جددت محاولات إقامة حسينيات شيعية في مصر والتي انطلقت مؤخرا, وتكررت زيارات وفود مصرية من مختلف الفئات بدعوات خاصة إلي إيران الحديث عن العلاقة بين السنة والشيعة وسبل التقريب بين المذهبين, وفتوي الشيخ شلتوت التي تجيز التعبد علي المذهب الشيعي الإثني عشري. مما دعا البعض إلي التشكيك في الفتوي ورفضها, في حين تعالت أصوات أخري للمطالبة بإعادة النظر في هذه الفتوي باعتبارها نافذة يطل منها التشيع علي البلدان السنية. وأبدي عدد من علماء الدين رفضهم اتهام فتوي الشيخ شلتوت بفتح باب التشيع, مؤكدين أن نشر التشيع له أسباب أخري وسبل ووسائل مختلفة, وأنه لا توجد ضرورة لإعادة النظر في تلك الفتوي, أو الانشغال بصحتها من عدمه. ويري الدكتور محمد السيد الجليند, أستاذ الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم بالقاهرة, أن النشاط الشيعي المذهبي يتحين الفرص والأزمات التي تمر بها الأمة ليصحو وينشط في نشر مذهبه متسللا خلف محبة آل البيت وخلف حلقات الذكر الصوفية, خاصة في الريف المصري. وأضاف أن من يستقرئ التاريخ في العلاقة بين التشيع المذهبي( الإمامي) وعلاقته بأهل السنة في العالم الإسلامي قديما وحديثا, سوف تتأكد له هذه الحقيقة, وهي أن نشاطهم التبشيري في المذهب لا ينشط في العالم الإسلامي إلا في وقت الأزمات..ولذلك نجد هناك أصابع خفية بين النشاط الشيعي والعدو الخارجي في اختلاق الأزمات وافتعالها..حدث ذلك قديما, وحدث في العراق حديثا, ويحاولون الآن مباشرته في مصر..هذا بالإضافة إلي أن مصر هي قلب العالم الإسلامي وروحه, لذلك فإن أي خلل عقدي ينشأ في مصر تنتقل عدواه مباشرة لسائر بلاد العالم الإسلامي, بالشعور المقصود أحيانا وبغير المقصود أحيانا أخري. وأضاف د. الجليند أن تركيز أمريكا وإسرائيل والصهيونية العالمية الآن علي مصر يقصد به إضعافها وإنهاك قوتها وإشغال علمائها بهذه المهاترات التي يفتعلها المبشرون بالتشيع الإمامي في مصر, لأن الصهيونية العالمية بعد أن نفد صبرها في الالتفاف حول العالم الإسلامي عن طريق سياستهم في قص الأجنحة ليموت قلب العالم الإسلامي(مصر), بدأت الآن تركز علي هذا القلب لينفصل عن الأجنحة وتفرض سيطرتها علي العالم الإسلامي شرقا وغربا بمساعدة القوي العسكرية الأمريكية, ولا يخفي علي من يستقرئ الواقع منهج الصهيونية في تبادل الأسلحة بالترغيب أحيانا والترهيب أحيانا أخري عن طريق عملائها الذين يقومون بهذه المهمة في العالم الإسلامي وفي مصر الآن, ويكفي أننا الآن مشغولون بالحسينيات وما أتفهها من قضية لا ينبغي أن نشغل بها أنفسنا في هذا الظرف التاريخي الذي نعيشه في مصر.. ولكن هذا هو منهج التبشير الشيعي خلال عصوره الطويلة وقت الأزمات التي تعيشها الأمة..وقد تحدثنا مع أئمة المذهب الشيعي في مؤتمرات كثيرة, وقالوا إن هذه الحسينيات يقوم بها عوام الناس والجهلة ولا أصل لها في عقائد الشيعة, لكننا نري علماءهم الآن يأتون إلي مصر ليشجعوا هذه الظاهرة مستغلين في ذلك الواقع السياسي الذي تعيشه مصر, لكن إن شاء الله لن يكون لهم ذلك لأن مصر بلد الأزهر منارة الوسطية الإسلامية تلفظ ذلك السلوك غير المنضبط. أما فتوي الشيخ شلتوت فهذه قضية تتصل بالفروع( الفقه) وليس بالعقيدة, ولا شك أن هذا المنهج هو دأب الأزهر(الوسطية), لذلك فإن المذهب الجعفري يدرس الآن بالأزهر, باعتبار أن الإمام أبا جعفر الصادق من أئمة أهل البيت وله مذهبه الفقهي الذي يعتز به كل مسلم أيضا, أما ما يتعلق بإعادة النظر في الفتوي, فذلك أمر لا داعي له وليست هناك ضرورة لذلك, حتي لا نغير مواقفنا, أما التشيع الصفوي الإمامي الذي يتخذ من التصفية الجسدية للمخالف فهذا ما ينبغي علي كل مسلم أن يرفضه ويحاربه, لأن ما فعله الشيعة الإمامية بالعراق, وما يقومون به بالبحرين وشرق الجزيرة العربية الآن من إثارة الفتن أمر لا يقبله عقل ولا دين. وأضاف الجليند قائلا: نحن كمسلمين يجب أن نفرق بين ولاء المسلم لآل البيت وحبهم وتقديرهم وإنزالهم منازلهم اللائقة بهم كعترة طاهرة ونسب شريف نتقرب بحبهم, فهذا مما يدين به كل مسلم في مصر, ومن حبنا لآل البيت أننا تصدينا وما زلنا لدحض الافتراءات والأكاذيب التي دسها التشيع الإمامي, ونسبها زورا وبهتانا لأهل بيت النبوة, ومنها ما يسمي الحسينيات, واللطمية التي يقومون بها علي صدورهم, والأربعينيات التي يختلقونها, وكل ذلك واقع مشاهد أمامنا يتبرأ منه أهل بيت النبوة. أما موقفنا من المد الشيعي الإيراني ونشر المذهب الشيعي الإمامي في مصر فهذا أمر نرفضه جملة وتفصيلا, لكن ينبغي علينا ألا نخلط الأوراق بين هذا وذاك. الأمر نفسه يؤكده الدكتور محمد الدسوقي أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم بالقاهرة,عضو مجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية بطهران, مشيرا إلي أن المجتمع المصري لا يحتمل الأفكار الشيعية ولا تناسبه, وأي محاولات لنشر التشيع ستبوء بالفشل والصدود من قبل المجتمع والمؤسسة الدينية العريقة الأزهر الشريف. وأكد الدسوقي أن فتوي الشيخ شلتوت بريئة من محاولات نشر التشيع أو إقامة مثل هذه الحسينيات, ومن ثم فلا حاجة للتحامل علي هذه الفتوي أو التشكيك فيها, أو المطالبة بإعادة النظر فيها, ذلك أن فتوي الشيخ شلتوت مهمتها علمية, وليست مهمتها نشر المذهب الشيعي بحال من الأحوال. من جانبه أوضح الباحث الإسلامي الدكتور عبد الله كامل, أن فتوي الشيخ شلتوت كانت دعوة لتوحيد العالم الإسلامي لا تستوجب إعادة النظر فيها, لكن ذلك لا يعني موافقة السنة للشيعة في أمور يختلف فيها معهم أهل السنة كمقام الصحابة وعصمة الأئمة وولاية الفقيه وغيرها من الأمور التي يرفضها أهل السنة جملة وتفصيلا..لكن لا ينبغي الاكتفاء بهذا الرفض بل يجب التصدي دائما بكل السبل من اجل محاربة هذا التوجه لنشر التشيع في البلدان السنية, وفي هذا الاتجاه لابد من التبصير بعقائد الشيعة المخالفة وإدانتها, وإبراز النقاط المتفق عليها وتزكيتها, وهذه مهمة الأزهر ووزارة الأوقاف عن طريق الدعاة المتبصرين بحقيقة تلك الأمور..هذا بالإضافة إلي الحرص علي عقد مؤتمرات ولقاءات دورية بمشاركة كبار علماء السنة والشيعة المنصفين, للبحث عن أنسب الطرق لتوحيد الأمة بعيدا عن محاولات التسنن أو التشيع.