كما لو كنت قد شاهدت مسارحنا على مدى نصف قرن.. ذلك كان اللقاء الذى حضرته بمناسبة توقيع كتاب سمير خفاجى باسم «أوراق من عمرى»... لم يكن فى مكتبه أو فى قاعة كبيرة أو فى فندق كما يتم عادة توقيع الكتب للجمهور.. يثمن الكتب الجديدة التى يوقعها المؤلف باسم كل من يقتني كتابه بثمن شرائه أو يقتنيه كهدية. بالنسبة لى وللآخرين أيضا كان التوقيع كهدية لمجموعتنا التى جمعها الكاتب والمسرحى العظيم سمير خفاجى. كانت المجموعة تتشكل من معظم من صادقتهم فى المسرح أو فى الجريدة أو فى أى استوديو أو مكان لقراءة النصوص. هذا بالضبط ما شاهدته وأنا بين فنانين مسرحيين وسينمائيين ومعهم عدد من الصحفيين والإعلاميين. هم بالضبط المجموعة التى تشكل منها المسرح المصرى على مدى نصف قرن، والمسرح المصرى هنا كنت أكتب عنه بصفة عامة.. لا اكتب المسرح الخاص ولا مسرح الدولة أى مسرح القطاع العام. نصف قرن جمعنا مع من قدموا أكبر نهضة مسرحية فى القرن العشرين.. إنها النهضة المسرحية التى بدأ مشواره بها الفنان والكاتب والمؤلف سمير خفاجى وهى فرقة الفنانين المتحدين. كان أن قدم الكثير من الجهد والعرق حتى يصل فى النهاية لهذه الفرقة الرائعة التى تشكلت من معظم كبار الفنانين والفنانات الذين نشاهدهم حاليا.. نشاهدهم فى التليفزيون أو فى السينما أما المسرح فله حكاية أخرى. بدايته وهو طالب فى كلية الحقوق حين تزاملنا فيها ليتحرك هنا وهناك ليس وراء القانون ولكن وراء إقدامه على تشكيل هذه الفرقة الرائدة. اتجه إلى الإذاعة.. شارك فى أهم ما قدمته فى البرنامج الشهير ساعة لقلبك.. كتب دون أجر لجهات أخرى حتى تظهر أمام الجماهير.. صاحب نجيب الريحانى وبديع خيرى وغيرهما من كبار قادة الفن فى النصف الثانى من القرن العشرين. منحه الله موهبة استغلها فى تقديمه معظم من قدموا المسرح الخاص، وخاصة المسرح الكوميدى. كان هذا اتجاهه للتعرف على عادل إمام وفؤاد المهندس وشويكار وسهير البابلى وشيريهان ووحيد سيف وعبدالله فرغلى وسعيد صالح وعبدالمنعم مدبولى وأحمد زكى ويونس شلبى، ويمكن أن أظل أكتب فى الكثير من الأسماء التى لمعت فى مسرحه الكوميدى الذى انتهى بشادية.. الفنانة السينمائية الكبيرة فى أول تجاربها للمسرح «ريا وسكينة» والتى اختتمت بها مشوارها الفنى . كسب الكثير من المسرح.. وأيضا خسر الكثير بسبب المسرح.. مكاسبه لم يوظفها فى أى جهة خارج المسرح.. تستشعر أنه خلق لهذه المهمة التى أسعدتنا جميعا فلا أذكر له مسرحية واحدة فشلت فى مهمتها باضحاك الجمهور وإسعاده بعيدا عن كل ما لا يمت للذوق بصلة.. وكيف يقدم هذا الفشل وهو الكاتب الذى قضى عمره فى الكتابة، وأيضا مصر عددا من النصوص العالمية فكان توقيعه أمامنا على خشبة المسرح. كانت فرقة الفنانين المتحدين صاحبة أكبر اسم فى فرق القطاع الخاص وأيضا صاحبة أكبر اسم فى المسرح المصرى الذى كانت تنافس فيه مسارحنا الكبيرة كالقومى والطليعة والكوميدى والحديث. كانت تنافسه فى عدد المتفرجين بالرغم من أنه كان فى أوج نشاط وتألقه بكبار كتابنا ومخرجينا. استطاع برغم المرض أن يجمعنا فيما يشبه العائلة بكبيرها وصغيرها. لم نشعر أننا فى بيت سمير خفاجى.. بل فى عز المسرح!!