يسجل التاريخ لدونالد ترامب حتى الان انه الرجل الذى حطم كل القواعد والتقاليد في انتخابات الرئاسة الامريكية وتمكن من تحقيق الفوز الصعب على مرشحة المؤسسة السياسية الامريكية هيلارى كلينتون.. على العكس من كل الحسابات والتوقعات. والحقيقة ان دونالد ترامب عرف كيف يمكنه خطف الاضواء حتى خلال احتفالات تنصيبه بمقر الكونجرس بواشنطن ومنذ اللحظات الاولى له فى البيت الابيض..تمكن ترامب من خطف الاضواء بتصريحاته وبقراراته المثيرة للجدل خاصة قراره حظر دخول مواطنى سبع دول عربية واسلامية لامريكا. ويبقى السؤال مفتوحا..ماذا سوف يفعل دونالد ترامب فى ملفات الامن القومى الامريكى والسياسة الخارجية للولايات المتحدة .ربما من المبكر او من السابق لاوانه ان يتنبأ احد بشكل واتجاهات السياسة الخارجيه الامريكية تجاه اوروبا واليابان والخليج العربي والصينوروسياوكوريا الشمالية او كيف يمكن ان تكون سياسة ترامب داخل الاوضاع السورية وكيف يمكن هزيمة تنظيم داعش والقضاء عليه نهائيا؟ كل ماهو واضح حتى الان..ان امريكا بدأت عصرا جديدا والعالم كله أنهى مرحلة وبدأ مرحلة جديدة فى دورة جديدة للزمن وقصة جديدة للتاريخ..لكن المؤكد ان العالم يستعد حاليا لميلاد نظام دولى جديد يختلف عن كل ما عرفناه..صحيح مازالت امريكا اقوى دولة فى العالم لكن نصيبها من النفوذ والهيمنة يتراجع. وقال كيسنجر ذات يوم ان حركة التقلبات والانقلابات العالمية..تجرى بسرعة رهيبة..تفوق قدرة صناع القرار على الاستيعاب وتحديد اتجاهات السياسة. الصورة القاتمة فى مختلف مناطق العالم تثير القلق فمنطقة الشرق الاوسط فى حالة فوضى عارمة وهى تواجه منفردة مخاطر تيارات الارهاب الدموى من كل الاتجاهات كما ان اسيا تشعر بالخوف فى مواجهة صعود الصين وهناك ما يشبه الذعر فى طوكيو وسول بسبب تهديدات الترسانة النووية لكوريا الشمالية لكن اوروبا التى عاشت طويلا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حالة دائمة من الاستقرار بدأت تعيش في ضباب الازمة الأوكرانية. وقد صدر فى واشنطن منذ أيام كتاب جديد للمفكر الاستراتيجى الأمريكى ريتشارد هاس رئيس مجلس العلاقات الخارجية فى نيويورك والعضو السابق فى مجلس الأمن القومى الامريكى فى عهد بوش الابن والكتاب بعنوان (العالم فى فوضى) يقول ريتشارد هاس ان اى نظرة فاحصة لهذا العالم الذى نعيش فيه لابد ان نقول ان هذا العالم يعيش حالة من الفوضى شاملة وقد فشلت الولاياتالمتحدة فى القيام باعادة تشكيل العالم على النموذج الامريكى الجديد. ويقول ريتشارد هاس فى كتابه...ان الدول الضعيفة والصغيرة فى هذا العالم تثير الازمات لكن الدول الكبرى هى التى تشعل الصراعات ورغم كل ما يجرى فى هذا العالم من احداث وازمات تأخد الانفاس الا ان امريكا مازلت هى اقوى دولة فى العالم لكن سياستها الخارجية ساهمت فى ان تجعل الأمور أكثر سوءا فى العالم بما تفعله أمريكا حين ترفض أمريكا الوقوف ضد التوسع الاستيطانى الإسرائيلى فى القدس والضفه الغربية ودائما تساهم امريكا في صنع الأسوأ عالميا. واليوم اصبح كل شئ فى حالة انهيار..والمركز القيادى العالمى فى واشنطن أصبح فى حالة عجز والمؤسسات التى كانت تقود العالم منذ الحرب العالمية الثانية اصبحت مستهلكة وتجاوزت عمرها الافتراضى بما فى ذلك الأممالمتحدة والبنك الدولى وصندوق النقد الدولى. واحترام سيادة الدول وسلامة اراضيها لم يعد قائما او لم يعد كافيا للحفاظ على النظام الدولى ومافيه من تحديات كبرى بدءا من انتشار الأسلحه النووية فى كوريا الشمالية وربما ايران ولا يتحدث احد عن اسرائيل والهند وباكستان لكن مخاطر حرب السايبر فى الفضاء الالكترونى يهدد المرافق الاساسية للدول والشعوب والحكومات التى تعتمد على التكنولوجيا الرقمية فى ادارة البنوك وشبكات الكهرباء وحتى فى تكنولوجيا اسلحة الجيوش . والحقيقة ان العالم كله يضع ترامب تحت الاختبار..روسيا سوف تختبر ترامب فى الشرق الاوسط والصين لن تتردد فى اختبار صانع القرار الامريكى الجديد فى اسيا والتجارة العالمية وحتى حلفاء امريكا فى اوروبا يضعون ترامب تحت الاختبار وتبقى دول وشعوب العالم العربي فى حاله انتظار وترقب لما يمكن ان يحدث فى هذا الجزء الساخن من العالم فى عصر ترامب..ترامب يريد التغير..والتغيير ليس سهلا..فى التكاليف والمصالح والادارة..لكن امريكا تغيرت..والعالم ايضا سوف يتغير وقد وضع ترامب امريكا تحت الاختبار امام العالم كله. ولذلك قال وزير خارجية المانى سابق ان النظام الدولى للقرن العشرين قد انتهى وتغير بمجرد دخول ترامب الى البيت الابيض رئيسا للولايات المتحدةالامريكية وهناك ما يشبه الاجماع على انه ليس من السهل التعامل مع الرئيس الامريكى الجديد دونالد ترامب وان كان من المستحيل الا يتعامل معه احد ففى النهاية فان ترامب اصبح رئيسا لاكبر قوة امبراطورية فى التاريخ. وكل ما يهمنا هو وضعنا المقبل مع الادارة الامريكية الجديدة وفقا للمتغيرات الراهنة وما اكده ترامب من انه سيمد يده لمصر للتعاون معها للقضاء علي الارهاب كحليف استراتيجي لايمكن الاستغناء عنه وهذا ما سنسرده بالتفصيل في مقال لاحق. لمزيد من مقالات فهمي السيد;