يقول الحق تبارك وتعالى: «إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا» [المعارج 21:19] ، لقد ارتفعت صيحات الضجر والملل والسخط، وكثر اللغط حول ضيق سبل الحياة وغلاء المعيشة، ومع التسليم بحقيقة الأمر فإن هذا الأسلوب فى الشكوى أصبح يسرى بين النفوس كالنار فى الهشيم وأصبح التعميم سمة لكل فئات الشعب وحديث الغنى قبل الفقير، والميسور قبل المحتاج، مع أن كلمة «الحمد لله»، تفتح أبواب الحياة والرزق وأن «الرضا لمن يرضى»، «ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض»، [الأعراف 96]. إننى اتعجب لماذا كل هذه الشكاوى وهذا السخط مع أننا لا ننكر أن هناك ضيق ذات اليد وصعوبة تسيير أمور الحياة ولكن هل تستقيم الأمور وتتم معالجتها بالتملل والعويل أم بالصبر والكد والعمل والكفاح من اجل تخطى العقبات والوصول إلى بر الأمان؟ إن الضغط على الجرح لن يسمح بالالتئام والشفاء، ولن يصلح امرنا إلا بالعمل والأمل والصمت والصبر والتكافل والتعاون وبالإيمان والتقوي. ونوجه نداء إلى أصحاب الصوت المسموع والقدوة الرشيدة بأن يكفوا عن نغمة التشاؤم أو جلد الذات ويحولوا البوصلة إلى نغمة التفاؤل وإعلاء قيمة الذات وقدرة النفوس، ويحكى تاريخنا صورا رائعة فى تخطى المحن والعقبات ويبرز مواقف الرجال ومعادن الشرفاء، وأن مصرنا محفورة فى عمق التاريخ فهى أرض الأنبياء ومهبط الرسالات، وكما قال الرسول «عليه الصلاة والسلام»: «الخير فى وفى أمتى إلى يوم الدين»، فلا تستسلموا ولا تيأسوا من رحمة الله واقطعوا الطريق على أصحاب النفوس الدنيئة والذمم الخربة الضعيفة ودعاة الشر والكراهية والهدم والتخريب.. طاردوا الشائعات وحاربوا جشع التجار والمزايدين ولا تتكالبوا على التخزين والتكديس للسلع أيا كان نوعها، واتركوا الفرصة للمحتاجين والمعوزين واعلموا أن الله سبحانه قد جعل لكل شيء قدرا، ولكل مكروب مخرجا، ولكل محتاج فرجا ورزقا وسترا، وراحة بال، «والحمد لله فى السراء والضراء». د. يسرى عبد المحسن أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة