ندوة «كلمة سواء».. حوار راقٍ في القيم الإنسانية المشتركة بالفيوم    أسعار الفراخ البيضاء والساسو وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الجمعة 31 أكتوبر 2025    وزارة الطيران المدني ترفع حالة الاستعداد القصوى لاستقبال ضيوف افتتاح المتحف المصري الكبير.. ومصر للطيران الناقل الرسمي للحدث العالمي    علاء عز: خصومات البلاك فرايدي تتراوح بين 40% و75%    وزير الاستثمار: خفض زمن الإفراج الجمركي من 16 إلى 5 أيام فقط    أسعار الذهب اليوم وعيار 21 الآن قبل بداية تعاملات الجمعة 31 أكتوبر 2025    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 31 أكتوبر 2025    البنك المركزي المصري يتوقع نمو الناتج المحلي إلى 5.1% خلال 2027/2026    طيران الاحتلال يشن غارة تستهدف المناطق الشرقية لمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة    واشنطن بوست: ترامب أراد هدية واحدة في آسيا ولم يحصل عليها هي لقاء كيم جونج    اتفاق أفغانستان وباكستان على استمرار وقف إطلاق النار واستئناف مفاوضات السلام    إسرائيل تعلن التعرف على هوية جثتي رهينتين تسلمتهما من حماس    مندوب الإمارات أمام مجلس الأمن: الجيش السوداني والدعم السريع أقصيا نفسيهما من تشكيل مستقبل السودان    تقارير: وزارة العدل الأمريكية تحقق في مزاعم احتيال داخل حركة حياة السود مهمة    رئيس الاتحاد الإسباني يهنئ خالد فتحي بعد التأهل لنهائي مونديال الناشئين بالمغرب    رحيل حسام عبدالعال عن تدريب السكة الحديد بدوري المحترفين    مفاجأة الكالتشيو، بيزا العائد للدوري الإيطالي يتعادل مع لاتسيو قاهر "يوفنتوس"    إصابة 12 شخصاً في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بقنا    إصابة طرفى مشاجرة بالأسلحة البيضاء في شبين القناطر بسبب خلافات الجيرة    تفاصيل بلاغ رحمة محسن ضد طليقها بتهمة الابتزاز والتهديد    سقوط «حرامية» الكابلات الكهربائية في قبضة مباحث دراو بأسوان    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم : «توخوا الحيطة والحذر»    وفاة الكاتب والشاعر اللبناني إسكندر حبش عن عمر ناهز 62 عاما    التفاصيل الكاملة ل حفل افتتاح المتحف المصري الكبير بحضور قادة وملوك وزعماء العالم    سقوط هايدى خالد أثناء رقصها مع عريسها هادى الباجورى ومحمد رمضان يشعل الحفل    حتى 100 جنيه.. وزير المالية يكشف تفاصيل إصدار عملات تذكارية ذهبية وفضية لافتتاح المتحف الكبير    مارتن بيست: شاركت في تصميم المتحف المصري الكبير 2004.. وشعور الافتتاح لا يصدق    مواقيت الصلاة فى الشرقية الجمعة حسب التوقيت الشتوي    د.حماد عبدالله يكتب: "حسبنا الله ونعم الوكيل" !!    سنن يوم الجمعة.. أدعية الأنبياء من القرآن الكريم    مش هتغير لونها.. طريقة تفريز الجوافة لحفظها طازجة طوال العام    التخلص من دهون البوتاجاز.. طريقة سهلة وفعّالة لتنظيفه وإعادته كالجديد    من الدبلوماسية إلى الاقتصاد.. مصر تواصل كتابة فصول جديدة من الريادة في المحافل الدولية    ريال مدريد يحول سانتياجو برنابيو إلى مدينة للملاهى خلال الكريسماس    أخبار × 24 ساعة.. بدء صرف المعاشات غدًا السبت 1 نوفمبر 2025    وزارة التضامن: إطلاق مشروع وطني لتوطين صناعة الأطراف الصناعية بشراكة مع ألمانيا    النيابة الإدارية تختتم البرنامج التدريبي لأعضاء الهيئة حول مكافحة الفساد    هزمت السرطان وتحدت الأطباء بالإنجاب.. 