«ليس كل ما يلمع ذهبا«حكمة لا تقتصر فقط على عالم المعادن ولكنها صالحة لكل ما له علاقة بالممارسات الحياتية خاصة السياسة, وقد تنطبق بشدة على قرار نهاية العام بإدانة الاستيطان فى الأراضي المحتلة, فلا نستطيع الجزم بأن «قلوب إدارة اوباما الرقيقة» حنت فجأة على الفلسطينيين وتذكرت حقوقهم المشروعة المهدرة, إلا أنها ناورت بهذه المسألة وتلاعبت بأطراف عديدة, وصحيحة تلك التحليلات التى ذهبت إلى أن تصويت واشنطن فى مجلس الأمن على إدانة الاستيطان ليس حبا فى الفلسطينيين ولكنه نكاية فى الرئيس المنتخب ترامب. بل نستطيع أن نذهب إلى أبعد من ذلك بتأكيد أن إدارة اوباما اتبعت فى أواخر أيامها وعلى غير المألوف سياسة «الأرض المحروقة» أوهدم المعبد على رءوس أطراف عديدة داخل الولاياتالمتحدة وخارجها وربما ارباك المشهد برمته بما يؤدي إلى نتائج مزعجة للجميع حتى للفلسطينيين أنفسهم, فهى بموقفها هذا ألقت بكرات من اللهب في أيدي ترامب والحكومة الإسرائيلية, ويصبح التساؤل مشروعا بالفعل هل كان من الأفضل التمهل حتى مجىء الإدارة الجديدة وسبر أغوارها الحقيقية وكشف أوراقها فى موقع السلطة والتضحية بالقرار إلى حين, أم تعجل التصويت وصدور القرار مع كل ردود الفعل الجنونية التي صدرت من المسئولين الإسرائيليين وأركان إدارة ترامب القادمة والتى غلب عليها موجات من الغضب العارم المصحوب بالتهديد والوعيد في حق الفلسطينيين وليس الإسرائيليين؟ لا ينطوى هذا التساؤل على إدانة أو انتقاد لأصحاب القضية, فهم الطرف المضطهد على مدى العقود الماضية, ولكن المؤسف أن يدفعوا هم أنفسهم ثمنا باهظا للمناورات السياسية لأطراف أخرى تمسك بأيديها خيوط التحكم فى مقدرات غيرها من الدول والشعوب, والواضح الآن أن مصر كانت محقة فى طلبها سحب القرار قبل التصويت عليه والذى سيظل كغيره «حبرا على ورق» لأن إسرائيل متعودة دايما على الحماية الأمريكية وأكبر دليل على ذلك قرار الكونجرس برفض تحرك مجلس الأمن. لمزيد من مقالات عماد عريان;