محافظ الجيزة: الاستثمار في تدريب الكوادر البشرية أساس تطوير الأداء الحكومي وتحسين الخدمات    اليوم، إجازة رسمية للعاملين بالقطاعين العام والخاص بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر    لليوم الثاني، محكمة شمال بنها تتلقى أوراق المرشحين المحتملين لانتخابات النواب    موعد حسم اعتراضات رئيس الجمهورية على مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية    المشاط تبحث الاستعداد لتوقيع مذكرة تفاهم المرحلة الثانية من آلية مساندة الاقتصاد الكلي ودعم الموازنة    9 أكتوبر 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة اليوم    المنافذ "حاجة" والأسواق "حاجة تاني خالص"، مفاجأة في أسعار الطماطم اليوم الخميس    رئيس البرلمان العربي: نعمل على تعزيز العلاقات العربية الأفريقية على المستوى البرلماني    وزير الخارجية يتوجه إلى باريس للمشاركة في اجتماع يناقش ترتيبات الأوضاع في غزة    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى نحو مليون و119 ألفا و390 فردا منذ بداية الحرب    أشرف صبحي يعلق على أزمة أرض الزمالك في أكتوبر    اليوم.. المنتخب الثاني يواجه المغرب وديا استعدادا لكأس العرب    اليوم.. افتتاح بطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي بالعاصمة الإدارية    دي يونج: مواجهة فياريال في أمريكا قرار غير عادل    ضبط ناد صحى غير مرخص يستغل لممارسة الأعمال المنافية للآداب فى العجوزة    ضبط سائق بشركة نقل ذكي تحرش بفتاة أثناء رحلتها في القاهرة    ضبط شخص فى الجيزة يدير مصنع بدون ترخيص لإنتاج الأسمدة والمخصبات الزراعية المغشوشة    التقييمات الأسبوعية للطلاب فى صفوف النقل عبر هذا الرابط    قاتلة ابن شقيق زوجها تدلي باعترافات أمام جهات التحقيق بقنا    تعديل مواعيد قطار العاصمة بسبب احتفالات أكتوبر اليوم الخميس    خالد جلال ناعيا عمرو دوارة: فقدنا ناقدا ومؤرخا كبيرا للمسرح المصري    ماجد المصري ضيف شرف «عين العقل» بمشهد مفاجئ في مهرجان المهن التمثيلية المسرحي    الفرقة المصرية تقدم روائع الأغاني الوطنية على مسرح السامر احتفالًا بذكرى النصر    رئيس جامعة القاهرة: قرارات بتعيين 21 قيادة أكاديمية بعدد من الكليات    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 9 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    الصحة تستأنف مبادرة الكشف المبكر عن الأنيميا والسمنة والتقزم مع بدء العام الدراسي    طريقة عمل بطاطس بيوريه بالجبن والثوم، أكلة سريعة التحضير ومغذية    الصحة: نجاح استئصال ورم بالجفن لمريضة عمرها 87 عامًا في مستشفى أتميدة المركزي    تعدي على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة.. إزالة 22 حالة تعدي فى أسيوط    طب الأسنان بطنطا تتوج بكأس العباقرة في دوري المعلومات الأول    السيطرة على حريق شقة سكنية بالصف    خلص عليه بسبب الميراث.. القبض على قاتل شقيقه في الشرقية    عاجل- رئيس الوزراء يحضر القمة الرابعة والعشرين لتجمع الكوميسا نيابة عن الرئيس السيسي في نيروبي    وزارة البترول تنفي شائعات زيادة أسعار البنزين والسولار    فيفا: منتخب مصر يمتلك مقومات تكرار إنجاز المغرب فى كأس العالم 2026    في ثالث أيام «عيد العرش».. مستوطنون إسرائيليون يقتحمون المسجد الأقصى    اتحاد الكرة: نشكر الرئيس السيسي على دعمه للرياضة.. ونتمنى أن يكرر حسام حسن إنجاز الجوهري    الخارجية التركية: نشيد بجهود مصر وقطر والولايات المتحدة للوساطة فى مفاوضات غزة    تعرف على موعد وصول مدرب الأهلى الجديد إلى القاهرة اليوم    هل يجوز منع النفقة عن الزوجة لتقصيرها في الصلاة والحجاب؟.. دار الإفتاء تجيب    محافظ أسيوط يكرم أبطال السباحة بعد فوزهم بالمركز الأول في بطولة الصعيد لمراكز الشباب    وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تستهل مشاركتها بالنسخة الثانية من منتدى «البوابة العالمية 2025» ببروكسل بلقاء مديرة الشئون المالية والاقتصادية بالمفوضية الأوروبية    