25 معلومة عن شريهان النجمة المحتملة لافتتاح المتحف المصري الكبير    4 أبراج يواجهون امتحانا صعبا.. الثبات مفتاحهم والعزيمة سلاحهم ويتخذون قرارات حاسمة    معلومات الوزراء ينشر فيديو لوكالة الفضاء المصرية يوثق مراحل بناء المتحف الكبير    «لو منك أبطل».. رضا عبدالعال يفتح النار على نجم الزمالك بعد التعادل مع البنك الأهلي    كرة السلة .. انطلاق الموسم الثالث لدوري NBA بالقاهرة    السد يكتسح الريان بخماسية في كلاسيكو قطر    حجز قائد دراجة نارية بتهمة الاعتداء على قائد سيارة لخلاف على أولوية المرور بالإسكندرية    في غياب حجازي.. نيوم يعود للانتصارات بفوز شاق على الخلود    بعد معاناة المذيعة ربى حبشي.. أعراض وأسباب سرطان الغدد الليمفاوية    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى بني سويف التخصصي ويوجه بتكليف فريق مختص لخدمة المواطنين وتوفير الأدوية (صور)    مقتل شخص بطلق ناري في الرأس بظروف غامضة بأسوان    الأوقاف تُطلق (1010) قوافل دعوية بمراكز الشباب على مستوى الجمهورية    شاهد|«المجلس الصحي المصري»: إطلاق الدلائل الإرشادية خطوة تاريخية لحماية المريض والطبيب    انطلاقة جديدة وتوسُّع لمدرسة الإمام الطيب للقرآن للطلاب الوافدين    لا فرق بين «الطلاق المبكر» والاستقالات السريعة داخل الأحزاب    محافظ الغربية يرفع يوجه بسرعة تجهيز الشاشات في الميادين استعدادا لحفل افتتاح المتحف الكبير    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في محافظة الأقصر    «يوم الوفاء» محافظ أسيوط يكرم أسر الشهداء وقدامى المحاربين    بث مباشر.. مشاهدة مباراة بيراميدز والتأمين الإثيوبي في دوري أبطال إفريقيا 2025    مبادئ الميثاق الذى وضعته روزاليوسف منذ 100 عام!    عندما قادت «روزا» معركة الدولة المدنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابن القوموندان

قرأت ما حفلت به الأهرام في الأيام الماضية من مقالات عن الراحل الكبير السيد يسين كتبها محبوه وزملاؤه وتلاميذه.. كشفت هذه المقالات عن السمة الرئيسية التي كانت تميز الراحل الكبير - وهي أنه كان في الأساس باحثا ويستهويه البحث في عمله - بحيث يصرفه عن إغراءات الحياة يكرس وقته الذي هو حياته في البحث والتنقيب والقراءة والغوص في أعماق الفكر الإنساني وإبداعاته، أما السمة الأخري التي تكشفت لي ليس فقط من خلال ما كتبه عنه كل من كتبوا وهم كثيرون- ولكن أيضا مما قرأته له وسمعته منه شخصيا عندما كنا ندعوه للتحدث في المجلس المصري للشئون الخارجية، فألحظ مدي موسوعية اهتماماته، التي تأخذه من عالم الإستراتيجية وصراع القوي، إلي عالم البحث في شئون المجتمع... إلي الأبحاث المستقبلية، فاستطاع الدكتور يسين أن يقود مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية لقرابة العشرين عاما باقتدار، وأن يظل في نفس الوقت مساهما ومشاركا فيه حتي اللحظة الأخيرة.
هنا تظهر شخصية الرجل القيادية الذي يعمل ويوجه ويحث زملاءه علي المزيد من الاطلاع والقراءة ومن خلال ذلك يعمل دائما علي فتح آفاق جديدة للمؤسسة التي يقودها، والتي أحدث بها تلك النهضة الكبيرة في تطور هذا المركز العتيد والذي يظل هو البداية المصرية في عالم مراكز البحث الاستراتيجي، وأعني مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، ومن أهم ما أحدثه المركز بقيادته هو تخريج هذه الكوكبة من الباحثين والكتاب الذين أصبحوا نجوما في مجالهم وتتلقفهم الفضائيات وغيرها من أدوات الميديا.
خرجَت أو تخرجت فى عباءة المركز في عهد السيد يسين شخصيات لعبت وتلعب دورا مهما في الحياة العامة، مثل صديقي الدكتور أسامة الغزالي حرب، الذي شارك معنا في تأسيسي المجلس المصري للشئون الخارجية وأصبح أحد رموزه.
كان السيد ياسين في طليعة جيل الكتاب الذين تقوم كتاباتهم علي البحث العلمي فأنتج ما أنتج وألف ما ألف من خلال البحث العلمي ابتداء في الشأن الاجتماعي ثم في الشئون الإستراتيجية والسياسية واستشراف المستقبل، هذا هو الجيل الذي ظهر مع إنشاء معهد البحوث الجنائية والاجتماعية، وظهور كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وربما كان السيد ياسين هو في طليعة هؤلاء. ومن هنا فإن كتاباته كانت تتسم بالطابع العلمي الذي امتزج بملكة الكتابة والأسلوب الأدبي الرصين..
جمعتني مع الراحل الكبير عضوية المجلس الأعلي للثقافة وكان مقعده في الأغلب قرب مقعدي مما أعطانا الفرصة للتواصل الإنساني بالحديث. وفي إحدي المرات.. فاجأني بأن قال لي: هل تعرف أنني أعرفك من زمن طويل.. منذ أيام فترة الدراسة بمدرسة دمياط الابتدائية حين كنا نذهب سويا من عزبة البرج إلي دمياط.. وكنتم تمرون علينا في مسكننا بقسم السواحل لتأخذونا معكم في السيارة التي تقل الطلبة إلي دمياط... عند هذه النقطة في الحديث.. قلت له أنت إذن ابن القومندان الذي كان يرأس قسم خفر السواحل في عزبة البرج، فأجابني بابتسامته الرقيقة التي كانت تميزه نعم يا سيدي أنا ابن القومندان، فرددت عليه.. ها نحن نلتقي بعد طول غياب، زمناً لا يعد بالسنوات بل بالعقود.
وتذكرت هذه الصباحات الممطرة في شتاء عزبة البرج القارس قبل أن تهبط عليه نازلة التغير المناخي التي أصابتنا وأصابت العالم.
عندما كنا نبدأ الرحلة اليومية إلي المدرسة قبل السابعة صباحا لتتوقف بعد كيلو متر واحد في الطريق الترابي إلي دمياط بينما السائق «الحاج عوض» ينادي هل حجزتم مكانا لأبناء القومندان، ثم نتوقف عند مباني «السواحل» التي لابد أنها بنيت في القرن التاسع عشر، لتضم مسكن القومندان ومكاتب الإدارة وهي الآن من بين المباني الأثرية التي تنتظر دورها من أجل إنقاذها.
كان يسين أو «الأستاذ السيد» كما كانوا يلقبونه في مركز الدراسات يتحدث في المجلس الأعلي للثقافة بصوته الخفيض وبأسلوبه الرشيق ينصت له الجميع ويتحدث دائما في صلب الموضوع ولا يحيد عليه مقترحا أو مضيفا ودائما بما يثري النقاش.
فاجأني خبر رحيل الباحث والمفكر الكبير بينما كنت أتأهب للكتابة عن راحل آخر من أعضاء المجلس الأعلي للثقافة هو المرحوم الأستاذ الدكتور مصطفي العبادي أستاذ التاريخ ،اليوناني الروماني الذي كان يحلم منذ أكثر من نصف قرن بإعادة إحياء مكتبة الإسكندرية وقد أفردت له مجلة الإيكونوميست في عددها الأخير صفحة كاملةً متحدثةً عن دوره في الدعوة إلي إحياء أم المكتبات أي مكتبة الإسكندرية والذي لم ينتبه الإعلام لرحيله. لكن الإيكونوميست كواحدة من أهم الدوريات العالمية تذكرته
ولقد كان المرحوم الدكتور عبادي- كشأن الدكتور السيد يسين- عالما متجرداً للعلم وزاهدا في بريق الحياة... وبينما أترحم اليوم علي هؤلاء الأعلام أتساءل عن الفراغ الموحش الذي يتركونه للأجيال التالية. وكم أدعو الله لأن تهبنا مصر الولادة ما يعوضها عنهم ويقطع الوحشة، ويضيف الجديد والمبدع في مشوار مصر نحو التنوير.. نحو تحقيق آمال ابن القومندان العالم الموسوعي والمؤرخ العلّامة الدكتور مصطفي العبادي ابن الإسكندرية وممثل حضارة الإغريق والبحر المتوسط في بلاد وادي النيل.
لمزيد من مقالات عبدالرءوف الريدى;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.