يحتاج بعض الوزراء إلى أن يتذكروا دائماً، وقبل أى تصريح أو إعلان ينطقون به، أنهم أقسموا على احترام الدستور، كما أنهم ملزمون بسياسة عامة، وأن أى خروج على هذا السياق لا يدخل فى حق الاجتهاد المقبول، ولا فى باب حرية التعبير. وقد انتُهِكَت هذه القواعد خلال الأيام القليلة الماضية عدة مرات، كان آخرها تصريح الدكتور أحمد عماد الدين وزير الصحة عندما بادر طواعية فى فتح معركة لا ينحصر مجالها على شخصه، وإنما يصل أثرها إلى النظام الحاكم كله بمقتضى المسئولية التضامنية. وذلك عندما قال إن منظومة الصحة متهاوية بسبب القرار الذى أصدره عبد الناصر بأن التعليم كالماء والهواء، وبأن الصحة مجانية لكل فرد، ثم ما فهمه الوزير من أن هذه كانت أسباب ضياع التعليم والصحة! وليس المقصود هنا تصويب نسبة تعبير الماء والهواء إلى طه حسين منذ الأربعينيات وليس عبد الناصر، ولا المقصود مناقشة دقة ما يطرحه الوزير مع ما إذا كانت المنظومة الصحية مجانية بالفعل، أم أنها كانت فى إطار نظام تأمين صحى، أم أنها كانت بدايات نظام تأمين صحى بطموح أن يصل غطاؤه إلى عموم المواطنين، ولا المقصود إثبات تناقض الوزير مع صريح نصّ المادة 18 من الدستور، ولا تعارضه مع وعود الرئيس السيسى. إنما الهدف هنا هو التحذير من هذا النزوع الجديد لدى بعض الوزراء المفتقد للإدراك السياسى، بالتطوع بفتح معارك لم يورطهم فيها أعداء النظام! فما الذى يجعل الوزير يبادر إلى الاعتداء على الرمز الكبير للناصريين وهم حلفاء 30 يونيو؟ فى وقت لم نستفق فيه بعد من الضربة التى وجهها وزير التموين الدكتور على المصيلحى لمنظومة الخبز التى كانت استقرت على حال يحقق الرضا العام، فكان لتدخله أسوأ الأثر فى إعادة مشكلة الرغيف مرة أخرى، فى وقت ترزح فيه الناس تحت ضغوط معيشية هائلة بسبب ارتفاع أسعار كل السلع الأخرى، فعادت المشاحنات والمشاجرات بسبب الخبز، وهى التى كان النظام حقق أكبر نجاحاته فى حلها!! [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب