أخشي علي السياسة في مصر من الترييف. لقد امتد التأثير الكاسح للترييف مع كل الاحترام للقيم الريفية التقليدية إلا انها تقع في الطريق المعاكس للحداثة إلي جميع مناحي مصر.. أمتدت العشوائيات إلي المدن فحولت البيئة الحضرية الراقية التي شهدتها مصر خلال نهوض الدولة الحديثة منذ أكثر من200 عام إلي بيئة فقيرة تضم القطاعات الأكثر فقرا في المجتمع المصري بل ودمرت أساليب البناء التقليدي الرائعة التي شهدها الريف المصري. ترييف السياسة قادم مع نخب تتصادم مع القيم الحضارية التي أنتجها العالم الحديث وتسعي إلي التمسك بقيم جاءت إلي مصر ما بعد الهجرة إلي النفط. أتحدث عن النخبة الجديدة وأنا أتابع ذلك الانجاز العملاق الذي أنجزتة نخبة ما بعد الاستقلال في سنغافورة. جئت إلي سنغافورة لحضور القمة العالمية للمدن ولاتابع كيف صنع لي كوان يو الأب المؤسس لدولة سنغافورة الحديثة من جزيرة فقيرة إلي واحدة من أهم الدول اقتصاديا وسياسيا في جنوب شرق أسيا ونجح في الغاء كلمة الفقر من هذا المجتمع المتعدد الأعراق حتي أنتقل متوسط دخل الفرد من الف دولار عند الاستقلال إلي50 ألف دولار سنويا ولينجز واحدة من أرقي المجتمعات المعاصرة. وكما قال الداهية الأمريكي كيسنجر التاريخ لا يهم إذ لاتملك الدول التي ظهرت في مرحلة ما بعد الاستقلال تاريخا مقارنا فالمهام التي أنجزت عبر قرون في الغرب توجب أداؤها خلال عقد أو اثنين في ظروف بالغة التعقيد. استطاعت نخبة سنغافورة تحويل أشد المعايير صرامة إلي نظام للحكم, كما قال الرئيس الفرنسي السابق شيراك عن الزعيم السنغافوري لي كوان يو. النخبة القادمة إلي الحكم في مصر من جماعة الإخوان والسلفيين في حاجة إلي أن تمد بصرها أبعد من الحجاب والنقاب والمايوة البكيني الي مصر العظيمة ذات التاريخ الطويل الممتد ولنتعلم من شعوب العالم الأخري. القضية لاتكمن في الشكل وانما تكمن في كيفية نقل مصر إلي المجتمعات الحديثة بدون ذلك الصدام الدامي الذي يشعر فية الكثيرون بالخوف والقلق وعدم الاستقرار في مجتمع يسعي إلي التحول. نصيحتي للدكتور عصام العريان: خفف من غلوائك و تعاونوا مع كل المصريين فهذا ليس وقت الانتصار لجماعة سياسية وانما هو وقت الانتصار للوطن. المزيد من أعمدة جمال زايدة