إعداد - أحمد مطاوع موجة من ردود الأفعال المتباينة على أصعدة متعددة، ما بين التمسك والإنكار والتقليل، وجميعها مشوبة بالحذر من الوعد الذي أطلقه الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، خلال حملته الانتخابية بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدسالمحتلة؛ والذي كان بمثابة قنبلة تخطت أصدائها قوة إطلاقها، كونها قد لا تعدو سوى مرواغات انتخابية لكسب أصوات أحد المعسكر المنادي بذلك المطلب، إلا أن التأكيدات المتكررة من الرئيس الجمهوري الذي سيتسلم السلطة في 20 يناير الجاري، ومستشاريه، على عزمه تنفيذ الوعد دون أي تراجع، عززت التحركات الجدية من الأطراف المختلفة. التحركات المتصاعدة مع اقتراب استلام ترامب مقاليد الحكم رسميًا من داخل البيت الأبيض، تأتي في ظل تخوفات وتوقعات من أن القرار قد يفاقم الأزمة "الفلسطينية-الإسرائيلية"، ويعقد محاولات الحل المستمرة منذ سنوات طويلة؛ ما يطرح تساؤلات حول جدية تنفيذ الرئيس الأمريكي المنتخب وعده من الأساس وإدراك تباعاته أم ان احتمالية التراجع مطروحة كمثلها من التهديدات والوعود التي نكسها تحت رايات الدعاية الانتخابية، ليصبح التساؤل الأبرز «هل ورطت "العنجهية" ترامب في هذا الملف الشائك؟». تصعيد الدعوة.. وعد ترامب ضوء أخضر قدم عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، الأربعاء، مشروع قانون حول نقل السفارة الأمريكية لدى إسرائيل من تل أبيب إلى القدسالمحتلة. وقال أحد مقدمي المشروع، السناتور الجمهوري تيد كروز، في بيان له: "حان الوقت نهائيا لتجاوز ازدواجية الكلام والوعود المنتهكة، والقيام بما قال الكونجرس في عام 1995 إنه يجب القيام به، أي نقل سفارتنا رسميا إلى عاصمة حليفنا العظيم إسرائيل". وأصد الكونجرس في عام 1995 قانونا، اعتبر فيه رسميا القدس "المحتلة" عاصمة إسرائيل، ووعد بنقل السفارة الأمريكية إلى هناك، لكن القانونين تضمنا إمكانية تأجيل نقل السفارة لمدة 6 أشهرر لاعتبارات أمنية، وذلك لمرات لم يحدد عددها، وهو البند الذي دعم الرؤساء المتلاحقين قبل ترامب على تأجيل الخطوة. وأشار كروز إلى أنه قدم المشروع بشكل مشترك مع اثنين من الجمهوريين الآخرين في مجلس الشيوخ، دين هيلر، وماركو روبيو، مضيفا أنه ينتظر "بفارغ الصبر" أن يعمل مع إدارة الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، لتحقيق ذلك. من جانبه، قال ماركو روبيو، إنه على الكونجرس والرئيس المنتخب ترامب إزالة "الثغرة القانونية"، التي سمحت للرؤساء الأمريكيين في وقت سابق بتأجيل نقل السفارة. توقيت القانون وتهديدات الكونجرس تزامن تقديم مشروع القانون مع مناقشة الكونجرس الأمريكي ذات الأغلبية الجمهورية، مجموعة قرارات تدين التصويت لصالح القرار 2334 "إدانة الاستيطان"، وامتناع الولاياتالمتحدة عن التصويت "ما سمح بتمريره"، والذي يعتبره الكونجرس "معاد لإسرائيل"، وذلك في اليوم الأول لانعقاد المجلس ال115 للولايات المتحدة. كما ناقش معاقبة الأممالمتحدة عبر حجب التمويل الأمريكي عنها، ومطالبة الإدارة القادمة ب"بذل جهد إضافي من أجل إصلاح الضرر الذي أحدثه الرئيس أوباما، والذي قد يؤثر على نحو 60,000 أمريكي يقيمون في مستوطنات في الضفة الغربية وشرقي القدس (المحتلتين)"، وفق نص مشروع القانون. تشكيك فلسطيني رسمي قال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، إن قرار مجلس الأمن الدولي الأخير بإدانة الاستيطان "مجرد بداية". وأعلن خلال لقاء مع ممثلي حزب «ميرتس» اليساري الصهيوني المعارض، الثلاثاء، أنه لا يعتقد أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، سينقل سفارة بلاده لدى إسرائيل، من تل أبيب إلى القدس، على الرغم من التصريحات التي صدرت عنه وعن مستشاريه، خلال الحملة الانتخابية، وفي الأسابيع الأخيرة. وقال عباس: "نحن نتعامل بصبر وضبط للنفس مع تصريحات الرئيس المنتخب ترامب. نحن نفهم أن الأمور التي تقال خلال الحملة الانتخابية لا تعكس بالضرورة واقع السياسة التي سينتهجها خلال ولايته. لا أصدق بأنه سينقل السفارة إلى القدس، بل إنه يفهم بأنه ستكون لهذه الخطوة أبعاد غير قابلة للتحول وأوسع من الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني". وتابع: "ومع ذلك، فإذا قام ترامب بنقل السفارة إلى القدس فستكون هناك حاجة للرد". لكنه لم يفصل خطوات هذا الرد. تهديدات استباقية وصرح أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، في وقت سابق، بأنه "إذا تم نقل السفارة إلى القدس، يجب طرد كافة السفراء الأمريكيين من العالم العربي، واتخاذ خطوات ضد إسرائيل كتقليص التنسيق الامني والاقتصادي والتراجع عن الاعتراف بإسرائيل". واعتبر الشيخ عكرمة صبري، خطيب المسجد الأقصى، نقل الولاياتالمتحدةالأمريكية سفارتها من تل أبيب إلى القدس بمثابة "إعلان حرب"، وأن وعد ترامب بنقل السفارة إلى القدس، جاء على حساب حق أهل فلسطين، لأن نقل السفارة اعتراف بالقدس عاصمة لليهود، وهذا يعني إسقاط حق الفلسطينيين. ليست دعاية انتخابية أعلن ترامب، مرارًا خلال حملته الإعلامية، أنه سيقاوم أي محاولة من الأممالمتحدة لفرض إرادتها على إسرائيل، وسينقل السفارة الأمريكية إلى القدس في حال انتخابه رئيسًا، وهو ما أعاد التصريح به بعد انتخابه وقبل أيام من تسلمه السلطة. وقال مستشار ترامب، جيسون ميلر، إن الرئيس المنتخب ما زال ملتزمًا بشدة بهذه الخطوة، إلا أنه من المبكر جدًا الإعلان عن الوقت الذي سيفي فيه بذلك الوعد. بحسب وكالة "رويترز". وكانت الحكومة الفلسطينية، قد حذرت في بيان رسمي، في 20 ديسمبر الماضي، من أن نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس يشكل انتهاكا فاضحًا وخطيرا للقانون الدولي والإنساني وقرارات الأممالمتحدة، والقرارات الشرعية الدولية، وانحياز واضح لإسرائيل وتشريع لجرائمها. وقالت الحكومة الفلسطينية، في بيانها الصادر أحد الاجتماعات الأسبوعية لمجلس الوزراء، والذي عقد في رام الله، حسب وكالة الأنباء الألمانية، إن "نقل السفارة تشجيع لإسرائيل باستمرار الاحتلال وترسيخه ودفعها إلى استمرار تحدي المجتمع الدولي والإرادة الدولية برفض الإقرار بحقوق الشعب الفلسطيني، وتمكينه من نيل حريته وحقوقه".