تقف البلطجة وسوء الإدارة والبيروقراطية الإدارية، وكذا افتقار الفكر التنموي لدى المسؤولين، عائقا أمام الحركة الاستثمارية وفرص التنمية بالمنيا، ولا زالت مبادرات وخطط الخبراء والشباب حبيسة الأدراج، لتظل المحافظة بعيدة عن استغلال الأراضي الزراعية والصحراوية، والمناطق السياحية والصناعية والثروات الطبيعية. الاستثمار التعديني ففي قطاع الاستثمار التعديني، تمتلك المحافظة ثروات محجرية، إذ تضم 23 ألف فدان غير مستغلة، وتستغل ألف و71 فدان فقط في صناعة مواد البناء، ما يهدر قيمتها الطبية والكيميائية والصناعية، فتبلغ نسبة كربونات الكالسيون 98% وتعد أفضل أنواع الحجارة البيضاء علي مستوي العالم. وقال محمد عبد الفتاح، مدير المحاجر ل»البديل«، إن الحجر الجيري يقع علي مساحة 60 كم طول و20 كم عرض بمتوسط سمك 30 م، وهي مساحة مستغلة في أغراض البناء، في حين أن للحجر الجيري استخدامات طبية وكيميائية، ويدخل في صناعات الدواء والغذاء والزجاج والورق والأسمنت الأبيض والأعلاف، كما يستخدم الحجر الطفلي في صناعة الأسمنت الرمادي والجيري الدولوميتي الصلب يستخدم كأحجار للزينة. وأوضح مصدر بإدارة المحاجر أن هناك أكثر من 340 محجرا غير مرخص، ما يعد وجها آخر لإهدار الثروة والمال العام، مضيفا أن قيمة مخالفات عدم سداد الرسوم الضريبية للمحاجر المتجاوزة وصلت إلى 43 مليون جنيه. السياحة وفي قطاع السياحة، لم يستغل المسؤولون في المحافظة، المكنون الأثري والطبيعة الخلابة في جذب السياح وتنشيط السياحة الداخلية والخارجية، وبرغم ترتيب المحافظة في المركز الثالث أثريا، إلا أن السياحة قطاع غائب تماما، وقال صلاح البدري، مسؤول شعبة السياحة بالغرفة التجارية في المنيا ل»البديل«إن المحافظة تحتاج إلى جبهة إنقاذ للسياحة. ورصدت »البديل«إهمال وإغفال مواقع أثرية عدة، أبرزها مدينة البهنسا التي تلاحقها تعديات البناء وغياب الخدمات، وكذا منطقة حبنو الفرعونية التي لا يعرف أبناء المحافظة شيئا عنها، برغم أنها أقدم الآثار المصرية، فتضم هرم هو الأقدم، إضافة للمقابر، والمصانع الفرعونية، كما توجد قرى أثرية كقرية الأشمونين، والشيخ عبادة، وعرب الشيخ محمد، وصندفا، تظل خارج الخريطة السياحية. وبدلًا من إنشاء بواخر سياحية على كورنيش النيل لتنشيط السياحة الداخلية، خرج محافظ المنيا بقرار يفيد غلق مشروع البواخر السياحية التابعة للمحافظة؛ بحجة عدم قدرتها على العمل وتحقيق الناتج المطلوب منها، وكان الأولى أن يبحث في أسباب خسارتها المادية، بعدما أصبحت طاردة للزبائن؛ لعدم توافر الخدمات وتقديمها بشكل لائق للمواطنين. وقال محمود النبراوي، مدير عام سابق بإدارة السياحة في المنيا، إن معوقات السياحة بالمحافظة تتلخص في افتقارها للطرق الملائمة المؤدية للمناطق الأثرية والسياحية شرقا وغربا، وشبكة المواصلات، كما تفتقر لعامل التسويق السياحي، واللوحات الإرشادية، والغرف الكافية داخل الفنادق. وطالب بحل لهذه المشكلات للنهوض بالقطاع السياحي، مع تحديد مواقع للاستثمار السياحي؛ لإنشاء فنادق وقرى سياحية، وطبع كتيبات ومطبوعات جديدة تتضمن خرائط، وصور، ونبذة عن كل موقع أثري، إضافة لإحلال وتجديد المراسي النيلية التي تعرض للإطماء، وكذا الاستراحات السياحية والأثرية، إلى جانب الاهتمام بالمناسبات والمواسم السياحية، وإنشاء ألفي و700 غرفة سياحية، في حين أن المنيا تضم 300 فقط، ومن المفترض أن تحوي 3 آلاف غرفة. واقترح صلاح البدري، رئيس شعبة السياحة بالغرفة التجارية، تشغيل مطار المنيا المدني، وتوفير الخدمات بالمواقع السياحية والأثرية، وإقامة معرض دولي وبازارات، وتبني رؤية لإنشاء مدن سياحية. الاستثمار الزراعي وفي مجال الأراضي الصحراوية، تسيطر مجموعات من العرب والبلطجية، على معظم أراضي الظهير الصحراوي، في حين تقدم أكاديميون وخبراء ومستثمرون بعدة مشروعات لزراعة بعض أنواع المحاصيل التي تدر دخلا طائلا وتعتمد على مياه الآبار والصرف الصحي، وقال عماد عبيد، رئيس اتحاد الفلاحين بالمنيا ل»البديل«إنه يتوجب على الدولة تحرير تلك الأراضي من يد البلطجية، وبدء مشروعات زراعية كبرى لزراعة محاصيل مثل الجوجوبا. وبحسب رئيس شعبة الاستثمار، وائل قطب، اشتكى مستثمرون من تعسف الحكومة منذ أعوام، في تمليكهم الأراضي، ما جعلهم عرضة لبطجة العرب بالاستيلاء على أراضيهم، أو إجبارهم على دفع إتاوات؛ تجنبا لوضع اليد. الاستثمار الصناعي ويظل قطاع الاستثمار الصناعي يعاني انهيار المرافق والخدمات والبيروقراطية الإدارية وما تقتضيه من كثرة القيود الإجرائية، إضافة لإغلاق قرابة مائة مصنع بالمدينة الصناعية، وصدأ معدات وماكينات المصانع، رغم إنشاء المدينة على مساحة 6.3 مليون متر، وإنفاق المليارات عليها. وباعتراف مهندس أحمد فؤاد، رئيس جهاز المنطقة الصناعية، تظل المناطق الصناعية بالمنيا مهملة منذ 11 عاما، من بينها منطقة منشأة على مساحة 360 مليون فدان و200 ألف متر غير موجودة على أرض الواقع، ما جعلها عرضة لوضع اليد، مضيفا أن تحكم قرابة 14 هيئة في عملية توزيع الأراضي على المستثمرين أهم معوقات الاستثمار، وموضحا أن منطقة المطاهرة بها أكثر من 300 مصنعا لم تبدأ حتى الآن عملها بسبب الروتين. في 14 مارس الماضي، كشف قرار محافظ المنيا، الخاص بسحب الأراضي ل29 مشروعا بالمنطقة الصناعية، وجود مصانع ومشروعات مقامة منذ 18 عاما ولم تبدأ عملها، ما يوضح عدم جدية أصحابها، ومخالفتهم القرارات الخاصة بسحب الأرض بعد 3 سنوات حال عدم البدء، وكانت هي نفس الأسباب التي ذكرها المحافظ حول أسباب سحب الأراضي. وقال المهندس أحمد سعد، مسؤول جمعية المستثمرين بالمنيا ل»البديل« إن قرابة مائة مصنع كلفوا الدولة ملايين طائلة، وتوقفوا عن العمل بسبب الروتين، وعدم توفير البنية التحتية، وتعثر المستثمرين، وفرض إتاوات من قبل البلطجية على أصحاب المصانع، كما توجد مصانع وهمية لم تتخذ إجراءات بشأنها. في الوقت نفسه، يظل مصنع حليج الأقطان متوقفا منذ 8 أعوام، رغم حاجته إلى أعمال صيانة بسيطة لبعض الآلات، وصدر قرار من البنك بتصفيته العمالة وتسريحها، وبيع المعدات كخردة، رغم صلاحيتها للعمل. واقترح وائل قطب، رئيس شعبة الاستثمار، افتتاح مجموعة خدمات بالغرفة التجارية للقضاء على كثرة القيود الإجرائية، على أن تبدأ باستخراج مستندات ملكية الأراضي، ومخاطبة الجهات المختتصة، والبت في صلاحية إقامة المشروع من عدمه، وتوفير خدمات البنية التحتية. وأوصى شمس الدين نور الدين، عضو جمعية رجال أعمال أسيوط وأحد المستثمرين، بوضع جداول للمشروعات، وإعداد قاعدة بيانات شاملة للفرص والمناطق الاستثمارية والصناعية بالمحافظة، مع تفعيل نظام الشباك الواحد لإنهاء الإجراءات.