◙ 50% زيادة فى أسعار الشقق بالمدن الجديدة والإقبال عليها للاستثمار أسهم فى تفاقم المشكلة ◙ سماسرة أراضى القرعة أشعلوا أسعارها ومطلوب سحبها من المتاجرين
شهدت مصر فى العامين الماضيين حالة كبيرة غير مسبوقة فى انتعاش مجال التشييد والبناء وسوق العقارات، تمثلت فى انشاء العديد من المدن الجديدة وتطوير وتنمية واستكمال المدن القائمة بالفعل مثل القاهرة الجديدة والشروق والعبور والعاشر من رمضان وبدر والشيخ زايد وأكتوبر ودمياط الجديدة وغيرها من المدن ، وأدى الانتعاش فى مجال التشييد لامتصاص جزء كبير من حجم البطالة، بالإضافة لتحريك وتنشيط أكثر من 90صناعة مرتبطة بمجال المقاولات ويعمل بها الملايين من المواطنين. الحكومة، وبتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسى حرصت ، على مواجهة غلاء أسعار العقارات من خلال اقتحام الدولة مجال الاسكان بكل قوة لتوفير ملايين من وحدات الاسكان الاجتماعى المدعمة ، وعشرات الآلاف من الإسكان المتوسط بأسعار تقل عن مثيلاتها فى السوق بنسبة لا تقل عن 30 % وساهمت هذه الإجراءات الى حد ما فى استقرار اسعار العقارات ولكن مع انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار فى الشهور الماضية ثم صدور قرار البنك المركزى بتعويم الجنيه ازدادت أسعار العقارات اشتعالا فى كل أنحاء القاهرة الكبرى وخاصة فى المدن الجديدة ووصلت الزيادة لأكثر من 50 % فى معظم المناطق. «تحقيقات الأهرام» رصدت فى جولة ميدانية انفلات أسعار العقارات فى المدن الجديدة البداية فى القاهرة الجديدة ، ومن منطقة الأندلس حيث مئات المشروعات السكنية تحت الانشاء التقينا عددا من المهندسين والمقاولين يقول مصطفى محمد مهندس منذ عامين كان سعر متر المبانى فى منطقة الاندلس لا يزيد على 3 آلاف جنيه، لانها منطقة جديدة وبعيدة نسبيا عن العمران ومازالت بدون مرافق أو طرق ، أما اليوم فسعر متر المبانى يبدأ من 5800جنيه إلى 6500جنيه للعمارات الفردية أما مداخل الكمبوندات الكبيرة تحت الانشاء فسعر المتر يبدأ من 8 آلاف جنيه الى اكثر من 12ألف جنيه بما يعنى أن الشقة مساحة 100متر داخل الكمبوند يصل متوسط سعرها الى مليون جنيه ..كما ارتفع متر المبانى بالنسبة للشقق فى مناطق النرجس والياسمين والقرنفل وغيرها من6000 الى 7000جنيه بدون تشطيب وكان السعر منذ عامين لا يتجاوز 3500جنيه للمتر، اما المناطق الجديدة تحت الانشاء فى منطقة اللوتس فسعر متر الشقق بدون تشطيب على المحارة فى العمارات تحت الانشاء يبدأ من 5500 جنيه . ويضيف أن هذه ارقام مبالغ فيها لم نتوقع أن تصل الى هذا الحد فى هذه الفترة القليلة ومع ذلك هناك إقبال شديد على الشراء فى ظل هرولة المواطنين على شراء عقارات ليس بغرض السكن ولكن للاستثمار المضمون بعيدا عن تقلبات سوق الدولار والذهب، وأيضا بسبب انخفاض اسعار الفائدة على الودائع فى البنوك مما جعل الاستثمار فى شراء عقار هو الأكثر امانا وربحا . ويضيف أن قرار البنك المركزى بزيادة أسعار فوائد البنوك وإصدار شهادات إدخارية بعائد 20 % من الممكن أن يعيد المواطن مرة أخرى لاستثمار أمواله فى الشهادات بدلا من العقارات وبذلك يقل الطلب على العقار وينخفض السعر قليلا. «مواد البناء» ويقول حسين عبد الرزاق مهندس: هناك عوامل كثيرة أدت لارتفاع اسعار العقارات ، أهمها ارتفاع أسعار مواد البناء الى الضعف بسبب ارتفاع سعر الدولار ومعظم هذه المواد مستوردة بالاضافة للارتفاع الجنونى فى اسعار الأراضى التى ترتفع كل يوم حيث وصل سعر متر الاراضى فى القاهرة الجديدة الذى كان يباع ب 3الاف جنيه منذ عامين الى اكثر من 7آلاف جنيه ووصل سعر متر الارض الذى كان يباع ب 5الاف جنيه الى أكثر من 12الف جنيه حتى المناطق التى كانت تعتبر أقرب الى الشعبية مثل منطقة ابو الهول قفز سعر متر الأرض من اقل من 3الاف جنيه الى 4 أو 5 آلاف جنيه حسب الموقع. ويقول إن جزءا كبيرا من مشكلة ارتفاع أسعار الأراضى يعود للمضاربات وجشع تجار الاراضى رغم أن الدولة تقوم بطرح مساحات مختلفة وبكمية مناسبة ولكن زيادة الاقبال على شراء الأراضى والاستثمار العقارى جعلت المعروض اقل بكثير من حجم الطلب وهذا ما أشعل أسعار الشقق فى جميع المناطق. ويقترح أن تقوم وزارة الإسكان بطرح كميات كبيرة من قطع الأراضى على فترات زمنية قليلة وليكن كل 6أشهر بأسعار مخفضة وليس بسعر السوق لأنه غير حقيقى وسعر مضاربات، على أن تلزم كل من يتم تخصيص أرض له بأن يقوم ببنائها بنفسه ودون توكيلات خلال عامين فقط ، وبذلك نضمن عدم المتاجرة فى الارض والمضاربة فى اسعارها من السماسرة وتجار الأراضى وعلى وزارة الاسكان أن توفر قطع الأراضى بسعر مناسب للشركات الصغيرة والمقاولين والمستثمرين الصغار ممن لهم سابقة أعمال وجدية على أن يتم الزامهم بالبناء خلال فترة زمنية محددة ضمانا لعدم المتاجرة فى الاراضى والزامهم باشتراطات بنائية لفئة متوسطى الدخل بشرائحها المختلفة ، وهذا من شأنه مواجهة ارتفاع أسعار الشقق المبالغ فيه وضبط الاسعار وعدم ترك السوق العقارية لكبرى الشركات التى وصل سعر متر الشقق فيها الى 12الف جنيه قبل وضع طوبة واحدة فى المشروع. «الحديد والاسمنت» ويقول محمود جميل مهندس منذ عامين كان سعر متر الشقق فى منطقة ابوالهول وهى اقل مناطق القاهرة الجديدة سعرا يدور حول 2500جنيه والآن وصل الى حوالى 4 آلاف جنيه وأكثر، بمعنى أن الشقة مساحة 100متر تباع بأكثر من 400الف جنيه ومازالت الزيادة مستمرة . ويضيف أن ارتفاع اسعار الاراضى يعتبر السبب الرئيسى وراء ارتفاع اسعار الشقق بالقاهرة الجديدة اما ارتفاع اسعار مواد البناء ولاسيما الحديد والاسمنت فيأتى فى مرحلة تالية ولكنه ليس السبب الرئيسي. وفى مدينة الشروق التى اشتهرت لسنوات طويلة بانخفاض أسعار العقارات بها مقارنة بالقاهرة الجديدة فقد بدأ ارتفاع الاسعار يزحف عليها فى الشهور الاخيرة مع ارتفاع سعر الدولار . وتشهد الشروق حركة عمران كبيرة خلال الفترة الماضية من القطاع الخاص ومن مشروعات وزارة الاسكان متمثلة فى مشروع «دار مصر» للاسكان المتوسط ومشروع الاسكان الاجتماعي. ومن أحد المشروعات بمدينة الشروق يقول عزت محمد مهندس حتى 6شهور مضت كان سعر متر الشقق فى الشروق يبدأ من 1800الى 2800جنيه حسب الموقع والمنطقة وبدأت زيادة الأسعار خلال الشهور الماضية بمعدل حوالى من الف الى 1500جنيه فى المتر بعد ان ارتفعت اسعار القاهرة الجديدة حيث زاد الاقبال على الشراء والاستثمار العقارى فى الشروق باعتبارها ارخص من التجمع الخامس وأدى هذا الاقبال الشديد لزيادة الطلب مما ساهم فى زيادة الاسعار ..وجاء ذلك متزامنا مع ارتفاع سعر الدولار والحديد والاسمنت والأراضى وكل ذلك ساهم فى زيادة الاسعار ومع ذلك تظل الشروق سعرها مناسبا لشرائح عديدة من الطبقة الوسطى تسعى للسكن الراقى فى مدينة مخططة كاملة الخدمات. ويقول معتز عبد الحميد مقاول إن مشروع دار مصر للاسكان المتوسط الذى تقيمه وزارة الاسكان أنعش السوق العقارية بالشروق وساهم فى لفت الانظار اليها بعد أن بدأت الوزارة فى تخصيص اماكن للخدمات والمولات تسهم فى تنشيط حركة التجارة والترفيه بالمدينة، كما أن تطوير طريق القاهرةالسويس واقامة كبارى تربط بين الشروق والتجمع الخامس ساهمت فى زيادة اسعار العقارات فى الشروق. وفى مدينة العبور ظلت الاسعار منخفضة نسبيا وإن كانت أعلى من الشروق نظرا لقربها من القاهرة عن مدينة الشروق بعدة كيلومترات الا أن موجة زيادة الأسعار وصلت للعبور . «تسهيلات فى السداد» يقول مدحت محمود مقاول: كان متوسط سعر الشقق فى العبور وفى أرقى المناطق 3 الاف جنيه للمتر منذ اكثر من عام للشقة فى العمارة او الفيلا الجديدة بدون تشطيب وببعض التسهيلات فى السداد وبدأت الزيادة منذ عام بسبب ارتفاع اسعار الاراضى بشكل كبير ..وفى الشهور الاخيرة أدى ارتفاع سعر الدولار الى ارتفاع الاسعار بنسبة لا تقل عن 20 % بسبب زيادة اسعار الحديد والاسمنت وكل مواد البناء التى تستخدم فى البناء والتشطيب . ويضيف أن الفترة الماضية شهدت اقبالا على الشراء فى مناطق العبور بمختلف مستوياتها بعد الارتفاع فى اسعار العقارات بالقاهرة الجديدة فاتجهت شريحة كبيرة من الطبقة المتوسطة التى لا تقدر على اسعار القاهرة الجديدة للشراء فى العبور التى تتميز بقربها من مصر الجديدة ومن قلب القاهرة وهذا ساهم فى زيادة الاسعار . وفى مدينة نصر وهى من الأحياء الراقية فى شرق القاهرة شهدت العقارات موجة من ارتفاع الاسعار ولكن بنسبة أقل من المدن الجديدة. وكما يقول حسن عبدالكريم مهندس انشائى كان متوسط سعر متر الشقق فى مدينة نصر منذ عام 3آلاف جنيه الى 4500جنيه حسب المنطقة والموقع وما اذا كان العقار قديماأم جديدا وكانت هناك بعض المناطق يقل فيها سعر المتر عن 3آلاف مثل منطقة الواحة ومناطق الزهراء والحى العاشر، أما الآن فقد أصبح متوسط سعر المتر من 4آلاف الى 6آلاف حسب الموقع والمنطقة أى أن الزيادة أكثر من 25%ويرجع ذلك لارتفاع اسعار الأراضي، كما أن ارتفاع الاسعار فى التجمع الخامس- وهو الأقرب لمدينة نصر- يؤثر على الأسعار فى مدينة نصر فترتفع تلقائيا . «دار مصر» ويضيف رغم أن المدن الجديدة غيرت ثقافة نسبة كبيرة من المواطنين عن السكن واصبحوا يفضلون السكن فى الكمبوندات الا أن مدينة نصر ومصر الجديدة مازال لهما بريقهما ووضعهما كمناطق راقية وأيضا فى قلب العمران بعكس المدن الجديدة الممتدة داخل الصحراء. وفى مصر الجديدة شهدت أسعار العقارات ارتفاعا كبيرا يوازى ارتفاع الاسعار فى التجمع الخامس . يقول محسن عماد الدين مهندس ومقاول: الأسعار قفزت بنسبة تزيد على 75 % فى العامين الاخيرين لاسباب عديدة، منها ندرة الأراضى فى مصر الجديدة والارتفاع المستمر فى اسعارها وارتفاع اسعار الحديد والاسمنت ومواد البناء عموما بالاضافة للاقبال الشديد على السكن فى مصر الجديدة باعتبارها أرقى أحياء القاهرة وتعتبر هى قلب العاصمة رغم انها فى الشرق وهى البديل الأفضل لكل من يبحث عن سكن راق . ويقول إن متوسط سعر المتر فى مصر الجديدة يبدأ من 6 الى أكثر من 10آلاف جنيه حسب المنطقة والموقع والشارع ..كما أن العقارات الجديدة سعر الشقة بها أغلى من القديمة .. ومع ذلك هناك اقبال على الشراء رغم ارتفاع الاسعار لأن المشترى يعلم أن الاسعار فى زيادة ، وأنه لن يخسر بل يعتبرها فرصة استثمارية لأن قيمتها فى زيادة مستمرة. ويرى أن الحل فى مواجهة ارتفاع الأسعار هو تنفيذ مراحل عديدة من مشروع دار مصر للاسكان المتوسط الذى أطلقه الرئيس السيسى بأسعار مناسبة للطبقة المتوسطة لمواجهة غلاء اسعار الشقق وجشع القطاع الخاص ويطالب بأن يكون مشروع دار مصر فى كل المدن وليس المدن الجديدة فقط فيمكن اقامة مشروعات من دار مصر فى مدينة نصر ومصر الجديدة وحلوان والمعادى الجديدة وعلى دائرى المعادى وفى المناطق العشوائية التى يتم ازالتها ..وهذا كفيل بمواجهة جشع القطاع الخاص مع توفير البديل المناسب للطبقة الوسطى باسعار معقولة.