كان د. ناجى شاكر أيقونة تصميم العرائس فى مصر والعالم العربى- محقا حينما وصف إقامة مهرجان دولى للعرائس بلا إمكانات مادية، بالجنون.. فمثل هذه النوعية من المهرجانات تحتاج تكاليف مادية خرافية لتخرج فى أعلى مستوى، ولكن الجنون الحقيقى يتمثل فى جرأة مصمم العرائس محمد فوزى فى تجاوز تلك المعوقات بفكرة بسيطة للغاية وهى إقامة مهرجان دولى لعروض العرائس تُبَث عروضه مباشرة عبر الإنترنت يوميا حتى 30 مارس الجارى. الفكرة التى لجأ إليها فوزى تتخطى معوقات توفير أماكن إقامات الفرق فى حالة استضافتها بالقاهرة، وكذلك توفير كم هائل من المسارح لتقديم 37 عرضا عرائسيا مع العديد من الندوات والورش الفنية، واكتملت تلك الجرأة حينما قرر إطلاق افتتاح هذا الحدث فى منطقة مصر القديمة ومجمع الأديان بما يحيطه من شوارع أثرية ضاربة فى عمق التاريخ فيرى العالم كله عظمة تلك المنطقة عبر الإنترنت، وهى خطوة براقة لدعم السياحة المصرية دعمه فيها د. أشرف زكى نقيب الممثلين وبمساعدة الفنان وليد منصور فى توفير منصة المسرح الضخمة، واستضافة درب 1718 الثقافى للحدث بالكامل.. وبين الشوارع الأصيلة العامرة بورش الفخار والزجاج المعشق التف أطفال مصر القديمة فى بهجة وفرح غير مسبوق وهم يشاهدون رائعة صلاح جاهين وسيد مكاوى وناجى شاكر وصلاح السقا وهو أوبريت «الليلة الكبيرة» الذى يزداد بريقا وتهافتا من الجمهور كلما مر عليه الزمن، فتعالت ضحكات الأطفال البسطاء وتصفيقهم وهم يرون دراما شعبية تعبر عنهم وتمثلهم، ببساطة وكوميديا راقية تمثلت فى المواقف بين تلك الشخصيات مثل وصفة الأراجوز طريق منطقة المتولى للعمدة التائه، ولاعب البخت الذى يوجه الزبون بجملة «فتح عينك تاكل ملبن»، ومدرب الأسود شجيع السيما أبو شنب بريمة، ثم بياع الحمص والقهوجى والراقصة والصعيدى والمصوراتى والمنشد وغيرهم.. وتكتمل فرحة الصغار حينما تسابقوا لتعلم الصلصال على يد المبدع محمود الطوبجى، ثم التفاعل الحى بعروض التنورة وأداء فنان العرائس سيد رستم وهو يقدم فقرات راقصة بعرائس مختلفة بمهارة شديدة تعكس انصهار العروسة فى روحه المرحة. المهرجان الذى تقام فعالياته حاليا خطوة أولى تحتاج لمساندة وزارة الثقافة فى العام القادم، فعلى الأقل نتمنى استضافة أكثر العروض جودة وتألقا ضمن فعاليات المهرجان على الإنترنت هذا العام، لتقدَم على مسارحنا تحقيقا لمبدأ الفرجة والتفاعل الحى بين الجمهور والعرائس، باعتبارهما أهم شروط الحالة المسرحية.