كثيرون يتصورن أن نجاح الرئيس محمد مرسي في أن يكون رئيسا لكل المصريين يتوقف علي مدي قدرته علي أن يخلع عن نفسه عباءة جماعة الإخوان المسلمين بحيث يقف علي مسافة متساوية من كل القوي السياسية. رغم أن الرئيس محمد مرسي كان مرشحا من قبل الجماعة وكان برنامجه السياسي هو برنامج الجماعة وكان الجزء الأكبر من ناخبيه هم أعضاء الجماعة وحلفاؤها وأنصارها, ولولا الجماعة لما كان محمد مرسي رئيسا لمصر. وأظن أن إشكالية الرئيس المنتخب ليست في أن ينأي بنفسه عن فكر الجماعة التي دعمته, وإن تطلبت الظروف والضرورات أن يستقيل من كل مناصبه داخل الجماعة, لكن إشكالية الرئيس الحقيقية تتمثل في قدرته علي أن يثبت لجماعته إن التزامه بمسئولياته كرئيس لكل المصريين يتطلب من الجماعة رؤية جديدة لدورها وفكرها وعلاقاتها مع باقي قوي المجتمع بعد أن أصبحت في الحكم, تملك أغلبية برلمانية معتبرة في مجلسي الشعب والشوري تسيطر علي العملية التشريعية, ورئيس هو وحده المخول بمسئوليات السلطة التنفيذية لا ينازعه أحد, وحكومة تنهض بمسئوليات الحكم. وأعتقد أن أول مسئوليات الجماعة بعد أن تولت حكم مصر أن تطرح مرة أخري لأوسع نقاش ممكن مشروعها للنهضة الذي يتبناه الرئيس المنتخب ويلتزم به أعضاء هيئتها البرلمانية في الشعب والشوري, في إطار مؤتمر اقتصادي عام يناقش الي جوار مشروع النهضة الأفكار والرؤي الأخري التي تقترح حلولا لمشكلات مصر الكبري, يحدث يخرج المؤتمر برؤية متكاملة تضع في اعتبارها خطوط الأساس الصحيحة التي ينبغي أن تحكم عملية التنمية الشاملة وتضمن ارتفاع معدلاتها الي حدود تتجاوز7 في المائة ضمانا لمواجهة مشكلة البطالة كما تضمن عدالة التوزيع بحيث تصل ثمار التنمية الي كل فئات الشعب المصري.., ولا أظن أن الرئيس مرسي سوف يكون في وسعه الوفاء بأي من العهود التي قطعها علي نفسه المتعلقة بحقوق المواطنة وتقديم أهل الخبرة علي أهل الثقة وبناء الدولة المدنية الديمقراطية, إذا لم تراجع جماعة الإخوان المسلمين تجربتها علي امتداد عام ونصف بعد الثورة بحيث تقبل المشاركة بدلا عن المغالبة, وتصحح نهجها التشريعي بعيدا عن تفعيل القوانين وتهتم بالكليات قبل الجزئيات, وتعتبر حرية الرأي والتعبير والبحث العلمي خطا أحمر لا يجوز المساس به. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد