قد تكون الجملة الحاكمة فى اتفاق وزراء خارجية روسيا وإيران وتركيا فى موسكو أمس الأول هى تحديد أولوياتهم فى سوريا بمحاربة الإرهاب وليس تغيير نظام بشّار الأسد. ويُعتَبَر انضمام تركيا إلى هذا الخط تغييرا كبيرا فى موقفها، بما يثبت النزوع التركى البراجماتى الذى لا يتردد فى تغيير سياساته لتتفق مع المستجدات على الأرض، وكان أهم مستجد الضربة القوية التى تلقاها الإرهابيون فى حلب على يد القوات المشتركة الروسية السورية التى نجحت فى تحرير المدينة من سيطرتهم وفى إجبارهم على الانسحاب منها. ورغم الخسارة التى مُنيَت بها أمريكا وحلفاؤها، فإن واشنطن لم تُبدِ اعتراضا على نتائج موسكو، ولكنها أعربت عن تشككها فى إمكانية تحقيقها على الأرض، وتوقعت أن يكون مصيرها مصير ما سبقها من اتفاقات وبيانات. أما قطر، وهى الصوت العربى الأعلى صوتاً فى حلف أمريكا، فقد صار موقفها صعباً، خاصة بعد أن تطوع وزير خارجيتها فى توريط بلاده قبل 3 أسابيع، وفى عزّ المعارك الضارية لتحرير حلب، بأن قطر ستواصل تسليح المعارضة السورية حتى إذا أنهى الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب الدعم الأمريكى! وبالطبع، فإنه لا يُفهَم من هذا الكلام أن لقطر نيّة فى مواجهة أمريكا، وإنما الحرص على إظهار الاستعداد للقيام بالأعمال التى قد ترى أمريكا أنه ليس فى مصلحتها القيام بها مباشرة. ولا خلاف على أن المعارضة السورية التى ذكرها الوزير القطرى هى نفسها الإرهاب الذى وضع اتفاق موسكو الأولوية لمواجهته! فهل تتهاون روسيا وإيران وتركيا إزاء الموقف القطرى المعلن الذى صار عملياً مناوئاً للسياسة التى أعلنوا توا من موسكو التزامهم بها فى المرحلة المقبلة؟ يبقى أن مصر يمكن أن تستفيد من هذا الوضوح فى مواجهة الإرهاب، خاصة أنها تواجه نفس الإرهابيين، أى أن التنسيق مطلوب لتحقيق المصلحة المصرية التى أُضيرَت، ولا تزال تُضار، من انطلاق الإرهاب المدعوم بالمال الوفير وبالسلاح المتطور وبالمساندة السياسية، وهو ما أعطى الوزير القطرى الدليل الدامغ على ضلوع بلاده فيه! [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب;