استغاثة تلقيناها من أم لأحد الأطفال المصابين بالفشل الكلوى الذين يقومون بإجراء جلسة ( الغسيل الكلوى ) ثلاث مرات أسبوعيا .. تطلب التوسط لتوفير (الفلاتر) اللازمة للغسيل حيث تعانى الوحدة التى يغسلون فيها قرب انتهاء مخزون الفلاتر الموجود بها وبالتالى أصبحوا مهددين بتحويلهم إلى مستشفى آخر أو بتوقف عملية الغسيل للطفل وهو ما يعنى حال استمراره تهديد حياة ابنها !! وللتأكد من صحة الشكوى مبدئيا كان علينا أن نتعرف على ماهى ( الفلاتر ) وأهميتها فى عملية الغسيل وخطورة ندرتها أو عدم توافرها لنكتشف أن ( الفلتر ) عنصر أساسى فى جلسة الغسيل الكلوى وأن دوره مع عناصر أخرى يطلق عليها «المجموعة» هو ( فلترة ) الدم وترشيح السموم الموجودة به فى أثناء جلسة الغسيل ، وأن هناك عدة أنواع و ( مقاسات ) للفلاتر يحددها الأطباء حسب حالة وسن كل مريض مصاب بالفشل الكلوى.. المخزون آمن اتجهنا إلى الدكتور أحمد محيى القاصد رئيس أمانة المراكز الطبية المتخصصة ، وأحد مسئولى وزارة الصحة لاستجلاء الموقف بالنسبة للمخزون الاستراتيجى من الفلاتر فأكد أن المخزون آمن تماما، وأنه يكفى لأكثر من عام مقبل، كما نفى وجود أى احتكار فى عملية توريد واستيراد الفلاتر ، حيث إن المهمة تقوم بها أكثر من شركة وتحت رقابة وإشراف الجهات المسئولة بالدولة. 10% مستورد الدكتور سعد الإمام صاحب إحدى شركات المستلزمات الطبية والمتخصصة فى مستلزمات عمليات الكلى شرح لنا الوضع ، فأكد أن غالبية الفلاتر الموجودة بالسوق المصرية هى (تصنيع محلى) وأن نسبة المستورد منها لا تتعدى 10% ويكاد يكون الاستيراد مقتصرا على شركة كبرى وحيدة تستورد من السويد ، أما التصنيع المحلى فهناك عدة شركات مصرية تتولى مهمته وإنتاجها مطابق للمواصفات.. موضحا أن الحاجة للفلتر المستورد تظهر فى حالات معينة عندما يرى الأطباء أن خامة الفلتر المحلى غير ملائمة لحالة وطبيعة جسم المريض. ويلفت الإمام إلى جزئية مهمة تتعلق ب (الفايبر) - وهو المسمى الذى يطلقونه على الخامة التى يصنع منها جسم الفلتر مؤكدا أنه (خامة مستوردة) ، وهو ما يعنى أنه وإن كان أغلب الفلاتر يتم تصنيعها محليا إلا أن تكلفة التصنيع زادت بعد زيادة سعر الدولار لارتفاع تكلفة وأسعار الاستيراد . وكشف الإمام عن أن إحدى الشركات الحكومية التابعة لقطاع الأعمال العام تم إيقاف إنتاجها منذ فترة لأسباب غير مفهومة برغم أنها كانت صاحبة المشروع الوطنى للغسيل الكلوى ومنتجاتها رخيصة وذات أسعار تنافسية وكوادرها هم المؤسسون لشركات القطاع الخاص، وهو ما يتطلب بحث أسباب توقفها وإعادة الحياة إليها من جديد لحاجة السوق لها. فروق أسعار وأوضح الإمام أنه لا توجد أزمة فى (توافر الفلاتر) وإنما الأزمة فى (ارتفاع أسعارها) مما جعل المراكز الخاصة مهددة بالتوقف بسبب فروق الأسعار بين السعر المحدد رسميا