والاعترافات الأخيرة حول آفاق الحرب على العراق تبرز بصورة هزيلة وسط الفوضى التي تفتك بالبلاد وتهدد المنطقة والعالم بصورة عملية.في عام 2002، نادت الولاياتالمتحدة وبريطانيا العظمى بحقهما في اجتياح العراق، لأن الأخير، حسب ما أكدتا، كان يطور أسلحة دمار شامل. \r\n \r\n \r\n \r\n وتلك كانت «القضية الوحيدة» كما كان يشير وبصورة ثابتة كل من بوش ورئيس الوزراء توني بلير ونظرائهما، كما كانت القاعدة الوحيدة التي تلقى بوش على أساسها تصريح الكونغرس لاستخدام القوة.وجاء الرد على «القضية الوحيدة» بعد الغزو بوقت قصير وتم قبوله على مضض، إذ أنه أفاد بأن أسلحة الدمار الشامل غير موجودة. \r\n \r\n \r\n ومن دون أن تضيع لحظة واحدة، ابتكرت الحكومة والأنظمة العقائدية لوسائل الإعلام ذرائع وتبريرات جديدة للذهاب إلى الحرب.وفي كتابه «المخدوع» الصادر عام 2004 والقائم على معاينة متيقظة ومسهبة، يشير جون برادوس المحلل الاستخباراتي والأمني القومي إلى أن «الأميركيين لا يرغبون بالتفكير بأنهم معتدون، لكن ما جرى في العراق كان عدواناً وقحاً». \r\n \r\n \r\n برادوس يصف «المخطط» المستخدم من قبل بوش «لإقناع الولاياتالمتحدة والعالم بأن الحرب على العراق ضرورة ملحة» على أنه «دراسة نموذجية لبراءة الحكومة تطلبت تصريحات علنية كاذبة بشكل واضح وتلاعب كبير في المعلومات الاستخبارية».وجاءت مذكرة «دواننغ ستريت» المنشورة في الأول من مايو في «صنداي تايمز» اللندنية إلى جانب وثائق سرية أخرى نشرت، أخيراً لتزيد الرقم القياسي للأكاذيب. \r\n \r\n \r\n وجاءت المذكرة نتيجة لاجتماع عقده مجلس بلير الوزاري الحربي في 23 يوليو 2003، صاغ فيه ريتشارد ديرلوف، مسؤول جهاز الاستخبارات البريطاني آنذاك، التأكيد الشهير على أن «المعلومات الاستخبارية والوقائع قد ضبطت على إيقاع السياسة» للذهاب إلى الحرب ضد العراق.كما يستشهد في المذكرة بوزير الدفاع البريطاني جيف هون الذي أشار إلى أن «الولاياتالمتحدة قد بدأت تثير استفزازات للضغط على نظام صدام حسين». \r\n \r\n \r\n وقدم الصحافي البريطاني مايكل سميث، الذي نشر قصة المذكرة، تفاصيل حول سياقها ومضمونها في مقالات متعاقبة، حيث تضمنت.. الاستفزازات، على ما يبدو، حملة جوية للائتلاف بهدف استثارة العراق والتسبب برد فعل من جانب نظام بغداد بهدف توفير ذريعة لشن الحرب. \r\n \r\n \r\n وبدأت الطائرات المطاردة بقصف جنوب العراق في مايو 2002، مطلعة نحو عشرة أطنان من المتفجرات شهرياً، وذلك حسب أرقام الحكومة البريطانية. لكن في نهاية شهر أغسطس من العام نفسه بدأ استفزاز من نوع آخر وهو رفع كمية المتفجرات تلك لتصل إلى 6,54 طناً في شهر سبتمبر. \r\n \r\n \r\n وكتب سميث: «بكلمات أخرى، استهل بوش وبلير حربهما ليس في مارس 2003، كما يفترض الجميع، وإنما بنهاية شهر أغسطس من عام 2002 وذلك قبل ستة أشهر من إقرار الكونغرس العمل العسكري ضد العراق».وقدمت الهجمات على أنها عمل دفاعي لحماية طائرات الائتلاف في منطقة الحظر، واحتج العراق أمام الأممالمتحدة، لكنه لم يقع في فخ السعي إلى الأعمال الانتقامية. \r\n \r\n \r\n بالنسبة إلى المخططين العسكريين في الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة، فقد مثل اجتياح العراق أولوية أعلى من «الحرب ضد الإرهاب» ولقد تم كشف النقاب عن ذلك من قبل وكالات الاستخبارات الخاصة بهما. وهناك تقرير صادر عشية الغزو عن المجلس القومي للاستخبارات، \r\n \r\n \r\n الذي يعنى بالتخطيط الاستراتيجي في هذا الميدان «تنبأ بأن غزواً بقيادة الولاياتالمتحدة كفيل بزيادة الدعم للسياسة التي ينتهجها المتشددون الاسلاميون وقد تكون نتيجته مجتمعاً عراقياً مقسماً بشكل عميق ينزع إلى عنف الصراع الداخلي»، على حد ما ذكره كل من دوغلاس جيل وديفيد سينجر في صحيفة «نيويورك تايمز» في سبتمبر الماضي. \r\n \r\n \r\n وفي ديسمبر من عام 2004 أشار جيل إلى أن المجلس القومي للاستخبارات حذر من أن «العراق ونزاعات أخرى محتملة في المستقبل يمكن أن توفر قاعدة للتجنيد ومعسكرات تدريب ومهارة تقنية لفئة جديدة من الإرهابيين الذين باتوا محترفين وتحول العنف السياسي عندهم إلى هدف بحد ذاته». \r\n \r\n \r\n لكن استعداد المخططين الرئيسيين للمجازفة بتصاعد الإرهاب لا يعني أنهم يرحبون بتلك التبعات. وذلك يدل على أنهم لا يعطون أولوية عليا لهذه القضية مقارنة مع أهداف أخرى مثل السيطرة على الموارد الرئيسية للطاقة في العالم.وبعد غزو العراق بقليل. \r\n \r\n \r\n أشار زبيغنيو بريجنسكي الذي يعد أحد أدهى المحللين والمخططين في مجلة «ناشيونال انترست» إلى أن سيطرة الولاياتالمتحدة على الشرق الأوسط وتمثل تأثيراً سياسياً غير مباشر بل مهماً على اقتصادات أوروبا وآسيا، التي تعتمد بدورها على واردات الوقود من المنطقة». \r\n \r\n \r\n وإذا تمكنت الولاياتالمتحدة من المحافظة على سيطرتها على العراق وأن تبرز في المرتبة الثانية بين البلدان ذات الاحتياطيات النفطية الأكبر في العالم وأن تبقى في مركز موارد الطاقة الرئيسية في الكون، فإن ذلك سيزيد وإلى حد كبير من قدرتها الاستراتيجية وتأثيرها على منافسيها الرئيسيين في العالم ثلاثي الأقطاب، الذي راح يتشكل خلال السنوات الثلاثين الأخيرة: أميركا الشمالية، المسيطر عليها من قبل الولاياتالمتحدة، وأوروبا وشمال شرق آسيا المرتبطة باقتصادات جنوب وجنوب شرق آسيا. \r\n \r\n \r\n إنها عملية حسابية منطقية تقوم على الزهور بأن الوجود البشري ليس مهماً جداً مقارنة مع الحصول على الأرباح والقوة على المدى القصير. وذلك ليس بجديد. لكن تلك الموضوعات تدوّي عبر التاريخ والفارق بين الوقت الحالي وحقبة الأسلحة النووية هذه هو أن المخاطر أكبر بكثير. \r\n \r\n