الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
25 يناير
الأخبار
الأسبوع أونلاين
الأهالي
الأهرام الاقتصادي
الأهرام العربي
الأهرام المسائي
الأهرام اليومي
الأيام المصرية
البداية الجديدة
الإسماعيلية برس
البديل
البوابة
التحرير
التغيير
التغيير الإلكترونية
الجريدة
الجمعة
الجمهورية
الدستور الأصلي
الزمان المصري
الشروق الجديد
الشروق الرياضي
الشعب
الصباح
الصعيد أون لاين
الطبيب
العالم اليوم
الفجر
القاهرة
الكورة والملاعب
المراقب
المساء
المستقبل
المسائية
المشهد
المصدر
المصري اليوم
المصريون
الموجز
النهار
الواقع
الوادي
الوطن
الوفد
اليوم السابع
أخبار الأدب
أخبار الحوادث
أخبار الرياضة
أخبار الزمالك
أخبار السيارات
أخبار النهاردة
أخبار اليوم
أخبار مصر
أكتوبر
أموال الغد
أهرام سبورت
أهل مصر
آخر ساعة
إيجي برس
بص وطل
بوابة الأهرام
بوابة الحرية والعدالة
بوابة الشباب
بوابة أخبار اليوم
جود نيوز
روزاليوسف الأسبوعية
روزاليوسف اليومية
رياضة نت
ستاد الأهلي
شباب مصر
شبكة رصد الإخبارية
شمس الحرية
شموس
شوطها
صباح الخير
صدى البلد
صوت الأمة
صوت البلد
عقيدتي
في الجول
فيتو
كلمتنا
كورابيا
محيط
مصراوي
مجموعة البورصة المصرية
مصر الآن
مصر الجديدة
منصورة نيوز
ميدان البحيرة
نقطة ضوء
نهضة مصر
وكالة الأخبار العربية
وكالة أنباء أونا
ياللاكورة
موضوع
كاتب
منطقة
Masress
محافظ أسيوط : المعلم هو أساس بناء الإنسان وصانع الأمل في مستقبل الوطن
بتكلفة 34 مليون جنيه.. محافظ الغربية يفتتح مدرسة الفرستق الإبتدائية
بدء أعمال لجنة الكشف الطبي للمتقدمين لعضوية مجلس النواب بسوهاج
رئيس اقتصادية قناة السويس يشهد توقيع عقد مشروع شركة للتكنولوجيا الطبية
توقيع بروتوكول تعاون بين "صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري" و"بنك نكست"
وزير العمل و "هواوي مصر" يبحثان التحول الرقمي و تنظيم ملتقى توظيفي
11 شهيدًا في قصف إسرائيلي على غزة.. وتصعيد عسكري رغم الدعوات الأمريكية
الحكومة السودانية: استهداف الدعم السريع «الأبيض» بالمسيرات انتهاك خطير
القاهرة تعوّل على اجتماع الإثنين لتنفيذ خطة ترامب وإنهاء الحرب في غزة
بعد تسليم نفسه.. رحلة فضل شاكر المتأرجحة بين العنف والغناء
بعد الفوز كهرباء الإسماعيلية.. الأهلي راحة «3 أيام»
موعد مباراة برشلونة أمام إشبيلية في الدوري الإسباني.. والقنوات الناقلة
تشواميني: ألعب في أفضل فريق بالعالم منذ 4 سنوات وأتمنى الاستمرار
محافظة الجيزة ترفع الاشغالات بطريق المريوطية واللبيني بحي الهرم
محافظ المنوفية يلتقى المتضررين جراء ارتفاع منسوب مياه النيل لحل مشاكلهم
ضياء الميرغني يتلقى التكريم متكئًا على زملائه.. ويكشف عن معاناته
بيومي فؤاد ينضم لأبطال مسلسل من أول وجديد بطولة عمرو سعد
أمين المجلس الأعلى للجامعات يشارك في احتفالية اليوم العالمي لسلامة المريض
انخفاض طفيف بأسعار الأسماك في أسواق المنيا وسط تذبذب في بعض الأصناف اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025
الأهلي: الشحات لا ينتظر حديث أي شخص.. وهذه كواليس تألقه في القمة
3 عقبات تعرقل إقالة يانيك فيريرا المدير الفني للزمالك .. تعرف عليها
"الجمهور زهق".. أحمد شوبير يشن هجوم ناري على الزمالك
وزيرة البيئة تبحث مع محافظ الفيوم الموقف التنفيذي للمشروعات التنموية والخدمية
جرّوها من شعرها وفعلوا بها كل ما يمكن تخيله.. كيف عذّبت إسرائيل الناشطة جريتا ثونبرج بعد احتجازها؟
وفد من الوزارة لمناقشة ما يخص مدارس التعليم الفني لتطوير البرامج الدراسية
طفل يقود سيارة برعونة في الجيزة.. والأمن يضبط الواقعة ووالده المقاول
اللجنة المصرية بغزة: المخيم التاسع لإيواء النازحين يعد الأكبر على مستوى القطاع
الأوقاف تعقد 673 مجلسا فقهيا حول أحكام التعدي اللفظي والبدني والتحرش
قصور الثقافة في الأقصر وأسوان وقنا والبحر الأحمر تحتفل بذكرى نصر أكتوبر المجيد
مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الشرقية
هل قصّ الأظافر ينقض الوضوء؟.. أمين الفتوى يوضح الحكم الشرعي
واعظة بالأوقاف توضح كيفية التعامل مع «مشكلة الخيانة الزوجية»
سعر صرف العملة الخضراء.. أسعار الدولار مقابل الجنيه اليوم الأحد 5-10-2025
تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام بيرنتفورد.. غياب مرموش
فاتن حمامة تهتم بالصورة وسعاد حسني بالتعبير.. سامح سليم يكشف سر النجمات أمام الكاميرا
بعد توليه رئاسة تحرير مجلة «الفكر المعاصر»: د. مصطفى النشار: أقتفى خطى زكى نجيب محمود
نجوم المشروع الوطني للقراءة يضيئون معرض دمنهور الثامن للكتاب
نائب وزير الصحة يشيد بخدمات «جراحات اليوم الواحد» وموقع مستشفى دمياط التخصصي
بالتعاون مع «الصحة».. مطار القاهرة الدولي يطلق خدمة لتعزيز الجاهزية الطبية
موعد مباراة يوفنتوس ضد ميلان والقناة الناقلة
أسعار مواد البناء اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025
الخميس المقبل إجازة للعاملين بالقطاع الخاص بمناسبة ذكرى 6 أكتوبر
«تعليم القاهرة» تهنئ المعلمين في اليوم العالمى للمعلم
بدء أول انتخابات لاختيار أعضاء مجلس الشعب في سوريا منذ سقوط نظام الأسد
تركت رسالة وانتحرت.. التصريح بدفن عروس أنهت حياتها بالفيوم
إصابة 9 فتيات في حادث تصادم بطريق بني سويف – الفيوم
تاجيل طعن إبراهيم سعيد لجلسة 19 أكتوبر
مسئول فلسطيني: إسرائيل تصادق على مخطط استيطاني جديد شرق قلقيلية
رئيس مجلس الأعمال المصرى الكندى يلتقى بالوفد السودانى لبحث فرص الاستثمار
عودة إصدار مجلة القصر لكلية طب قصر العيني
صحة الأقصر... بدء حملة التطعيم المدرسي للعام الدراسي 2024 / 2025
أيقونات نصر أكتوبر
136 يومًا تفصلنا عن رمضان 2026.. أول أيام الشهر الكريم فلكيًا الخميس 19 فبراير
"فيها إيه يعني" يكتسح السينمات.. وماجد الكدواني يتصدر الإيرادات ويحقق 14 مليون جنيه في 4 أيام فقط
اليوم.. محاكمة 5 متهمين في قضية «خلية النزهة الإرهابية» أمام جنايات أمن الدولة
السيسي يضع إكليل الزهور على قبري ناصر والسادات
أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية
أبواب جديدة ستفتح لك.. حظ برج الدلو اليوم 5 أكتوبر
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
اللغة القبطية مهددة.. حتى فى الكنيسة!
أحمد عبد المعطي حجازي
نشر في
الأهرام اليومي
يوم 10 - 02 - 2017
الدكتور كمال فريد اسحق صاحب هذه القصيدة استاذ متخصص فى اللغة القبطية وله فيها مؤلفات عديدة فضلا عما نظمه بها من اشعار وهو يشكل مع عدد من الذين يعرفون القبطية جماعة ادبية تسعى لإحياء هذه اللغة ومنهم الاساتذة يوحنا نسيم وجورج أندراوس وبسنتى رزق الله والانبا ديمتريوس
أعود في مقالة هذا الشهر لأحدثكم من جديد عن الشعر القبطي الذي يستحق منا وقفة طويلة، نتعرف عليه فيها بقدر ما نستطيع، ونعيد له اعتباره كعنصر أصيل من عناصر ثقافتنا الوطنية لا يجوز أن نستبعده أو نتجاهله أو ننساه، وإلا فنحن نستبعد أنفسنا، ونتجاهل عصورا طويلة من تاريخنا كانت فيها اللغة القبطية هي لغتنا الوطنية التي نتواصل بها ونتفاهم، ونعرف بها أنفسنا، ونعرف العالم، ونعبر عن أفكارنا ومشاعرنا، وعن انتمائنا لبلادنا، وارتباطنا بتراثها العريق، وحاجتنا الدائمة للمحافظة علي هذا التراث والإضافة إليه.
من هنا نتحدث عن أدب اللغة القبطية، وعن شعرها الذي نعرف بعضه، ونجهل أكثره، لأن اللغة القبطية التي تعد بالنسبة للغة المصرية القديمة لهجة عامية ماتت علي الألسنة منذ عدة قرون، وضاع بموتها ما لم يدون من تراثها الأدبي وهو أكثره، لأنه كان تراثا شفهيا شأن التراث الشعبي في معظم اللغات. أما النصوص التي دونت وتغلبت علي عوادي الزمن وتقلباته، واكتشفت في العصور الحديثة، فقد نقل الكثير منها إلي متاحف العالم ولم تقرأ كلها حتي الآن، لأن قراءتها تحتاج لخبرات لاتزال محدودة متفرقة، وفي هذا يقول العالم المصري الجليل سليم حسن وهو يتحدث في خمسينيات القرن الماضي عن الحضارة المصرية: «لقد مرت مائة سنة علي طبع أول بردية إغريقية (من البرديات التي وجدت في مصر)، وانتظرنا حتي عام 1491 حتي ترجمت بعض البرديات الديموطيقية والقبطية، ولاتزال في المتحف البريطاني ومتحف فيلادلفيا وغيرهما برديات ديموطيقية وقبطية كثيرة لم تقرأ».
مع هذا نستطيع أن نتحدث عن الشعر القبطي، لأن القليل الذي نملكه يسمح لنا بالحديث عن هذا التراث الوطني الذي يجب علينا أن نكشف عنه الغبار، وأن نعرفه علي حقيقته، خاصة في هذه الأيام التي نواجه فيها هذا الشر المستطير المتمثل في جماعات الإسلام السياسي بثقافتها الطائفية المضللة، وكراهيتها العمياء المتأصلة لتاريخنا القديم الذي تنظر إليه هذه الجماعات الجاهلة نظرة العرب لجاهليتهم، فضلا عن تاريخنا الحديث الذي اتصلنا فيه بأمم الغرب المتقدمة، واقتبسنا من علمها ونظمها وحضارتها الحديثة ما خرجنا به من عصور التخلف والظلام التي تنتمي إليها جماعات الإسلام السياسي، وتسعي لإعادتنا إليها من جديد، فنحن في هذه الحرب الضروس التي نخوضها مع هذه الجماعات المتوحشة نحتاج أشد الاحتياج للثقافة الوطنية التي نستعيد بها وعينا، ونستحضر تاريخنا، وندعم وحدتنا، كما نحتاج أشد الاحتياج للثقافة الإنسانية الحديثة التي نواصل بها سعينا لتحقيق نهضة شاملة نتحرر بها كما تحرر الآخرون، ونتقدم كما تقدموا!.
أريد أن أقول إن حديثنا عن الشعر القبطي.، وعن حضارتنا القديمة عامة ليس مجرد حديث عن الماضي الذي ذهب، وإنما هو حديث عن الحاضر الذي نعيش فيه، وعن المستقبل الذي نحلم به، كما أن حديثنا عن هذا الشعر ليس حديثا عن تراث ديني أو طائفي كما قد يظن الذين لا يفهمون من هذه الصفة قبطي إلا معناها الديني أو الطائفي، والشعر القبطي إذن في نظرهم هو الشعر الذي يدور حول المسيحية ويعبر عنها فحسب، لا.. الشعر القبطي تراث وطني لا يخص المسيحيين وحدهم، وإنما هو ملكية عامة لكل المصريين، وكلمة قبطي كلمة مصرية قديمة سبقت المسيحية بقرون عديدة، فهي صفة تدل علي أن الموصوف بها مصري، لأنها مشتقة من اسم مصر الذى وصل إلينا فى هذه الصورة «إيجيبت»، والمصريون إذن كلهم أقباط قبل أن يصبحوا مسيحيين ومسلمين، ومن هذا المنطلق أتحدث عن الشعر القبطي الذي هو إبداع من إبداعات مصر الشاعرة، وحلقة من حلقات شعرها الذي نظمه المصريون بلغتهم الأولي الهيروغليفية، ثم بلهجاتها الشعبية الديموطيقية والقبطية، ثم بلغتهم العربية الفصحي، وبلهجتها العامية، وهل يكون لنا هذا التاريخ العريق، وهذا التراث الفريد الحافل بدون متون الأهرام، وأناشيد إخناتون، وأسفار مانيتون، وأشعار البهاء زهير، وابن الفارض، والبوصيري، وابن عروس، والبارودي، وشوقي، وحافظ، ومطران، وبيرم التونسي، وعلي محمود طه، ومحمود حسن إسماعيل، وإبراهيم ناجي، وعبدالرحمن الشرقاوي، وصلاح عبدالصبور، وأمل دنقل، ومحمد عفيفى مطر، وفاروق شوشة وصلاح جاهين، وفؤاد حداد.. إلي آخره!
لكن الحديث عن الشعر القبطي ليس حديثا سهلا، لأنه حديث عن تراث لم نعد نملك منه إلا القليل النادر، وقد أشرت في مقالة الشهر الماضي للأحداث المأساوية، والتحولات الخطيرة التي عرفتها مصر خلال القرون العشرة التي سبقت الميلاد، والقرون العشرة التي تلتها، وفيها فقدت مصر استقلالها، وتراجعت حضارتها، وتحولت اللغة الهيروغليفية إلي لهجة عامية هي القبطية التي نشأت في عصور مضطربة، وظروف قاسية كان فيها الحكم للغزاة الأجانب الذين اضطهدوا المصريين، واغتصبوا ثرواتهم، وفرضوا عليهم ثقافتهم ولغتهم كما حدث في ظل اليونانيين الذين استولوا علي مصر في القرن الرابع قبل الميلاد، وفي ظل العرب في القرن السابع بعده.
في هذه العصور كانت مصر ساحة لصراع لغوي دار بين لغتها الوطنية وهي القبطية التي كانت لغة المصريين في حياتهم اليومية، واللغة اليونانية التي أصبحت بعد دخول اليونانيين لغة الإدارة والثقافة، واللغة العربية التي حلت شيئا فشيئا محل اليونانية بعد دخول العرب، ثم أخذت تحل محل القبطية التي عاشت محرومة من سلطة وطنية تحميها، ومن نخبة وطنية تنطق بها وتعبر وتمدها بأسباب الحياة والازدهار، فمن الطبيعي أن تتراجع وتنسحب، خاصة أمام العربية التي انتشرت بانتشار الإسلام، وأصبحت لغة الدين والإدارة والحياة جميعا.
لكن هذا لم يحدث بين يوم وليلة، وإنما استغرق أكثر من ألف وخمسمائة عام كان فيها اللسان المصري، والوجدان المصري موزعين بين لغات ثلاث، منها ما كان طارئا غريبا لم يتوطن بعد، ولم يصل إلي القلوب ليعبر عنها، ومنها ما كان يضمحل ويبتعد وينزوي فلا يسعف ولا يستجيب، وعندئذ يضطر من يتحدث بإحدي هذه اللغات أو يكتب بها أن يلجأ لغيرها يستعين بمفرداتها وعباراتها السائرة ليفصح عما يريد الإفصاح عنه.
اللغة القبطية التي كانت تكتب بالحروف والرموز المصرية القديمة قبل دخول اليونانيين مصر أصبحت تكتب بالحروف اليونانية، خاصة بعد انتشار المسيحية، التي بدأت من الإسكندرية، وعبرت عن معتقداتها في مراحلها الأولي باللغة اليونانية، وهي لغة العلم والفلسفة في الإسكندرية آنذاك، ومن هنا استعارت القبطية من اليونانية جانبا من معجمها الديني المسيحي، كما استعارت حروفها في الكتابة وأدخلت عليها بعض التعديلات لتنطق بالأصوات القبطية التي لم تكن لها في اليونانية حروف تنطق بها.
والذي حدث بين القبطية واليونانية في القرون الأولي للميلاد حدث بعد ذلك بين القبطية والعربية. فالنصوص الدينية القبطية تترجم للعربية حتي يفهمها المسيحيون المصريون الذين تعربوا، والعربية تكتب أحيانا بالحروف القبطية حتي يتمكن من قراءتها الذين لا يعرفون الحروف العربية كما نجد في كراسة عن «تاريخ اللغة القبطية» كتبها القس شنودة ماهر إسحق وأشار فيها إلي مخطوط من دير أبي مقار لأقوال آباء البرية «بالعربية المكتوبة بحروف قبطية».
هذا الصراع الذي دار بين اللغات الثلاث خرجت منه اللغة العربية منتصرة وأصبحت لغة المصريين جميعا، خاصة في لهجتها الدارجة التي استعارت الكثير من اللغة القبطية، من نحوها ومفرداتها وتعبيراتها، وفي هذا يقول الدكتور كمال فريد إسحق أستاذ اللغة القبطية بمعهد الدراسات القبطية «في العامية المصرية مئات من المفردات ذات الأصل القبطي المصري مثل كلمة (فوطة) أو ذات الأصل اليوناني التي وصلتنا من خلال اللغة القبطية مثل كلمة «ترابيزة»، كما أن أغلب التعبيرات العامة المصرية تتبع قواعد اللغة القبطية وليس العربية، فنحن نقول مثلا في العامية «إنت مين؟» وليس «من أنت؟»، متأثرين بترتيب الكلمات في اللغة القبطية».
بل نحن نري أن بعض النصوص القديمة الفرعونية والقبطية انتقلت إلي العامية المصرية التي ورثت كل ما سبقها، وهو ما نستطيع أن نعده صورة من صور التداخل والتواصل، أو هو ما يسميه علماء التراث «هجرة النصوص»، فالنص قد يرحل أو يهاجر من لغة إلي لغة. وقد سبق أن أشرت لأغنية فرعونية تتحدث عن جمال الجسد الأنثوي، وتستعرض أعضاءه الفاتنة عضوا عضوا، فتبدأ بالعيون الساحرة، والشفاه اللمياء، وتنتقل إلي العنق الطويل، والصدر الناهد حتي تصل إلي الخصر النحيل، والردف الثقيل، والساق الناعمة، وقارنت بين هذه الأغنية الفرعونية، والأغنية العامية «روق القناني» فوجدت أن هذه تكاد تكون ترجمة حرفية للأولي، سوي أن مؤلف الأغنية العامية جعلها حوارا بينه وبين الفتاة التي يتغزل فيها، إذ يطلب في كل مقطع من مقاطعها أن تكشف له فتاته عما يريد أن يراه من مفاتنها فترده وتصف له ما يطلب رؤيته وصفا يزداد به شغفا أو افتتانا.
ويبدو أن لهذا النص سحرا خاصا استطاع به أن يصل إلي الفصحي ويجد له مكانا فيها، كما نجد في قصيدة لابن القيم يتغني فيها بجمال الحور العين اللائي سيتمتع بهن أهل الجنة فيقول في هذه القصيدة التي قرأتها في كتاب الأستاذ خالد محمد خالد «قصتي مع الحياة»:
حمر الخدود، ثغورهن لآلئ
سود العيون فواتر الأجفان
ريانة الأعطاف من ماء الشباب
فغصنها بالماء ذو جريان
لما جري ماء الشباب بغصنها
حمل الثمار كثيرة الألوان
فالورد، والتفاح، والرمان في
غصن تعالي غارس البستان
لكنهن كواكب ونواهد
فثديهن كأحسن الرمان
والصدر متسع علي بطن لها
والخصر منها مغرم بثمان
والساق مثل العاج ملموم به
مخ العظام تناله العينان
فسل المتيم هل يحل الصبر عن
ضم وتقبيل وعن هيمان؟!
وابن القيم هذا فقيه حنبلي تتلمذ علي ابن تيمية، واتخذ مثله موقفا متشددا من الفلاسفة، وأصحاب الديانات الأخري، وقد خشي أن يكون قد أسرف في تغزله بالحور العين، فختم قصيدته مستغفرا:
يارب عفوا قد طغت أقلامنا
يارب ؟؟؟ من الطغيان!
أما الأستاذ خالد محمد خالد، الذي نقل لنا هذه القصيدة من كتاب «روضة المحبين»، فقد وقف أمام القصيدة أو أمام الحور العين مبهورا يقول: «أرأيتم كيف يسبي الجمال وكيف يغرد الحب؟، أرأيتم القلوب النقية، والأرواح الورعة التقية كيف تغني للجمال والحب؟!».
وفي الحديث عن هجرة النصوص أذكركم أيضا بالنص الذي ختمت به مقالتي السابقة، وهو الإصحاح الثالث في السفر الأول من أسفار التكوين المصرية، أو «الجبتانا» التي جمعها الكاهن المصري القديم مانيتون السمنودي من محفوظات المعابد المصرية في القرن الثالث قبل الميلاد، وفي هذا النص يتحدث مانيتون عن صعوده للسماء في رؤيا تذكرنا بقصة المعراج، ورسالة الغفران، والكوميديا الإلهية.
وباستطاعتنا أن نعد هذه الرؤيا، ونصوصا أخري في «الجبتانا» نصوصا شعرية ظهرت أول ما ظهرت بالديموطيقية، ثم نقلت إلي القبطية ليتوارثها المسيحيون المصريون أجيالا بعد أجيال حتي تصل إلي الراهب أبيب النقادي، الذي ولد في الستينيات الأخيرة من القرن التاسع عشر، وعاش في المنصورة، وخالط أوساطها المثقفة، حيث اتصل به في خمسينيات القرن الماضي وأخذ عنه نص «الجبتانا» الرجل الذي حصل علي هذا النص مترجما إلي العربية، وقام بتحقيقه ومراجعته مراجعة تاريخية، وصياغته صياغة أدبية، وهو الأستاذ علي علي الألفي، الذي كان طالبا في كلية دار العلوم حين تعرف علي الراهب أبيب النقادي.
«غن أيها الحراث ولا تضرب الثورين، فإنك محاسب أمام محكمة تحوت، محاسب أمام أوزير قبل المرور إلى بوابة الغرب، كن أيها الحراث خيرا كأوزير، كن نورا كأوزير، لا تكن شرا مثل ست، أعط الثورين ماء، أعط الثورين عشبا أخضر حتي يرضي عنك أوزير، ويرضي عنك رع، وآمون، وبتاح، اعمل وغن وردد هيلا.. هيلا.. هيلا!»
ويقول الأستاذ علي الألفي في الهامش الذي كتبه حول هذا النص إن الراهب أبيب كان مصرا علي أن الكلمة العبرانية «هللويا» مأخوذة من النهاية المصرية لبعض المزامير والأهازيج، ونحن لا نزال بعد آلاف السنين نسمع هيلا هيلا.
أليس من واجبنا أن نعمل علي إحياء هذه الثقافة الوطنية؟ يقول القس شنودة ماهر إسحق الذي تعلم اللغة القبطية، وأوفد في بعثة إلي جامعة أكسفورد حيث نال الدكتوراه برسالة أعدها في صوتيات اللغة القبطية وأثرها في اللغة العربية، يقول: إن اللغة القبطية التي ماتت علي الألسنة منذ عدة قرون، توشك أن تنقرض الآن في الاستخدام الكنسي، أليس من الواجب إنقاذها؟.
لقد أصبحنا نتعلم لغات إفريقية وآسيوية لم نكن نشعر بحاجة لتعلمها، لأننا نستطيع أن نتواصل مع المتحدثين بها عن طريق الإنجليزية والفرنسية، ومع ذلك خصصنا لهذه اللغات أقساما في جامعاتنا، لأننا رأينا أن الاتصال المباشر بشعوب إفريقيا وآسيا أفضل وأوثق، وهذا حق لاشك فيه، أليس من حقنا أن نعامل أنفسنا بالمثل فنتيح لمن شاء منا أن يتعلم لغة كانت لغته الوطنية في العصور الماضية، فنحن نستطيع بها أن نتصل بماضينا، أي بأنفسنا، اتصالا مباشرا، بدلا من أن يكون ذلك عن طريق الخبير الأجنبي؟!
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
"الجبتانا".. بداية تجمع السلالة المصرية حول النيل
العبرانيون اقتبسوا منها فى العهد القديم..
محمود الورداني يكتب:
أسفار التكوين بين الأب أبيب والأستاذ علي الألفي
الجبتانا
بقلم: د. حنا جريس
أحمد عبدالمعطى حجازى: القبطية لغتنا.. والعربية أيضا!
أحمد عبدالمعطى حجازى: القبطية لغتنا.. والعربية أيضا!
أبلغ عن إشهار غير لائق