فأوباما يميل الى سياسة حمائية قوية تؤدي لا محالة الى اضطراب العلاقة بالصين، والى انفجار السوق المشتركة مع كندا والمكسيك. ولا يزال أوباما نصير انسحاب أحادي، من غير مفاوضة، من العراق حين يشهد الميدان تحسناً ظاهراً وباهراً. وهو كان نصير مفاوضة غير مشروطة مع النظام الايراني، على الحال التي هو عليها، والأرجح مع «حماس» الفلسطينية. \r\n ولا يولي أوباما أوروبا ولا آسيا اهتماماً، ولا يتستر على لامبالاته. ولا تتجاوز مواقفه وآراؤه من الشأنين هذين التصريحات التقليدية والمكررة التي تدعو الى حماية حقوق الانسان، والى ديبلوماسية أميركية منفتحة. \r\n ويزيد الأمر سوءاً وقوف زبيغنيو بريجنسكي مستشار الأمن القومي السابق، الى جانبه، وهو مدح أخيراً كتاب وولت ايميرشهايمير السجالي والمناهض لإسرائيل على رغم تهمته اللوبي اليهودي بالمسؤولية عن سلبية السياسة الأميركية في الشرق الأوسط. ولا أحسب أن تصريحات المرشح، في أثناء زيارة اسرائيل، المفرطة في ميلها الصهيوني، وفي عدوانيتها في شأن باكستان وافغانستان - وهي مغالية حتى ليشكل المرء في صدقها، لا أحسب أنها ثمرة إعمال المرشح تفكيره في المسائل هذه، بل هي نتاج انتهازية لا قيد عليها. \r\n وعلى رغم هذا، وعلى رغم الاحترام الكبير الذي يوحيه جون ماكين، أمل بفوز أوباما، تحدوني الى الرأي هذا ثلاثة أنواع من الأسباب. أولاً، وقبل أي مسوغ آخر، لأن انتخاب أميركا رئيساً أسود، جيداً أو سيئاً، قد يعني نجاحها في رقيتها جسدها السياسي رقية هي في أمس الحاجة اليها، فأنا أرى، وفي هذا أوافق (السيدة) ميشال أوباما المرهوبة الجانب رأيها، أن فوز أوباما يحمل جمهور الأفريقيين - الأميركيين على الفخر ببلادهم من غير تحفظ، وأن اندماجهم المأمول يخطو خطوة واسعة ولا عودة فيها. \r\n وأحسب أن أوان تداول السلطة حان، ففي الديموقراطية، يحسن بالأحزاب أن تلي الأحكام حزباً بعد حزب. وهذا ضروري اليوم فوق أي وقت مضى. فالنموذج الاقتصادي الذي أنشأه ريغان استنفد معظم مسوغاته. وعودة الديموقراطيين إنما معناها نزوع المجتمع الأميركي الى المسالمة والمصالحة غداة انقسامه بين قطب عظيم الثراء وبين طبقات متوسطة تردت أحوالها بعض الشيء. \r\n وأما المسوغ الأخير فأكاد لا أجرؤ على الجهر به. فالكسوف الجزئي الذي قد يصيب النفوذ الأميركي فيعهد رئاسة أوباما على نحو (ما أصابه في عهد كلينتون من قبل) ربما مهد فرصة في وسع أوروبا انتهازها، فتضطلع بمسؤولياتها الراشدة، على نحو ما صنع نيكولا ساركوزي في الأزمة الجورجية حين توسل بشلل ادارة بوش المتنازعة والمتحيرة فبادر الى اقتراح خطته. وأنا لا اعتقد أن أوباما قادر على رعاية انبعاث أميركا على كل الجبهات. ولكنني على ثقة بأنه فرصة أوبة أوروبا الى قوتها، وتقربها من روسيا. وقد يكون هذا مسوغاً لا يعلنه الواحد على الملأ، على رغم رجحانه في الميزان. \r\n \r\n \r\n عن «لوفيغارو» الفرنسية،