يخطئ من يظن أن أزمة أوروبا مع تركيا أدت إلى صعود قوى اليمين الأوروبي، فهناك حزمة من العوامل أدت إلى صعود اليمين الأوروبى والدولى عموما، وهى عوامل معقدة على رأسها فشل العولمة فى حل مشكلات البطالة والاقتصاد، وصعود موجة للوطنيين الأوروبيين تؤثر إن لم يكن فى تعزيز اليمين الأوروبى فعلى الأقل فى مجمل الخرائط السياسية فى كل البلاد الأوروبية ودليلى على ذلك أن المستشارة أنجيلا ميركل تنتمى إلى قوى يمين الوسط ومع ذلك اتخذت موقفا ضد أردوغان لأنها من جهة تواجه اتهامات من خصومها قبل الانتخابات بأنها تنحو إلى اليسار ومن ثم تريد أن تتحرك خطوة أخرى إلى اليمين ومن جهة أخرى فإنها لا تريد فقدان الكتلة التصويتية الوطنية تماما. وهكذا فإن الوطنيين فى كل مكان يصعدون فى أوروبا بما يعنى صعود اليمين، كما أنهم إن لم يتولوا الحكم يعدون الساحة لهيمنة اليمين على القرار السياسى. ففى فرنسا تصعد ماريان مارى لوبان والجبهة الوطنية، وفى هولندا يصعد كيرت جيلدرز رئيس الحزب اليمينى الهولندى إلى المرتبة الثانية بدلا من الثالثة، وفى النمسا صعد المحافظون وفى إيطالياوبريطانيا كذلك وإن كان اليمنيون أثروا فى القرار السياسى البريطانى ولكنهم لم يتولوا الحكم بعد فحزب الاستقلال لم يقبض على السلطة وإنما هى رهينة فى يد المحافظين «يمين وسط» الذين تأثروا بالمد اليمينى وكانت نتيجة استفتاء «بريكست» هى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كما أراد اليمينيون الوطنيون. وأخطر ما فى الموضوع هو أن تركيا والرئيس أردوغان وصموا أوروبا المحتجة بالنازية وبالإرهاب، فيما لا تزال يدا الرئيس التركى ملطختين بدماء المشاركين في الانقلاب، وزنازينه عامرة بالمعتقلين من الجيش والقضاء والإعلام، وهو العامل الذى يحرك أوروبا للوقوف ضده. اليمين يصعد فى أوروبا ويدعمه ويعززه صعود اليمين الشعبوى فى الولاياتالمتحدةالأمريكية وهو الأمر الذى يؤسس نظاما عالميا جديدا، ربما سيغير السيطرة الكاسحة لمنظمات المجتمع المدنى والتجمعات الدولية المسيطرة كالاتحاد الأوروبى وحلف الناتو. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع;