الأمثال من أبرز عناصر الثقافة الشعبية، وتعتبر مرآة لطبيعة ومعتقدات الناس، مما جعلها محوراً أساسياً لاهتمام الكثير من العلماء والباحثين المعنيين بدراسة الثقافة الشعبية، وكثير من الأمثال المعروفة فى مصر قديمة الجذور مع أنها ليست بالعربية الفصيحة، إنما طرأ بعض التعديل والتحريف على معانيها وألفاظها. د.أحمد مرسى - أستاذ الأدب الشعبى والفولكلور بجامعة القاهرة - يرى أنه من الصعب معرفة أول من أطلق مثلا شعبيا معينا، وبعضها وراءه حكاية، قد لا تكون حقيقية بل يمكن اعتبارها حواديت شعبية. ويتابع مدللا: «ده احنا دافنينه سوا» أصله يعود لأخوين فى قرية كان لديهما حمار يعتمدان عليه فى أمور الزراعة والتنقل، وارتبط الأخوان بالحمار وأطلقا عليه اسم «أبو الصبر» وفى يوم من الأيام مات الحمار، فحزن الأخوان عليه حزنا شديدًا ومن شدة تعلقهما به قررا دفنه بمدافن البشر تكريمًا له وجلسا يبكيان بجوار القبر، فكان كل من يمر يسألهما ماذا حدث؟ فيجيبان: «أبو الصبر مات» فيسأل الناس عن أبو الصبر فيجيبان بأنه كان السند والعون والخير والبركة يرفع الأثقال ويقضى الحوائج ، إلى أن ظن الناس أن أبو الصبر هو شيخ تقى أو رجل من أولياء الله الصالحين ، وبدأ الناس يحضرون لهما الطعام، ويتوددون إليهما بالمال والمساعدة تقربًا لله وتبركًا بالشيخ، فاستغل الأخوان ما فهمه الناس دون ترتيب أو تخطيط ، وبدآ فى الاحتيال على الناس باسم الشيخ «أبو الصبر»، وفى يوم اختلف الأخوان على مبلغ من المال فقال أحدهما للأخر بغضب «والله إن لم تعدل لأطلب من الشيخ أبو الصبر الانتقام منك» فكان رد الآخر: أى شيخ؟ أنت نسيت .. ده احنا دافنينه سوا. هناك مثل آخر شهير وهو «دخول الحمام مش زى خروجه»، وتعود حكايته الى أحد الناس الذى افتتح حماماً تركياً وأعلن أن دخول الحمام مجاناً، وعند دخول الناس الحمام احتجز ملابسهم ورفض تسليمها إلا بمقابل مالى، فاحتج الناس قائلين: ألم تقل بأن دخول الحمام مجانى؟ فرد عليهم: دخول الحمام مش زى خروجه. ويحكى أن مثل «اللى اختشوا ماتوا»: ترجع قصته إلى أن الحمامات القديمة كانت تعتمد على الحطب والخشب والنشارة لتسخين أرضية الحمام والمياه، كان منها ما هو مخصص للنساء، وذات يوم شب حريق كبير فهرب منهن من هرب، ومن بقين فضلن الموت على الخروج عاريات، فقيل بعدها اللى اختشوا ماتوا. ويتابع مرسى: أما مثل «جه يكحلها عماها» يقال إن له أسطورة وهى أن قطا وكلبا تربيا معا فى قصر وحدثت صداقة بينهما، وكان الكلب معجبا بعينى القط فسأله ذات مرة عن سر جمالهما، فقال القط إن عينيه بهما كحل، فغار الكلب وأحضر بعض الكحل، ووضعه على إصبعه ليضعه فى عينيه، لكن مخلبه فقأ عينه بدلا من تكحيلها!