صدمة بلا شك قد تصيب كثيرين ممن لا يعرفون أن الجامع الأزهر أنشأه الشيعة، بل وكان منبرهم الأول والأوحد في نشر مذهبهم الشيعي الاسماعيلي، وقد أطلق علي الأزهر هذا الاسم نسبة إلي فاطمة الزهراء رضي الله عنها - وقد كان المصريون وقتها أي أثناء الدولة الفاطمية من اتباع المذهب الشيعي الاسماعيلي ،ولم يتحول المصريون إلي المذهب السني إلا في عهد صلاح الدين الأيوبي مؤسس الدولة الأيوبية وهو ماحدث عقب مذبحة ارتكبها صلاح الدين بهدف تحويل المصريين من الشيعة إلي السنه وهي عملية في غاية الصعوبة خاصة في ظل تقديس المصريين للرسول (صلي الله علي وسلم) وآل بيته الذي استمر رغم تحول أغلبهم للمذهب السني. تطرح هذه الخلفية التاريخية سؤالاً ربما يكون حتمياً وهو لماذا لا يكون شيخ الأزهر شيعياً..؟ (ولا نقصد هنا أن يتشيع شيخ الأزهر السني بل نقصد أن يأتي شيخ الأزهر من بين الشيعة) وخاصة أن الجامع الأزهر كما سبق وأن قلنا أنشأه الشيعة.. سؤالنا هذا يأتي بعد مطالبات من بعض رموز الشيعة بتحويل الأزهر إلي جامعة شيعية. وبالتأكيد فإن سؤالنا عن مدي امكانية أن يأتي شيخ الأزهر من الشيعة ممنوع ومحرم في بلد غالبية سكانها من أهل السنة ينظرون إلي الشيعة علي انهم من أهل البدع والضلال.. ولكن السؤال ومحاولة الاجابة عليه في غاية الأهمية، وخاصة أن المنصب له دور ووضع سياسي هام ،وهو ما قد يصنع صراعات علي المنصب ليس بين الشيعة والسنة، بل بين مشايخ السنة وبعضهم، وهو الصراع الذي تحسمه الدولة بتعيينها للشخص الذي ينتمي لفريق أهل الثقة. ولعل فكرة تعيين شيخ أزهر شيعي تعد خيالية علي الأقل في الوقت الحالي لعدة أسباب منها: عدم ثقة النظام السياسي المصري في شيعة مصر ،حيث يعتقد النظام أن ولاء الشيعي في مصر سيكون لأبناء طائفته وليس لبلده، وهو يجعل النظام متخوفا من ولاء شيعة مصر لدولة مثل إيران تسيطر الاضطرابات علي علاقتها بالنظام المصري.. السبب الثاني يتمثل في حرص مشايخ السنة علي الاحتفاظ بالمنصب لهم ،بالاضافة إلي عدائهم للشيعة والذي ظهر في رد فعلهم العنيف بعد تحسن العلاقات المصرية الايرانية نسبياً بعد وفاة الخميني (مرشد الثورة الايرانية) ،حيث اعترض علماء الأزهر بشدة علي مجرد طرح فكرة تنظيم أفواج سياحية دينية ايرانية (بالطبع شيعية) لزيارة العتبات المقدسة في مصر.. وحتي لا يتخيل أحد أن سؤالنا جاء من فراغ ،كان علينا أن نعرض بعض ما يثبت رغبة الشيعة في السيطرة علي الأزهر الشريف ،وهو ما تؤكده قصة الطالب العراقي "علي البدوي" الذي جاء إلي مصر ليدرس بالأزهر الشريف بتكليف من المرجع الشيعي "أبو القاسم الخوئي" ،حيث تزوج "البدوي" بمصرية ،ثم تمكن من تشييع بعض علماء الأزهر الشريف كما تردد وقتها . محاولات الشيعة تجاه السيطرة علي الأزهر أو التواجد بداخله علي أقل تقدير يظهر في نجاحهم في انتزاع فتوي من الشيخ شلتوت بجواز تعبد الشيعة الجعفريين داخل الأزهر بل وتدريس مذهبهم به ،كما تضمنت الفتوي (الصادرة في 1959) جواز تلقي أبناء الطائفة العلم في جامعة الأزهر ،وهي الفتوي التي توقف العمل بها بعد أن ألقت أجهزة الأمن المصرية القبض علي بعض الشيعة ،وكان ذلك في 1997، وهو ما ترتب عليه حرمان الشيعة من مجرد التواجد بالأزهر ،إلي أن أعاد الشيخ "محمد سيد طنطاوي" شيخ الأزهر الحالي العمل بفتوي الشيخ "شلتوت" وسمح بالتحاق بعض طلبة الشيعة (من لبنان) بالأزهر لتلقي العلم بالجامعة ،وكان ذلك بعد لقاء الشيخ بمفتي الشيعة بمدينة صور اللبنانية الشيخ "علي الأمين" السؤال الآن هل يخطط الشيعة فعلاً للسيطرة علي منصب شيخ الأزهر ... ولو كان ذلك صحيحاً ...فهل يأتي اليوم الذي يكون فيه شيخ الأزهر شيعيا في بلد غالبيته من السنة..؟