حصلت «الأهرام» على ورقة سياسات شارك فيها الجنرال مايكل فلين مستشار الأمن القومى الأمريكى فى إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب التى ستتولى مقاليد السلطة فى 20 يناير المقبل. وشارك فى الدراسة إلى جانب فلين عدد من الشخصيات العسكرية والإستخبارية من المتقاعدين من أعضاء مركز لندن لأبحاث السياسات فى العاصمة الأمريكيةواشنطن. وقد رفعت تلك الدراسة إلى حملة ترامب للإستفادة بها فى وضع تصورات لحل أزمات منطقة الشرق الأوسط حيث يلعب المركز دورا مهما فى تقديم المشورة لترامب بفضل خبرائه المقربين منه وينتظر أن يتوجه عدد منهم إلى الإدارة القادمة إلى جانب الجنرال فلين. وتعتمد الدراسة التى تم تعديلها عدة مرات وارسلت إلى بعض عواصم المنطقة لإستطلاع الأراء بشأنها على تأسيس ما تسميه ب «منظمة إتفاقية الخليج والبحر الأحمر» بإعتبار تلك المنظمة ستكون بمثابة المظلة أو الإستراتيجية العامة التى يمكن أن تقدم حلا طويل المدى فى اطار البحث عن الأمن والإستقرار فى الشرق الأوسط. وتقول مقدمة الدراسة أن الحل المطروح يحقق الإستقرار والأمن لكافة شعوب وأمم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتعتمد الاستراتيجية على توظيف القوة الأمريكية والقيادة الأمريكية من اجل دعم تلك الأمم فيما يسعون معا للترويج لمصالحهم. وتقول المقدمة ايضا أن هناك إعتقادا سائدا بين المجموعة التى وضعت تلك الورقة أن «منظمة إتفاقية الخليج والبحر الأحمر» ستكون مسألة رئيسية فيما يتعلق بأنها سوف تعين كل دولة عضو بإعتبارها شريكا فى توفير الأمن للأعضاء الأخرين حيث يضمن كل عضو منهم الأمن والسيادة لكل دولة عضو فى المنظمة. وعلاوة على ماسبق، فعندما تنضج تلك المنظمة فانها سوف تكون منصة لتعاون أكبر على المستويين الدبلوماسى والإقتصادى بين الدول الأعضاء. وتنطلق ورقة السياسات من وجود مصالح مشتركة تربط ما بين دول إتفاقية الخليج والبحر الأحمر حيث يكون لدى الجميع العزم على حماية الحقوق والتراث والثقافة الخاصة بكل بلد عضو فى الإتفاقية والحفاظ على وحدة كل بلد وإحترام حكم القانون على أن يقوم الجميع بالترويج للإستقرار السياسى والإقتصادى لأنفسهم وللمنطقة. وتبعاً لماسبق، تقر الدول الاعضاء بدخول المنظمة على أسس الأمن والدفاع الجماعي. وتقول ورقة السياسات أن تأسيس منظمة اتفاقية الخليج والبحر الأحمر GRSTO يبدأ بالإقرار بالأهداف المشتركة وهي: الأمن للدول الأعضاء، واستقرار سياسى ونمو إقتصادى مستدام، وأسواق مستقرة خاصة فى أسواق الطاقة. وحددت الورقة ثلاثة مخاطر رئيسية وهي: الإسلام الراديكالي، والإنتشار النووى فى الشرق الأوسط، وصعود قوى إقليمية مهيمنة. ويقوم مبدأ إنشاء منظمة معاهدة الخليج والبحر الأحمر والتى ينتظر أن تضم مصر والسعودية والكويت والإمارات وقطر والبحرين وسلطنة عمان والأردن والولاياتالمتحدة على العمل على تحقيق الأمن والاستقرار للجميع من خلال العمل المشترك خاصة فى إطار دول المعاهدة والتى ستقر إنشاء مجلس ينظر فى المسائل الخاصة بتطبيق شروط المعاهدة على أن يكون التمثيل متساوى بين الدول الأعضاء فى المجلس المقترح. كما ينشيء المجلس مقرا مشتركا دائما لتنسيق الرد العسكرى للتهديدات المشتركة ضد الدول الأعضاء وفى سائر المنطقة على أن تجتمع الدول الأعضاء فى حال وجود تعدى على سيادة دولة عضو وتعمل المعاهدة على التدخل لحل النزاعات بين الدول الأعضاء بطرق سلمية ويتم توظيف الإتفاقية من أجل الحد من الصراع فى السياسات الإقتصادية الدولية ولتشجيع التعاون الإقتصادي. ومن أجل تحقيق الأمن لكل الدول الأعضاء تقوم منظمة الإتفاقية بدور قاطرة التخطيط العسكرى والتدريب والتنفيذ على أن تستخدم كل دولة ما فى حوزتها ، فرديا أو جماعيا، لمقاومة أى إعتداء مسلح. وبشأن مساهمة الولاياتالمتحدة فى دعم الإتفاقية المقترحة، تقول ورقة السياسات أنها ستقدم للدول الأعضاء منافع تتمثل فى الإستفادة من قدرات القيادة والتحكم والاستخبارات والإنذار المبكر وقدرات العمليات الخاصة والدعم اللوجيستى والدفاع الصاروخي. وسيكون الإعتداء على أى دولة عضو فى المعاهدة، مثلما هو الحال فى المعاهدات المماثلة، بمثابة إعتداء على الدول الأعضاء جميعاً. كما يمكن للأعضاء الموقعين على المعاهدة دعوة أية دولة أخرى للحصول على العضوية من أجل تعزيز أهدافها. وتطرقت ورقة السياسات إلى التهديدات الثلاثة للدول المقترح أن يضمها التجمع الإقليمى وأولها تهديد «الإسلام المسلح» Millitant Islam وتحدد التهديد بالمنتسبين أو العناصر المحسوبة على الدين الإسلامى ممن يسعون إلى التغيير السياسي- فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومناطق أخري- عن طريق العنف والأعمال المسلحة وتقول الورقة أن هؤلاء هم الأفراد والعناصر المتشددة- بغض النظر عن أصولهم الوطنية أو المذهب الديني. والتهديد الثانى هو خطر القوى الإقليمية المهيمنة Regional Hegemon فى إشارة إلى إيران بإعتبارها مروجة لطائفة دينية مسلحة وبلد يحتضن 80 مليون نسمة تسعى إلى تمديد نفوذها فى منطقة الشرق الأوسط. وتقول الورقة أن إيران تدعم اليوم حكومات طائفية وجماعات متمردة فى العراقوسوريا واليمن ولبنان. وتأمل ورقة الخبراء أن يأتى يوم تقوم فيه طهران طوعا وفى اطار من روح التعاون بالإنضمام إلى الاعضاء الأخرين فى منطقة الشرق الأوسط. والتهديد الثالث هو تهديد حيازة الأسلحة النووية على الرغم من توقيع اتفاق خطة العمل المشتركة الشاملة التى تضع قيودا على البرنامج النووى الإيرانى حيث وضعت الاتفاقية حدودا على برنامج الابحاث النووية الإيرانى إلا أن البرنامج فى نهاية المدنية الزمنية للإتفاق لا يضع قيودا على البرنامج وهو ما يمكن أن يسهل على إيران نشر أسلحة نووية. وتحت عنوان «الفرصة» تختتم ورقة السياسات تصورها عن بناء تحالف جديد فى المنطقة ضد خطر الإرهاب والهيمنة الإقليمية بالقول أن الحل فى ظهور جهد منسق وذكى يجمع تحالفا قويا ومنظما تقوده الولاياتالمتحدة مؤلف من الدول العربية وأخرين فى إطار منظمة ترعى إتفاقية تضمن الدفاع المشترك وتصون الدولة القومية وتفتح المستقبل أمام سلسلة من العلاقات تضمن إجراءات أمنية ضرورية مع تكلفة متوازنة وتوفر إطار عمل للدول الأعضاء حتى يعملوا معا لإحراز تقدم على مستوى الأهداف السياسية والإقتصادية والأمنية فى مناخ متحرر من تهديد الإرهاب والجماعات المسلحة وصعود قوى إقليمية مهيمنة أو تهديد إنتشار الأسلحة النووية. ورقة السياسات من مركز لندن وفى الملاحق الخاصة بورقة السياسات هناك خطط عمل مقدمة إلى الإدارة الأمريكية والكونجرس حول كيفية التعامل مع الوضع الراهن ويحدد الأهداف والمهمات التى يمكن أن تقوم بها المنظمة المقترح قيامها بين دول الخليج والبحر الأحمر ويتضمن الملحق الأول التعريف بأهدف ومهمات معاهدة إتفاق الخليج والبحر الأحمر على أن يتم التعامل الفورى مع التهديدات التالية بشكل فورى قبل تأسيس المنظمة المقترحة رسمياً: 1- التركيز الفوري: هزيمة القوى الإسلامية المسلحة على المستوى التكتيكي- داعش وانصار الشريعة والقاعدة فى المغرب العربى والقاعدة فى شبه الجزيرة العربية .. إلخ، من خلال عمليات خاصة وإستخدام القوة الجوية 2- التركيز فى المدى الطويل: هزيمة الأصولية الإسلامية المسلحة- الإخوان المسلمون وفروعها- من خلال استخدام كافة عناصر القوة الوطنية، مع تركيز كبير وتأكيد على المكون الخاص بمواجهة القدرات الإتصالية لتلك التنظيمات من أجل القضاء على الأصولية الإسلامية الراديكالية وتأثيرها. 3- احتواء إيران والتصدى لأية طموحات نووية إيرانية فيما يتم منع حيازة أى إنتشار نووي 4- منع الإنقسام السني-الشيعى من الإتساع إلى مستوى الصراع المفتوح ووضع شروط لتقليل الإختلافات من أجل التعايش المشترك السلمي 5- خلق ظروف للأمن والإستقرار من خلال تمكين الشعوب العربية وشعوب أخرى فى الإقليم من تصفية الجماعات الإسلامية الراديكالية وإقامة الحكم الجيد 6- حماية الأقليات وشعوب المنطقة- عودة الأقليات واللأجئين والمهجرين من منازلهم إلى سكنهم وتقديم المساعدات الإنسانية والأمنية 7- وضع إطار لتقوية نموذج الدولة القومية فيما يتم تعزيز الإستقرار السياسى والنمو الإقتصادى فى الدول الأعضاء وعبر حدودها 8- إحتواء كل من الطموحات الصينية والروسية فى منطقة الشرق الأوسط والمحيط الهندي 9- وضع الشروط اللازمة لثورة ثقافية ناجحة «الثورة من الداخل» مثلما حددها الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى فى ديسمبر عام 2014. فالرئيس السيسى يدرك أن الاستقرار السياسى والاقتصادى المستدام والطويل الأمد فى الإقليم يمكن أن يتحقق فقط فى إطار ثقافة تروج للامن والإستقرار بدلا من العنف ودعم الراديكاليين الدينيين المسلحين. وتتضمن المهمات القصيرة الأجل - تطوير حملة جوية شاملة لشن ضربات واسعة فى سورياوالعراق من أجل القضاء على قيادة تنظيم داعش ومنع استخدام سلاح أمريكى تم توفيره للعراق ضد العراقيين أو الحلفاء أو ضد الأمريكيين. - تمكين الأكراد والأقليات الأخرى من التنظيم والقيام بعمليات عسكرية لخدمة العمليات على الأرض والقضاء على مكاسب استحواذ داعش على الأراضي. - احتواء المغامرة الإيرانية فى العالم العربى من خلال إقامة حائط القوى الموالية لإيران مثل حزب الله والحوثيين وغيرهما ثم وضع إطار متعدد لإحتواء إيران فى المستقبل من خلال التعامل مع كل وجه من أوجه الدعم التى تقدمها إيران لجماعات الإسلام الراديكالى المتنوعة. والمهمات طويلة المدى .. تقوم المنظمة الجديدة بتوفير قدرات عسكرية محترفة من أجل هزيمة العناصر الراديكالية وتكون بمثابة الكفة الموازية لإيران وخلق إطار مدني - عسكرى يساعد فى إستتباب الإستقرار والنظام الإجتماعي. وعلى الكونجرس أن يتحرك من أجل تقديم مزايا للحلفاء ومنع وصول التمويل إلى أيادى الجماعات المسلحة أو إلى منظمة راديكالية. الولاياتالمتحدة قامت بالإستثمار بشكل مكثف فى الحكومات والمؤسسات العسكرية فى المنطقة- ومن ثم يجب أن ترفض تمويل الجماعات التى تسمى بالإسلاميين المعتدلين. ومن هنا تقول ورقة العمل أن المعاهدة الإقليمية الجديدة ستقوم بعملين، الأول هو وقف الإتجاهات المتطرفة، والأمر الثانى العمل كقوة معادلة للتهديد الإقليمى المتعاظم الذى تشكله إيران على المنطقة. على أن تقوم الولاياتالمتحدة والدول الأعضاء فى التحالف العربى بتطوير هيكل أمنى طويل الأمد يقوم بمهمة إحتواء داعش والحركات الشبيهة وجماعة الإخوان بالإضافة إلى إحتواء صعود النظم الحليفة لإيران وإحتواء القلاقل الشيعية أو التى يتسبب فيها الشيعة فى نطاق دول المعاهدة مع العمل على التسريع بدمج الشيعة فى التيار الرئيسى للمجتمع مع التركيز على تحسين الفرص الإقتصادية والتعليمية. وسيكون الهدف النهائى هو تطبيع العلاقات بين دول الإتفاقية وإيران بغض النظر عن طبيعة الحكومات الإيرانية وبعد أن تقبل طهران بالحدود والتحكيم الدولى لتسوية النزاعات المختلفة والتوسع فى العلاقات السياسية والإقتصادية والثقافية. كما تتطرق ورقة السياسات إلى التعامل مع حالة إسرائيل حيث تنصح بمنحها حق مراقب فى فترة أقل من 10 سنوات أو وفقا لما يتسنى عملياً. وتختتم ورقة العمل بنصائح إلى الرئيس الجديد فتقول أنه يجب أن يدرك أن حالة عدم الإستقرار الحالية فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وفى سائر جنوب اسيا تمثل خطرا عميقا يهدد بمزيد من التدهور. ولكن تلك الحالة توفر أيضا فى المدى القصير فرصة من أجل حشد دول المنطقة للإنضمام إلى منظمة متكاملة والتى يمكنها ببطء ولكن على نحو حاسم من تغيير المسار. الرئيس القادم يجب أن يختار أن يتصرف بناء على التصور السابق وأن يضغط بشكل فعال من اجل أن يحسن الوضع الأمنى لأصدقاء الولاياتالمتحدة وحلفائها بالإضافة إلى تحقيق التوازن فى تكلفة التدخل الأمريكى على مدى العقدين الماضيين فى الشرق الأوسط.