حرص المشرع الدستورى على استقلال وتفعيل السلطة القضائية بهيئاتها المختلفة ، لتحقيق العدالة الناجزة وسرعة التقاضى بمختلف أنواعه ودرجاته ، ونص على أن قوانين هذه الجهات من المكملة للدستور، وأضفى بعض الاختصاصات الجديدة للهيئات القضائية ، ومنها هيئة قضايا الدولة التى تنوب عن الحكومة فى القضايا المرفوعة ضدها خاصة فى ضبط العقود ودعاوى التحكيم والاشراف على الادارات القانونية بالجهات الحكومية لضبط الاداء وتدقيق الصياغة القانونية حفاظا على حقوق الدولة ، مما يتطلب من مجلس النواب مراعاة ذلك كله عند التعرض لقانون هيئة قضايا الدولة واختصاصتها الدستورية ..؟ المستشار محمد عبد اللطيف شحاتة الامين العام لهيئة قضايا الدولة ، يقول: ان الهيئة انتهت من إعداد مشروع قانون جديد ينظم كل شئونها واختصاصاتها بما يتفق وحكم المادة -196- من الدستور. موضحا ان الاختصاصات الجديدة التى أُسندت لقضايا الدولة بموجب النص الدستورى تحتاج إلى تفعيل لما سوف يكون لها من دور كبير فى حل المنازعات الداخلية والخارجية المقامة ضد الحكومة، مع تعديل قانون هيئة قضايا الدولة ، بما يتيح لها الاختصاص الكامل بصياغة مشروعات العقود التى تُحال إليها من الجهات الإدارية وتكون الدولة طرفًا فيها، مشددا على الأهمية القصوى لهذا الاختصاص لتلافى الأخطاء الفادحة التى تتضمنها بعض عقود الدولة ، ويترتب على الحكم ببطلانها نتائج وخيمة على الخزانة العامة وعلى سير المرافق العمومية، مشيرا إلى أنه على مدى الفترات الماضية، صدر عدد من الأحكام القضائية التى أبطلت عقودًا كبرى للدولة، خاصة فى مجال الاستثمار، مما نتج عنه لجوء المستثمرين إلى التحكيم الدولي، بطلبات تعويض ضخمة وتكليف الدولة أعباءً مالية جسيمة تعرقل جهودها فى تسيير مرافقها العامة، وأوضح أن السبب الرئيسى فى غالبية الأحكام الصادرة بإلغاء هذه العقود هو عيب فى صياغتها أو إهمال إجراءات قانونية أو شكلية واجبة الاتباع، وعدم إحكام ضمانات الدولة كطرف فى العقد عن جهل بأصول الصياغة القانونية، وعدم امتلاك المقدرة القانونية لضبط شروط وبنود العقود لا سيما مع الشركات والأفراد الأجانب والتى تتضمن شروط تحكيم، أو خضوعها لاتفاقيات استثمار توجب الفصل فى المنازعات عن طريق التحكيم لدى مراكز تحكيم أجنبية، والتى تحتاج إلى خبرات خاصة فى هذا المجال. أختصاص الهيئة طبقا للدستور وأضاف المستشار عبد اللطيف أن الدستور الحالى انتبه لذلك وأسند إلى قضايا الدولة الاختصاص بصياغة عقود الدولة، بما لها من خبرات قانونية كبيرة متراكمة عبر السنين، مكتسبة من آلاف المنازعات التى تولتها فى مجال العقود بساحات التحكيم الدولى والداخلى ومن أحكام المحاكم الأجنبية والمحلية، و بموجب هذا الاختصاص، تقوم قضايا الدولة بمراجعة وتدقيق بنود العقود وضبط ألفاظها وعباراتها وما يتصل بها من اشتراطات وفقا للقوانين واللوائح والقرارات ذات الصلة، وتشمل المراجعة الإجراءات التى تسبق العقد وجميع ما يعتبر جزءًا منه، للوقوف على مدى مطابقتها لأحكام القانون، مما يترتب عليه حسن سير المرافق العامة بانتظام، وضبط الالتزامات المتبادلة وتفادى سبل النزاع وتعطيل المرافق العامة، وسد الثغرات التى قد يلج منها المتعاقدون مع الدولة ممن يستبيحون المال العام، كما أسند المشرع الدستورى لقضايا الدولة الإشراف الفنى على إدارات الشئون القانونية بالجهاز الإدارى للدولة بالنسبة للدعاوى التى تباشرها، أسباب عرقلة قضايا الحكومة وأشار الامين العام لقضايا الدولة إلى أن دورة التقاضى فى الدعاوى التى تكون الدولة طرفاً فيها، تتعرقل فى مرحلة إعداد مستندات الدعاوى ووقائعها، فكثيراً ما يتم حجب هذه المستندات عن قضايا الدولة، كما يتم إرسالها أحيانا لقضايا الدولة متأخرة ومشوبة بالأخطاء وعدم الدقة، وهذه المرحلة المهمة تقوم بها الإدارات القانونية بالجهاز الإدارى للدولة، وتؤثر- سلباً- على دور قضايا الدولة فى الانابة عن الدولة فى هذه الدعاوي، ويقتضى تفعيل هذا الاختصاص أن ينظم القانون الجارى إعداده عملية الإشراف الفنى ونطاقها الموضوعى والزمني، ببيان الموضوعات التى تتولى قضايا الدولة الإشراف عليها فى الإدارات القانونية وآليات هذا الإشراف بما يجعله إشرافاً حقيقياً يحقق القصد التشريعى المبتغي، وبما يضبط عمل الإدارات القانونية بالجهاز الإدارى للدولة، مما يترتب عليه تنفيذ الإدارات القانونية لواجبها فى تجهيز المستندات الصحيحة، والوقائع الموضوعية وإحالتها للقسم المختص بقضايا الدولة، وبالتالى اختصار الوقت المهدر وتقليل مدة الفصل فى القضايا وتدقيق المعلومات واستيفاء المستندات بطريقة سليمة وكاملة، مما يمكن قضايا الدولة من المحافظة على حقوق الدولة والمتقاضين بتقديم المستندات والمعلومات الصحيحة التى تفيد فى إظهار وجه الحق فى الدعوي، سواءً كانت لصالح الجهة الإدارية أو الطرف الآخر نزولاً على الخصومة الشريفة للدولة مع مواطنيها، فهل يستجيب مجلس النواب لقضايا الدولة فيما تعرضه بقانونها الجديد، ويسارع الى تطبيق تلك الاختصاصات بما يكفل تحقيق المقاصد الدستورية المبتغاة وصولا للعدالة الناجزة؟.