى المجاهدين» بزعامة عبدالله رشيد البغدادي. قتل «الزرقاوي» في الشهر نفسه وفي نهاية 2006 تم تشكيل تنظيم عسكري يختصر كل تلك التنظيمات بعد حوالي عشرة ايام انعقد مجلس شورى الدولة الإسلامية في العراق ليختار أبوبكر البغدادي أميرا للدولة الإسلامية في العراق. وللتنظيم تاريخ دموي طويل قام التنظيم بتنفيذ عدد كبير من العمليات والهجمات الإرهابية التي حصدت ارواح الآلاف من العراقيين المسلمين، قال تشارلز شويبردج، ضابط الاستخبارات البريطانية في جهاز مكافحة الإرهاب، إن الاستخبارات الأمريكية والبريطانية هما مؤسستا تنظيم الدولة الإسلامية، استغل البغدادي الأزمة التي اندلعت في سوريا والفوضى التي حصلت هناك ليعلن دخوله على خط المواجهات في سوريا، وكباقي التنظيمات التكفيرية المسلحة والمرتبطة بالقاعدة، وجد البغدادي وتنظيمه مساحة خصبة على الأراضي السورية لممارسة إجرامهم وتكفيرهم، وتثور تساؤلات كثيرة حول مصادر تمويله التى حوّلته إلى أغنى تنظيم إرهابى فى التاريخ منها نهب الموارد والسلع من المستشفيات ومرافق الكهرباء والاسواق، تهريب النفط بأقل من السعر العالمى، فضلا عن الأسلحة، والآثار، والمخدرات، والاتجار فى البشر، وقد ذكر تقرير ان العوائد اليومية من النفط المهرب ما بين 2 و4 ملايين دولار، الهبات التى يقدمها المنضمون لهذا التنظيم، إذ يأتونه محملين بكل ما يملكونه، ويتنازلون عنه، فرض ضرائب شهرية على المؤسسات المحلية تُقدر بحوالى 8 ملايين دولار، الى جانب سرقة القرى التى يحتلها، ويؤكد الجميع أن الطيران الأمريكي هو الذي أسقط طائرة الشهيد الكساسبة وليس داعش لأنها ببساطة لما تسقط أيا من طائرات التحالف وان الإحداثيات التي كان يستلمها الطيارون العرب المشاركون في قصف داعش، كانت بعد التنفيذ أهدافا مدنية ليس إلا، و تقول التقارير إن الشهيد الكساسبة اكتشف أن طائرات أمريكية تقوم بإنزال الدعم والسلاح والعتاد إلى داعش، وإنه قام بتصوير ما رأى، لكن الأمريكيين اكتشفوه. جبهة النصرة .. الخلافة لها ثمن تم الإعلان عن تأسيس جبهة النصرة كتنظيم في نهاية 2012، بعد نحو عشرة أشهر من اندلاع الانتفاضة في سوريا، بزعامة أبو محمد الجولاني أحد مناصري أبي مصعب الزرقاوي مؤسس تنظيم داعش، وعمل التنظيم في البداية كفرع للدولة الإسلامية في العراق، التابعة لتنظيم القاعدة في العراق. وبهدف تصديق ذلك رسميًّا، أعلن أبو بكر البغدادي، زعيم القاعدة في العراق عن توحيد التنظيمين في تنظيم واحد أُطلق عليه اسم «الدولة الإسلامية في العراق والشام». لكن جبهة النصرة لم تحترم هذا الإعلان، الذي أُلغي رسميا في 2013 من قبل أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة، الذي قرر أن جبهة النصرة هي ممثله الرسمي في سوريا. وكنتيجة لذلك، بدأ انقسام بين شقي القاعدة في سوريا، واليوم يعمل في سوريا تنظيمان متنافسان ينازع أحدهما الآخر. والاثنان يتبنيان إقامة خلافة ويقول اغلب العائدين ان ما يحدث هو قتال بين المسلمين ونحن لم نأت إلى هنا من أجل ذلك، ويتضح الآن ان كل الأهداف باتت تصب نحو تعبئة خزائن القاعدة والحفاظ على الموارد المالية من نفط وأراض زراعية وغيرها، بالإضافة إلى زيادة أموال أمرائها الذين يعيشون حياة السلاطين في مناطق نفوذهم. مصراتة أم الميليشيات يعد «فجر ليبيا» مجموعة ميليشيات إسلامية متمركزة فى ليبيا، تضم ميليشيات درع ليبيا الوسطى، غرفة ثوار ليبيا فى طرابلس، ومختلف تلك الميليشيات تنحدر أساساً من مناطق مصراته، ميليشيات من غريان، ميلشيات من الزاوية، ميلشيات من صبراتة. بدأت فجر ليبيا طريقها فى العمل الإرهابى تحديدًا فى 13 يوليو من عام 2014، بهدف الاستيلاء على مطار طرابلس، وقد اهتمت كتيبة الفاروق التابعة لأنصار الشريعة بتجنيد الشباب في مصراتة وترسلهم للقتال في صفوف ما يسمى تنظيم داعش في العراقوسوريا ما أثار حفيظة أهالي المدينة ودفعهم إلى طردهم ليتوجهوا لاحقا إلى سرت ويبدأ تحالفهم الفعلي مع فجر ليبيا «وقد أعلن أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش الإرهابي مباركته لإنشاء فرع في ليبيا وهو من أغنى فروع داعش في العالم لأن الأموال التي سرقتها هذه التنظيمات من 4 مصارف في سرت تنوعت عملتها بين يورو ودولار ودينار ليبي، ولفشل مخطط الاخوان الاستيلاء على سيناء سعت لتشكيل جيش إسلامى يضم 40% منهم من غير المصريين، يأتون من مالى والشيشان ودول أخرى . وهذا ما ظهر واضحا فى رفض قطر المشروع الاردنى المصرى بشأن التحرك فى ليبيا.