رغم ان الرئيس محمد مرسي قدم في خطابه الافتتاحي نموذجا مختلفا عن كل الخطابات التي قدمها رؤساء مصر السابقين من حيث نكهته الدينية التي تعود الي عصر المسلمين الاوائل والتي ربما يكون لها وقع خاص علي آذان فئات شعبية واسعة من المصريين, إلا أن هذا الخطاب علي شعبويته الفائقة لا يكفي لمواجهة تحديات كثيرة تواجه الرئيس المنتخب, يتمثل أولها في هذه القسمة العميقة التي شطرت مصر إلي قسمين, وعززت هواجس كثيرين يخشون من أن يتمكن تحالف الإخوان والسلفيين من تغيير هوية مصر الوطنية جريا وراء أوهام الخلافة الاسلامية من خلال سيطرتهم المشتركة علي أدوات الدولة التنفيذية والتشريعية! صحيح ان الرئيس المنتخب وعد بحكومة ائتلافية يرأسها شخصية وطنية لا تنتمي الي حزب الحرية والعدالة, كما وعد بتعيين اكثر من نائب يمكن أن يكون بينهم امرأة مسلمة او شخصية قبطية لكن ذلك لا يغير من واقع الأمر شيئا, لأن الرئيس المنتخب هو رأس السلطة التنفيذية لا ينازع سلطاته أحد, ومهما أعلن الرئيس مرسي استقلاله عن حزب الحرية والعدالة, فان أحدا لا يستطيع أن يفصل بين الرجل وفكر جماعة الاخوان المسلمين التي آل اليها حكم مصر في عملية انتقال سلس للسلطة عبر انتخابات نزيهة.., ومن ثم يصبح التحدي الحقيقي معلقا علي مدي قدرة جماعة الإخوان علي الاستفادة من أخطائها السابقة وتغيير نهجها الذي اتسم بالعجلة والرعونة والرغبة في الهيمنة وتبديل أولوياتها بما يجعلها تقبل بالمشاركة بدلا من المغالبة, وتصحح انحرافاتها التشريعية بحيث تنتهي عملية تفصيل القوانين لأهداف جد محدودة, وتقبل بحكم القضاء وتحترم قواعد اللعبة الديمقراطية, خاصة انه يقابل عدد الاصوات المؤيدة التي حصل عليها الرئيس مرسي حجم مماثل لهذه الأصوات لم تفضل انتخابه, لا يمكن احتسابهم علي أنهم جزء من الثورة المضادة, ولكنهم مواطنون مصريون اختلفت اجتهاداتهم يمثلون اللحن الآخر الذي بدونه لا تكتمل المعزوفة المصرية.., ولهذا السبب تبقي مطالبهم في ضرورة احترام الحريات العامة والشخصية واعتبار حرية الرأي والتعبير خطا أحمر لا يجوز المساس به والتركيز علي القضايا الكلية المتعلقة بالتنمية الشاملة وعدالة التوزيع مطالب مشروعة ينبغي ان تشكل جزءا من أجندة الرئيس المنتخب الذي اختار في خطابه الافتتاحي أن يكون رئيسا لكل المصريين. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد