سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«قضايا الدولة» تطالب بتفعيل اختصاصاتها في حماية العقود.. الانتهاء من إعداد القانون الجديد وإرساله للنواب.. يحل منازعات ضد الدولة ويتلافى أخطاء تحمل الخزانة الكثير من الأموال
رغم إقرار دستور 2014 منذ 3 سنوات إلا أن القوانين المحققة للعدالة الناجزة ومن بينها قانون هيئة قضايا الدولة لا تزال حبيسة الأدراج رغم أهميتها للدولة والمتقاضين، فإلى متى تستمر الهيئات القضائية بالعمل بالقوانين القديمة؟ وأين أعضاء مجلس النواب من القوانين الخاصة بالقضاء ولماذا لم يتم إقرارها رغم أنها جاهزة؟ تفعيل الدستور يقول المستشار محمد عبد اللطيف شحاتة، الأمين العام لهيئة قضايا الدولة ورئيس اللجنة الإعلامية، إن قضايا الدولة انتهت من إعداد مشروع قانون جديد ينظم كافة شئونها واختصاصاتها بما يتفق وحكم المادة 196 من الدستور. أوضح أن الاختصاصات الجديدة التي أُسندت إلى قضايا الدولة بموجب النص الدستوري رقم 196 تحتاج إلى تفعيل لما لها دور كبير في حل المنازعات الداخلية والخارجية المقامة ضد الحكومة، لأنه يتيح الاختصاص الكامل بصياغة مشروعات العقود التي تُحال إليها من الجهات الإدارية وتكون الدولة طرفًا فيها، من ضمن الاختصاصات التي أسندها المشرع الدستوري إليها في المادة 196. أخطاء فادحة وشدد على الأهمية القصوى لهذا الاختصاص الذي طالما نادي الفقه بإسناده إلى قضايا الدولة لتلافي الأخطاء الفادحة التي تقع في بعض عقود الدولة ويترتب على الحكم ببطلانها نتائج وخيمة على الخزانة العامة وعلى سير المرافق العامة. ولفت إلى أنه على مدى العقود الماضية، صدر عدد من الأحكام القضائية التي أبطلت عقودًا كبرى للدولة، خاصة في عقود الاستثمار، مما نتج عنه لجوء المستثمرين إلى التحكيم الدولي بطلبات تعويض ضخمة، وتكلفة الدولة أعباءً مالية جسيمة تعرقل جهودها في تسيير مرافقها العامة. إهمال قانوني وتابع بأن السبب الرئيسي في غالبية الأحكام الصادرة بإلغاء هذه العقود هو عيب في صياغتها أو إهمال إجراءات قانونية أو شكلية واجبة الاتباع، أو لم يتم إحكام ضمانات الدولة كطرف في العقد عن جهل بأصول الصياغة القانونية وعدم امتلاك المقدرة القانونية لضبط شروط وبنود العقود لا سيما في العقود مع الشركات والأفراد الأجانب والتي تتضمن شروط تحكيم أو تخضع لاتفاقيات استثمار توجب الفصل في المنازعات عن طريق التحكيم لدى مراكز تحكيم أجنبية، والتي تحتاج إلى خبرات خاصة في هذا المجال. خبرة قضايا الدولة من جانبه قال المستشار عبد السلام محمود، الأمين العام المساعد وعضو اللجنة الإعلامية لقضايا الدولة، إن المشرع الدستوري انتبه لذلك في الدستور الحالي، ووجد أن أفضل الحلول لهذه الإشكالية أن يُسند إلى قضايا الدولة الاختصاص بصياغة عقود الدولة بما لها من خبرات قانونية كبيرة متراكمة عبر السنين، مكتسبة من آلاف المنازعات التي تولتها في مجال العقود بساحات التحكيم الدولي والداخلي ومن أحكام المحاكم الأجنبية والمحلية. وتابع بأنه بموجب هذا الاختصاص، تختص قضايا الدولة بمراجعة وتدقيق بنود العقود وضبط ألفاظها وعباراتها وما يتصل بها من اشتراطات وفقا للقوانين واللوائح والقرارات ذات الصلة، وتشمل المراجعة الإجراءات التي تسبق العقد وجميع ما يعتبر جزءًا منه، للوقوف على مدى مطابقتها لأحكام القانون، ومن ثم تطهير العقد من المخالفات التي يمكن أن تشوب إبرامه أو بنوده أو استكمال النقص في تغطية بعض الشروط، تجنبًا للوقوع في خطأ قانوني قد يؤثر على تنفيذ العقد أو على مدى صحته من الوجهة القانونية مما يؤثر تأثيرا كبيرا على الخزانة العامة. وأشار إلى أنه سيترتب على ذلك حسن سير المرافق العامة بانتظام، بضبط الالتزامات المتبادلة وغلق سبل النزاع وتعطيل المرافق العامة، وإنهاء أي ثغرات قد يلج منها المتعاقدون مع الدولة ممن يستبيحون المال العام. أعباء مالية للدولة وأكد المستشار الدكتور مظهر فرغلي، نائب رئيس قضايا الدولة أن المشرع قد وجد في هيئة قضايا الدولة ما يغيب عن الكثير من القانونيين الذين لم يخوضوا معترك هذه المنازعات الدولية، خاصة أنه قد صدرت الكثير من الأحكام القضائية أو أحكام التحكيم ضد جهات إدارية بإلغاء عقود أو التعويض المالي عنها بسبب سوء الصياغة والخلل في صياغة الالتزامات المتبادلة بين الجهات الإدارية والمتعاقدين معها، إهمالًا أو جهلًا بالقانون وقواعد الصياغة، مما يكلف الدولة أعباءً مالية جسيمة ويُعرقل جهودها في تسيير مرافقها العامة، ومن هذه الأحكام ما أحدث صدى إعلاميًا ومنها ما لم ترصده وسائل الإعلام. وأوضح أن القانون تضمن ما ورد بالنص بشأن «الإشراف الفني على إدارات الشئون القانونية بالجهاز الإداري للدولة بالنسبة للدعاوى التي تباشرها»، هو أحد الاختصاصات التي أسندها المشرع الدستوري لقضايا الدولة في المادة 196، مشددًا على أهمية هذا الاختصاص. حجب المستندات وأشار الدكتور مظهر إلى أن المشرع الدستوري تضمن أن دورة التقاضي في الدعاوى التي تكون الدولة طرفًا فيها تتعرقل في مرحلة إعداد مستندات الدعاوى ووقائعها، فكثيرًا ما يتم حجب هذه المستندات عن قضايا الدولة، كما يحدث كثيرًا أن يتم إرسالها لقضايا الدولة مشوبة بالأخطاء وعدم الدقة، وهذه المرحلة المهمة تقوم بها الإدارات القانونية بالجهاز الإداري للدولة، وتؤثر سلبًا على دور قضايا الدولة في النيابة عن الدولة في هذه الدعاوى، فارتأى المشرع الدستوري أن قضايا الدولة هي الأقدر على ضبط هذه المرحلة، ومعالجة أوجه القصور التي تشوبها، وأوسد إليها الإشراف على الإدارات القانونية بالجهاز الإداري بالدولة. وبموجب هذا الاختصاص يتم إسناد الإشراف الفني على العمل القانوني للشئون القانونية بالجهاز الإداري للدولة إلى مستشاري قضايا الدولة دون أي مقابل مالي مثل ندب المستشارين والخبراء الذي يكون بمقابل مالي، بل سيكون عملهم القضائي في الإشراف الفني مجرد تنفيذ للاختصاص الدستوري مقابل رواتبهم التي يتقاضونها. ملامح القانون وتابع: يقتضي تفعيل هذا الاختصاص أن ينظم القانون الجاري إعداده عملية الإشراف الفني ونطاقها الموضوعي والزمني ببيان الموضوعات التي تتولى قضايا الدولة الإشراف عليها في الإدارات القانونية وآليات هذا الإشراف بما يجعله إشرافًا حقيقيًا يحقق القصد التشريعي المبتغى وبما يضبط عمل الشئون القانونية بالجهاز الإداري للدولة، ومن ثم ينضبط عمل الجهاز الإداري. ويترتب على المعالجة التشريعية المطلوبة لهذا الاختصاص عدة مزايا منها سرعة تنفيذ الإدارات القانونية لواجبها في تجهيز المستندات الصحيحة والوقائع الموضوعية وإحالتها للقسم المختص بقضايا الدولة، وبالتالي اختصار الوقت المهدر وتقليل مدة الفصل في القضايا وتدقيق المعلومات واستيفاء المستندات بطريقة سليمة وكاملة، ويترتب على ذلك المحافظة على حقوق الدولة والمتقاضين بتقديم المستندات والمعلومات الصحيحة التي تفيد في إظهار وجه الحق في الدعوى، سواءً كانت لصالح الجهة الإدارية أو الطرف الآخر نزولا على الخصومة الشريفة للدولة مع مواطنيها، فضلا عن عدم طلب إقامة دعاوى تافهة القيمة أو بالمخالفة للمبادئ القضائية المستقرة. الموافقة قبل إقرار القانون قال أحمد عاشور رمضان، عضو اللجنة الإعلامية لقضايا الدولة، إنه من الثوابت الدستورية موافقة الهيئة أو الجهة القضائية على الأمور المتعلقة بقوانين أخرى تمسها قبل إقرار القانون. وأكد أن الدستور المصري نص في المادة 185 على أن تقوم كل جهة، أو هيئة قضائية على شئونها، ويكون لكل منها موازنة مستقلة، يناقشها مجلس النواب بكامل عناصرها، وتدرج بعد إقرارها في الموازنة العامة للدولة رقمًا واحدًا، ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين المنظمة لشئونها. ولفت إلى أن أية قوانين معروضة على مجلس النواب متوقفة على أخذ رأي الهيئة أو الجهة القضائية والتي حددها القانون والدستور على سبيل الحصر، وهي النيابة العامة ومجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية، وذلك حينما يكون مشروع القانون المقدم متعلقا بإحدى هذه الهيئات أو الجهات القضائية فهو من الأمور الثابتة والمسلم بها قانونا ودستورا ولا تفسير فيها أو تاويل خلاف ذلك، وإلا يصبح القانون معرضا للبطلان. وأشار إلى أن التعيين بالجهات والهيئات القضائية سالفة الذكر يخضع لقوانينهم الخاصة وترقياتهم وكل ما يتعلق بشئونهم الداخلية، والتي تمت في إطار من القرارات الجمهورية والتي تختلف عن طرق التعيين بباقي الوظائف الإدارية للدولة. وعليه فإن العمل والنقل بين تلك الوظائف القضائية جائز قانونا ودستورا فيما بينهم فقط لتعلقه بعمل قضائي مماثل، وطريقة التعيين والترقيات والإحالة للمعاش تمت بقوانين خاصة نظمت العمل بالهيئات والجهات القضائية على سبيل الحصر.