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    شاهيناز: «مبحبش أظهر حياتي الخاصة على السوشيال.. والفنان مش إنسان عادي»    سما المصري توجه رسالة ل المستشار مرتضى منصور: «ربنا يقومه بالسلامة بحق صلحه معايا»    يعرض قريبًا.. «لينك» ضغطة زر تقلب حياة موظف على المعاش    عاجل - بالصور.. شاهد الوفود الدولية في شرم الشيخ لمفاوضات غزة وسط تفاؤل بخطوة أولى للسلام    عاجل- ترامب: قد أزور مصر يوم الأحد.. ومفاوضات اتفاق غزة "بالغة القرب"    من أدعية الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج    8 شهداء في غزة خلال الساعات ال24 الماضية جراء الغارات الإسرائيلية    السد العالي يستقبل مياه الفيضان من سد مروى بالسودان.. خبير يكشف تفاصيل مهمة    ممنوع الضرب.. قرار حاسم حول حظر استخدام العصا أو الخرطوم في المدارس ومحاسبة المسؤولين    كُتبت فيها ساعة الصفر.. حكاية «كراسة حنان» التي احتوت على خطة حرب أكتوبر    سوء تفاهم قد يعكر الأجواء.. برج العقرب اليوم 9 أكتوبر    حساب فيفا يحتفى بصعود الفراعنة للمونديال: مصر البهية تُطِل على كأس العالم    منها منتجات الألبان.. 6 أطعمة ممنوعة لمرضى جرثومة المعدة (تفاقم الألم)    أسهل طريقة لعمل البليلة في ساعة.. شرط النقع    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتصار لمصر وثقافة السلام
نشر في الأهرام اليومي يوم 27 - 04 - 2017

كانت التفجيرات الإرهابية الدموية التى استهدفت كنيسة مارجرجس بمدينة طنطا والكنيسة المرقسية بالاسكندرية صبيحة احتفالات المصريين المسيحيين
بأحد «السعف» تحمل العديد من الرسائل التى تنتهى إلى تحقيق هدف واحد «إسقاط الوطن» والقفز مجدداً من قبل الجماعات الإرهابية على السلطة، وكانت تتضمن رسالة إلى الحبر الأعظم البابا فرنسيس، رأس الكنيسة الكاثوليكية (مليار ونصف كاثوليكي) ورئيس دولة الفاتيكان، لإثنائه عن إتمام زيارته المرتقبة لمصر، فإذا بالرجل يبادر عبر لقاء بإذاعة الفاتيكان بتأكيد إتمام الزيارة فى موعدها «ويحمل معه لمصر رسالة سلام» ويرسل برقية تعزية للبابا تواضروس وللمصريين، ويعلن فى قداس الأحد بالقصر الرسولى بروما أنه «يصلى من أجل الذين وقعوا ضحية اليوم فى مصر فى كنيستى طنطا والاسكندرية»، «ويصلى أن يهدى الرب قلوب الذين يزرعون العنف والإرهاب، وأولئك الذين يعمونهم ويهربون الأسلحة لهم» ويسقط فى يد الجماعات الإرهابية المجرمة فيعيدون إرسال رسائلهم الدموية بالهجوم على كمين حراسة دير سانت كاترين، بجبال سيناء، فى تصعيد مدروس، خاصة أن الدير، يقع خارج نطاق الكنيسة المصرية ويتبع الكنيسة اليونانية، وله مكانته التاريخية والدولية، لكن الرسالة لم تصل إلى اعتاب الفاتيكان الذى عاد ليؤكد إصرار البابا فرنسيس على إتمام الزيارة فى موعدها وتوقيتاتها المحددة لها. ومن يقترب من البابا يدرك سر ثبات موقف البابا فهو ينتمى إلى أحد شعوب امريكا الجنوبية (الأرجنتين)، وإلى جماعة رهبانية تتبنى الانحياز للمعوزين والفقراء والطبقات الكادحة والعمل بينهم (الآباء اليسوعيين)، ويتبنى قيم ومبادئ لاهوت التحرير السلمي، الذى يوظف تعاليم المسيح والإنجيل للانتصار للإنسان وحريته واستقلال أوطانه عبر قنوات وآليات المقاومة السلمية. وقد قدم فى سنوات قليلة أعقبت توليه مهمته البابوية (13 مارس 2013) تطبيقاً عملياً لكل ما يؤمن به من قيم ومبادئ، فهو يرفض كل مظاهر الفخامة التى تفرضها الإجراءات البروتوكولية الفاتيكانية، وفى كل تحركاته داخل روما وخارج إيطاليا فى المحافل الدولية استخدام السيارة المصفحة المخصصة له ويستبدلها فى إشارة مهمة بسيارة صغيرة إيطالية الصنع، ويمارس شعيرة «غسل أرجل المصلين» التى تعرفها الكنيسة ضمن طقوس «خميس العهد» الذى يسبق الجمعة العظيمة، ويذكر أنه قام بهذا الطقس فى احد السجون، وتصادف فى مرة أخرى أن كان بين الحضور فتاتان مسلمتان، فقام بغسل أرجلهما، ليؤكد قيمة إنسانية غابت كثيراً، ويؤكد من خلالها الإصرار على كسر طوق الكراهية الذى يؤسس للإرهاب والصراع. ولا يتوقف البابا عن تأكيد أن «زمن الشهداء لم ينته».
وجاءت كلماته قاطعة «فى الكنيسة أعداد كبيرة من الرجال والنساء الذين يتعرضون للوشاية، ويضطهدون، وتقتلهم الكراهية للمسيح: فمنهم من قتل لأنه كان يعلم المبادئ المسيحية، ومنهم من قتل لأنه كان يحمل الصليب. وفى عدد كبير من البلدان، كانوا ضحايا الوشاية وتعرضوا للاضطهاد، وهم إخوتنا وأخواتنا الذين يتألمون فى زمن الشهداء». ولا يتوقف عن العودة لترسيخ «ثقافة التلاقي» بدلاً من ثقافة التنابذ والخلافات، ويرى أن «السلطة الحقيقية هى فى الخدمة»، ويرفض بشكل قاطع الفصل بين فعل الإيمان وفعل المحبة، لذلك يتبنى التركيز على البعد الاجتماعى للإنجيل، كما جاء فى رسالته البابوية (فى نور الإنجيل). وقد تأثر البابا فرنسيس باللاهوت الشرقى فى أنسنة التعليم الروحى واتساع الثقة فى رحمة الله فيقول «إن الله لا يملّ من أن يغفر لنا خطايانا، ويسمعنا كلمات رحمته التى تغير كل شيء، ...، لا تكفوا أبدًا عن طلب المغفرة من الله، لا توجد خطيئة لا يمكن لله أن يغفرها إن نحن التجأنا إليه»، «لندع رحمة الله تجددنا.» ويرى أن الأخلاق «إجابة ودعوة من الإنسان لرحمة الله»: «ليست الأخلاق مجرد جهد تقنى صادر عن إرادة فحسب، بل هى مسئولية تجاه رحمة الله، الأخلاق لا تسقط أبدًا بل دومًا تنهض من جديد». بل تأثر بالنسق المعيشى للرهبنة الشرقية حتى أنه قلص مساحة سكنه الخاص «قلايته بحسب تعبير الرهبنة المصرية». ولم يتوقف الأمر عند هذا بل أكد منذ اللحظة الأولى لتنصيبه «أن الكنيسة الكاثوليكية تحترم جميع الأديان الأخري، التى تحاول الوصول إلى الله والإجابة عن الأسئلة الوجودية بالنسبة للبشر، وترجم هذا فى التواصل مع المؤسسات الدينية غير المسيحية بشكل فاعل وإيجابي، يتجاوز الأشكال البروتوكولية، والدعائية، وليس بعيداً عن هذا فتحه قنوات اتصال حقيقية مع مؤسسة الأزهر الشريف ووصل ما انقطع بينها وبين الفاتيكان، عقب المحاضرة الملتبسة للبابا الأسبق بندكت الثامن عشر، ليجيء البابا فرنسيس ليعيد وصل الحوار المسيحى الإسلامى دون حساسية ودون شروط مسبقة، وهو الأمر الذى لاقى قبولاً واستجابة من الأزهر الشريف. لهذا تكتسب هذه الزيارة أهمية قصوي، فى الفضاء الغربى بالأكثر، لما لهذا الرجل من ثقل ومصداقية، ليس فقط لموقعه الدينى ولكن لما عرف عنه من صفات وما يتبناه من رؤى تنويرية سلامية انسانية، الأمر الذى ينعكس بالضرورة على علاقة مصر بالغرب على مستويات متعددة شعبية ورسمية، تتطلب قراءة وحراكاً من المؤسسات السياسية والمجتمعية والدبلوماسية المصرية للبناء عليها وتعظيمها، لتفكيك التحركات التى تسعى فى اتجاه مضاد إلى عزل مصر عن العالم.
فنجاح زيارة البابا وما تسفر عنه من نتائج تفرزها لقاءاته سواء مع الدولة أو الأزهر والمؤسسات الإسلامية أو مع الكنائس المصرية، سوف تنعكس ايجاباً على تقليص مساحات الصراعات الدينية والمذهبية، وتسهم فى مواجهة الكراهية التى صارت عنوان عالم اليوم، وتعم وضع المؤسسات الدينية ومؤسسات التكوين على الطريق الصحيح لتنتبه لمهمتها التى حُملت بها، وتغادر محطات السياسة التى تخايلها حيناً، ليسترد العالم سلامه وينتبه لبناء مستقبل يعيد للبشرية سلامها ويحقق للإنسان حياة أفضل. نعود فنؤكد أن هذه الزيارة فى هذه اللحظة تحديداً تحسب انتصاراً لمصر السلام وانتصاراً لقيم الصمود فى مواجهة الكراهية وتأكيد قيمة ومكانة مصر، التى تفتح قلبها وعقلها لضيفها الكبير وما يحمله من رسالة.
لمزيد من مقالات كمال زاخر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.