للجلسة والسعر الفعلى بعد زيادة أسعار المستلزمات ومنها الفلاتر، وهو ما جعل بعض المراكز الخاصة تخبر مرضاها بضرورة دفع وتحمل فروق الأسعار وإلا فإن عليهم البحث عن مكان آخر لعمل جلسات الغسيل! ونبه إلى وجود مشكلة أخرى تخص مستلزمات الغسيل الكلوى وتتعلق ب (المحاليل) حيث تم منذ فترة وقف إنتاج إحدى الشركات الكبرى المنتجة لنحو 50 % من احتياجات السوق وهو ما أدى إلى ارتفاع ثمن كرتونة المحاليل عن تسعيرتها الرسمية من 80 جنيها ليصبح سعرها فى السوق السوداء حاليا 450 جنيها !! مصدر بكبرى شركات المستلزمات الطبية والأدوية - والتى كانت قائدة فى السوق المحلية وتنتج وحدها نحو نصف احتياجات السوق من الفلاتر- أكد رسو مناقصة توريد الفلاتر على شركة أجنبية مما دفع شركته للتصدير للأسواق الخارجية .. مشيرا إلى أنه لا توجد أزمة فى وزارة الصحة ومستشفياتها وتوابعها لأنها مرتبطة مع الشركات الموردة بعقود ملزمة وحصص محددة ؛ ولذلك فإن الأزمة تظهر لدى المراكز الخاصة فى توفير احتياجاتها بعد ارتفاع الأسعار. أما فيما يتعلق بالمحاليل فيؤكد أن هناك سوقا سوداء فى المحاليل الطبية تديرها بعض شركات التوزيع الكبرى وتوابعها مما يجعلها تتلاعب فى أسعارها، أما الشركات المصنعة فلا تملك التلاعب لأن المحاليل مسعرة تسعيرة جبرية . تخفيض كميات أحد العاملين بواحدة من الشركات المستوردة للمستلزمات الطبية أكد أن معظم الشركات الموردة تتعامل مع المنتجين دوليا ومحليا بنظام الأجل وأن تحرير سعر صرف الدولار وارتفاعه أدى إلى تضاعف قيمة فاتورة المديونيات الواجب سدادها وهو ما انعكس على تخفيض الكميات الموردة من مستلزمات الغسيل الكلوى للمستشفيات وأسعار جلسات المراكز الخاصة، موضحا أن أحد السبل لتعويض خسائر هذه المراكز قد يتمثل فى زيادة التبرعات الموجهة إليها. ويؤكد المصدر أن دخول شركته أى مناقصة توريد جديدة للمحاليل أو الفلاتر فى الوقت الحالى فيه نوع من المجازفة نتيجة الارتفاع المستمر فى الأسعار ، أما المناقصات القديمة فإنه ملزم بالوفاء بها وتوريد كمياتها المتعاقد عليها سابقا برغم أسعارها المنخفضة حتى لا يتعرض لدفع الشرط الجزائى وإن أجبرته الظروف أحيانا على التأخر فى التوريد ودفع (غرامة تأخير) نظرا لعدم وجود المنتج أو ندرته. وأوضحت مسئولة مخزن بوحدة كلى الأطفال بأحد المستشفيات الجامعية أنه يتم كل فترة عمل مناقصة لتوريد الفلاتر والمحاليل ومستلزمات الغسيل الكلوى إلا أنها تعرضت فى الفترة الأخيرة لنقص فى بعض مقاسات الفلاتر فما كان منها إلا أن تواصلت مع مسئولى الشركة الموردة والذين قاموا بدورهم بتدبير الكمية المطلوبة خصما من حصة مستشفى آخر، كما أن أحد الأطباء الموجودين بالوحدة قام بشراء كمية أخرى على نفقته الخاصة حلا للمشكلة وتخفيفا عن الأطفال المرضى لحين توريد كميات الفلاتر المطلوبة.