رغم أن محافظة المنيا تتميز بوجود آثار تضم جميع العصور ومثقفين ومفكرين وسياسيين وعسكريين كانت لهم إسهامات مهمة فى تحديث مصر إلا أنها تظل مثقلة بالفقر والجهل والمرض، «ثالوث التخلف « إلى جانب أعباء الإدارة المحلية وتجاوزات موظفيها الذين يفسدون ولا يصلحون رغم توفر إمكانات هائلة للاستثمار والتنمية والتقدم، بالإضافة الى مشاكل السياحة والتشغيل والتعدى على أراضى الدولة والمناطق الأثرية والأراضى الزراعية ، والحفاظ على المال العام ، لذلك كان هذا الحوار مع اللواء عصام بديوى محافظ المنيا. المنيا تضم آثارا من كل العصور، فلماذا تتخلف سياحياً؟ لأن التخطيط السياحى غير منصف للمحافظة، فرغم تمتعها بكل هذه الآثار خصوصا الدينية إسلامية، ومسيحية وأيضا فرعونية، حيث كانت أرضها مهداً لأول تجليات التوحيد فى العهد الفرعونى إلا أن نصيبها من السياحة لم يتجاوز سياحة اليوم الواحد. وأعمل على تغيير هذا النمط من السياحة بالتنسيق مع الجهات المعنية، مع وضع خطة لرفع كفاءة الخدمات فى المناطق الأثرية وتشجيع الاستثمار فى المجال الفندقى لأن الطاقة الاستيعابية للفنادق حاليا أقل من الأعداد المستهدفة من السياح ، والتعاون مع وزارة الآثار من خلال الوحدات المحلية لمواجهة التردى فى المناطق الأثرية بالتعاون مع الأمن، وستتم خلال الفترة القادمة إزالة التعديات بمنطقة «تونا الجبل» الأثرية، وكذلك منطقة جبل الطير وكنيستها المقدسة ، وهى من أشهر وأهم الكنائس المسيحية على الإطلاق حيث شهدت وجود العائلة المقدسة، ولكن الطريق إليها للأسف مشوه بمقابر حديثة تسيء فى شكلها وطريقة بنائها لجلال وجمال المكان وتجبر الراغب فى الوصول إليها على المرور فى طريق لا يليق بالمكان ولا قداسته، وقد بدأنا فى التفاوض مع الأهالى والكنيسة لإزالتها وسنوفر لهم أماكن أخرى كمقابر، مؤكدا أنه لم يتخذ قرار الإزالة إلا بالاتفاق مع الكنيسة والأهالى احتراما لعظام الموتى وحرمتهم، وفى تقديرى أن الجميع سيوافق لأن التطوير سيشمل المنطقة التى تخدم مليونى زائر سنويا. وماذا عن التعديات التى تمت خلال السنوات الماضية سواء على أراضى الدولة أو أراض زراعية؟ لدى توجيهات بضرورة الإزالة ، وقد بدأنا بالفعل بإزالة إحدى العمارات التى أقيمت فى مدينة مغاغة، قام صاحبها ببناء 6 طوابق زيادة على الترخيص. ثم استولى على حرم الطريق الزراعى (أسوانالقاهرة) وقمت بنقل رئيس المدينة وإيقاف رئيسة التنظيم بالوحدة المحلية عن العمل وإحالتهما للتحقيق، وكذلك إزالة مخالفات فندق سياحى رغم تحرير 51 مخالفة على مدى سنوات عديدة، حتى نعطى إشارة إيجابية بأنه لا أحد فوق القانون، وتلك فلسفة المرحلة التى تحمل رسالة إلى المواطنين الشرفاء أن انصياع الجميع للقانون هو أساس العدل والتنمية. معلوم أن المنيا من المحافظات الطاردة للعمالة، فهل لديكم خطط لاستثمار الإمكانيات المتاحة لتشغيل أكبر عدد من الشباب؟ بالتأكيد لأن البطالة والأمية من أسباب ظهور الإرهاب، وتمثل البطالة فى المنيا نسبة 6% من إجمالى البطالة على مستوى الجمهورية ، والملاحظة أن أغلبهم فى الريف، ولذلك عكفت على دراسة الأزمة وأسبابها ودراسة معوقات الاستثمار حتى تكونت رؤية للتحرك تجاه حلها، أولا بطمأنة المستثمرين واستعادة ثقتهم فى مناخ الاستثمار الآمن فى المحافظة، وبدأنا بدعم بعض المشروعات التى توقفت وحل أزمات عدد منها ، حيث تقدم عدد من المستثمرين الجدد بطلبات لإنشاء مشروعات أسمدة وأخشاب وتدوير مخلفات الزراعة. وهناك مشروع كبير لإنشاء مدينة للصناعات النسجية تستوعب حسب دراسة الجدوى من 20 إلى 30 ألف عامل. ولكن مثل هذه الصناعة تستوجب توافر الخام من الأقطان فى حين أن مساحة زراعته تراجعت فى المنيا منذ سنوات؟ هذا صحيح ولذلك قمنا بالاتفاق مع وزارة الزراعة على المساعدة، كما أن المستثمر أيضا سيقوم بتوفير الخامات من خلال زراعة مساحات كبيرة بالأقطان. وما نصيب المصانع المتوقفة عن العمل فى المحافظة من اهتمامكم؟ بالتأكيد لها اهتمام كبير، حيث إن التوقف عن العمل والإنتاج كان لأسباب بسيطة وقد قمنا بعمل حصر لكافة المشروعات المتوقفة وبدأنا فى معالجة أسباب التوقف ومنها مصنع العسل الأسود بمنطقة تونا الجبل، لأن المنيا من أولى المحافظات سواء فى إنتاجه أو تصديره، حيث قمت بزيارة المصنع بصحبة أساتذة ومتخصصين وطلبة من جامعة المنيا، ورغم إنشاء المصنع بتقنية حديثة وطاقة تصل إلى طنين يوميا خلال موسم القصب إلا أن التوقف حدث لأسباب بسيطة وخاطبت وزارة الصناعة لنقل ملكية المصنع من الوزارة إلى المحافظة لتشغيله بكامل طاقته خلال موسم القصب، أما فى غير الموسم فسيتم استغلاله مع تعديل بسيط لإنتاج صلصة الطماطم.