هذه سابقة تاريخية شديدة الاستثنائية تجعلك، مؤقتاً، تنحِّى جانباً تأييدك أو رفضك لسياسة ترامب، وأن تتأمل الحدث! فلأول مرة فى أمريكا، وفى إحدى الديمقراطيات الغربية، تخرج أعداد قُدِّرَت بالمليون من مناصرى المنافس الخاسر فى اليوم الأول لتولى الرئيس الفائز وقبل أن ينبس بكلمة جديدة، ليعلنوا رفضهم لسياسته، وهو ما عبَّروا عنه تواً عندما صوّتوا ضده فى الانتخابات. فكسروا عدداً من القواعد الراسخة فى النظام الديمقراطى بأن يمتثلوا لنتيجة الصندوق، وأن يخلوا الساحة لمؤيدى الفائز ليُعبِّروا عن فرحتهم! وكل هذا بتأييد يصل إلى حد التحريض من وسائل الإعلام الرهيبة، التى تنتهك هى أيضاً قواعدها المهنية، بل فى تعارض صارخ مع سابق أعمالها، مثلما كانوا ينتقدون إصرار الشعب المصرى على إنفاذ إرادته بعزل ممثل الإخوان فى القصر الرئاسى، وكان هذا الإعلام بالذات يتمسك بحجة وجوب استمرار الرئيس المنتخب ديمقراطياً، وكأن ترامب لم يُنتَخَب ديمقراطياً!! صحيح أن ترامب فظ ومُنفِّر والوارد أن يكون هذا هو دافع المتظاهرين فى إعلان رفضهم له. ولكن الأبرياء فقط من يظنون أن العفوية هى المسيطرة على هذا المشهد، وأن المؤسسات القوية بمعزل عن الأحداث، وهى المؤسسات التى دخلت فى عداء معلن، أيضاً لأول مرة، ضد الرئيس الفائز الذى هدّد بفضح ممارساتها التى تقترفها من وراء الرأى العام! الجدير بالنظر أن هذه التظاهرات التى دعت لها وتصدرتها المنظمات النسائية الغاضبة من تصريحات ترامب المهينة للنساء، وهى كذلك بالفعل، لم تُبدِ هذا الموقف المبدئى ضد سياسة أوباما، ومعه مرشحتهن الخاسرة مؤخراً هيلارى كلينتون، فى صناعة وتأييد تنظيم داعش وشركاه الذين أعادوا إلى القرن الحادى والعشرين همجية العصور البدائية بإعلان سبى النساء وبيعهن فى سوق النخاسة، وإجبار الفتيات الصغيرات على جهاد النكاح، بل إن المتظاهرات ضد ترامب المطالبات بحرية الإجهاض، لم ينتبهت=ن إلى جريمة مرشحتهن فى دعم من يقيموا حدّ الرجم ضد النساء المتهمات بالزنا! [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب;