إذا كانت روسيا قد نجحت بالفعل فى اختراق النظم الحمائية لإجراءات الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وتمكنت من العبث فى النتائج والمساعدة فى إنجاح المرشح الأقرب لمصلحتها، فهذا أمر جلل! وأما أن تساعد على ترسيخ هذه المعلومات أقوى المؤسسات الأمريكية، مثل المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي، وأن يعقد الكونجرس لجان استماع مغلقة للاستقصاء، وكل هذا دون تقديم دليل ملموس للرأى العام، ودون طمأنة عموم المواطنين إما بحدود الواقعة أو بنفيها، فهذا أيضاً نزوع جديد فى أمريكا لا يقلّ خطورة، بإهمال حق الجماهير فى معرفة أخبار بلادهم. وأما أن تلتزم وسائل الإعلام الكونية من صحف وتليفزيونات بموقف التكتم على الجوانب المهمة، ويتصادف ألا يخرج أحد منها عن الالتزام ويسعى إلى السبق، فهذه أيضاً سابقة قد تكون الأولى من نوعها تثير التساؤلات والدهشة عن الجهة ذات السطوة التى تستطيع أن تفرض على هذه المؤسسات مرهوبة الجانب ألا تخرج عن خط مرسوم! وأما إذا لم يكن التدخل الروسى صحيحاً، فإن ترويج هذه الشائعات على ألسنة وأقلام زعامات الديمقراطيين، ومنهم الرئيس أوباما شخصياً، هو أمر أخطر، من منظور آخر حيث يضيق الأفق إلى حد قصر الاهتمام على تشويه المنافس والتشكيك فى فوزه، حتى إذا كان هذا سيتسبب مباشرة فى اضطرابات داخلية تضرب استقرار البلاد بما يصعب التنبؤ بكل نتائجه، كما سيكون لاستمرار هذا التشكيك فى صحة فوز الرئيس الجديد أثر سلبى كبير على عمله الخارجى الذى يغطى أرجاء العالم! لاحظ ان الحجة التى كانت، ولا تزال، رائجة بقوة فى خطاب بعض المسئولين الأمريكيين ووسائل إعلامهم ومنظماتهم الحقوقية فى الدفاع عن استمرار حكم حلفائهم الإخوان فى مصر، كانت تتركز على أن مرسى رئيس منتخب بشكل ديمقراطي، وهو مبدأ جرى نسيانه فى موقفهم ضد ترامب! رغم أن التدخل الروسي، بفرض حدوثه، أقل هوناً مما اقترفه الرئيس الإخواني، ليس فقط فى العبث فى الانتخابات، وإنما فى انتهاك الدستور الذى أقسم على حمايته. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب;