استقى الكاتب محمد عبدالحافظ ناصف ثقافته من مشربين؛ فهو ابن مدينة المحلة الكبرى الصناعية بثقافتها العمالية التى عبر عنها فى مجموعاته القصصية: «الفاوريكة» و«مقاعد خالية» و«من حكايات البنت المسافرة»، كما استفاد من التراث والتاريخ فى أغلب نصوصه المسرحية، وكان للثقافة الغربية أيضا أثر عليه فى دراسته اللغة الانجليزية وبعثته لأمريكا عام 96. وتمثل رواية «جزيرة الكنز» للكاتب روبرت لويس ستيفنسون، التى ترجمها ناصف وراجعها د. يسرى إبراهيم وأصدرها المركز القومى للترجمة، أحد أهم مشاريع الترجمة بالنسبة له، فهى أحد أهم روايات أدب الرحلات التى كتبها ستيفنسون من خلال خبرات حقيقية لزيارة كثير من الجزر الدافئة الموجودة فى المحيط الهادى، وقد قُدمت الرواية من خلال العديد من الوسائط الأخرى؛ المسرح والسينما والكارتون، فشاهد الأطفال والكبار العديد من الأفلام والمسلسلات والمسرحيات والأعمال الموسيقية المأخوذة عن هذه الرواية التى أصبحت شخصياتها معروفة لكل أطفال العالم. ويعد ستيفنسون أحد أبرع كتاب أدب الرحلات فى العالم، فقد بدأ حياته الأدبية بهذا النوع من الأدب، فأصدر كتابه الأول «رحلات داخلية» عام 1878، و«رحلات مع حمار» عام 1879، ثم توالت أعماله مثل: «السهم الأسود»، و«المخطوف»، و«كاتريون الطيب»، و«الدكتور جيكل ومستر هايد»، وغيرها، فصارت أعماله رمزا للأعمال التى تتناول المغامرات وأعمال القرصنة وحياة من يركبون البحر، وظلت شخصياته تعيش حتى اليوم فى نفوس الصغار والكبار. وتعتبر ترجمة الرواية كاملة إضافة واضحة للثقافة العربية بكل ما تحمل من أدوات فهم وإبداع وتصور على المستوى العقلى والحضارى مقارنة بأدوات التخيل والفهم، وقد بذل المترجم مجهودا لغويا وجماليا كبيرا للوصول إلى هذا المستوى الجيد من الترجمة، وذلك لأن لغة العصر الفيكتورى الذى كتبت فيه الرواية اعتمدت بشكل كبير على لغة الحياة الواقعية التى مرت بها أحداث الرواية، وقد اختفت بعض المفردات والتراكيب اللغوية التى كانت فى تلك الأوقات، إضافة إلى أن الرواية مكتوبة بصوت الشخصيات التى كان لبعضها قاموسها الخاص، و أدى ذلك لتأخر الترجمة العربية الكاملة للرواية، فما ترجم لها من قبل كان مجرد تبسيط للنشء، وأدى ذلك أيضا لندرة تواجدها فى الدرس الأكاديمى لدارسى اللغة الانجليزية فى مصر والعالم العربى، وأعتقد أن المراجع د. يسرى إبراهيم قد بذل مجهودا طيبا لخروج العمل بالشكل اللائق كما أكد الكاتب محمد عبد الحافظ ناصف فى تصريحاته لوسائل الاعلام.