في الوقت الذي تسير فيه الدولة بخطي ثابتة لإنقاذ الوضع الاقتصادي والخروج به من أزمته الحالية.. وفي ظل الإجراءات الفعالة التي تتخذها لضبط الأسواق والسيطرة علي حركة الأسعار ومن ثم الوقوف بجانب البسطاء ومحدودي الدخل.. فإن جشع التجار ومافيا السوق السوداء لا يزال يقف حجر عثرة أمام قرارات الإصلاح..والسؤال هنا: من يحمي المواطن ويضبط إيقاع الأسواق ؟ محمد محسن مدير بأحد البنوك سابقا يتعجب مما يحدث في الأسواق هذه الأيام, فبعد أن طال الارتفاع الجنوني أسعار كل السلع بلا استثناء كما يقول اجتاحت موجة عنيفة من الفوضى واللامبالاة أمور البيع والشراء, فالسلعة التي تجدها بسعر معين في أحد المتاجر أو محلات الخضراوات و الفاكهة, بل وحتى الصيدليات سوف تجدها نفسها أيا كانت في مكان آخر بسعر أعلي بفارق كبير أو اقل بفارق كبير و ذلك حسب ظروف وأهواء صاحب المتجر أو البائع أو حتى الصيدلي, وليس حسب تسعيرة ذلك المنتج أو السلعة,وكأن هذا الارتفاع الجنوني جاء بمثابة فرصة عظيمة لهؤلاء التجار و المسئولين عن البيع في مختلف المجالات والأماكن من معدومي الضمير للتلاعب بالأسعار و تحقيق أرباح و مكاسب أعلي حتى ولو علي حساب المواطن البسيط ومصلحة وطن بأكمله, وباستنكار شديد يتساءل محسن قائلا ولم لا تحدث كل هذه الفوضى والرقابة تكاد تكون معدومة تماما عن تلك الأسواق؟! في الوقت نفسه يؤكد محمود التهامي موظف بإحدى الجهات الحكومية أن هناك ارتفاعا رهيبا في أسعار السلع الغذائية الأساسية كالسكر والدقيق و الزيت والأرز والخضراوات والفاكهة, فضلا عن الزيادة في أسعار الوقود و الاسمنت و الحديد وكروت الشحن والسجائر,وكذلك العديد من الخدمات التي يحتاجها المواطن بشكل يومي. فقد طعنت هذه الموجة الأسر البسيطة في مقتل بعد ان وصلت نسبة الزيادة إلي 25% ,ولم يقتصر الأمر عند ذلك الحد, بل أصبحت السلعة الواحدة تباع بأثمان مختلفة من مكان لآخر في ظل انفلات الرقابة التموينية, ووقوف الأجهزة المعنية لتراقب هذه الأزمة من بعيد دون أي محاولة للتدخل والمشاركة في حلها,والضحية كالعادة هو المواطن البسيط والذي أصبح علي حد قوله «ملطشة». بينما تشير مني صبحي بائعة بأحد المحال التجارية إلي أن الوجبة الشعبية المكونة من باذنجان وفلفل مقلي وبطاطس مقلية والتي لم تكن تتكلف سوي 5 جنيهات في الماضي,أصبحت الآن ما بين 25و30جنيها علي اقل تقدير, حيث وصل سعر كيلو الباذنجان إلي 8 جنيهات والفلفل إلي 12 جنيها والبطاطس إلي 12 جنيها, بخلاف زجاجة الزيت والتي يتعدي سعرها 10جنيهات في بعض المناطق, وفي مناطق أخري وصلت إلي 15 جنيها, مؤكدة أن كل هذه السلع لا علاقة لها بارتفاع الدولار ليكون مبررا لزيادة أسعارها, ولكن غياب الرقابة علي مثل هذه المواد الغذائية الأساسية تركت المواطن فريسة لجشع هؤلاء التجار. وبغضب شديد تحكي صفية عثمان ربة منزل أنها وأثناء شرائها مستلزمات الشهر من أحد المتاجر فوجئت بقيام صاحب المتجر برفع أسعار جميع السلع الموجودة لديه أكثر من خمسة جنيهات فور علمه من شاشة التليفزيون أمامه بارتفاع سعر الدولار, وحينما اعترضت علي تلك الزيادة التي أقرها في التو واللحظة أمامها بعد علمه بارتفاع الدولار, موضحة له أن البضاعة موجودة لديه قبل تلك الزيادة وانه لا داعي علي الإطلاق لرفع أسعارها بهذا الشكل,فجاء رده عليها بان هذه الأسعار هي التي سوف يبيع بها, وان لم يعجبها ذلك فهناك متاجر أخري يمكن أن تذهب وتشتري منها. محمود العسقلاني رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء يوضح انه لكي يتم ضبط هذه الأزمة لابد من كتابة السعر علي المنتج سواء كان منتجا معبئا أو مصنعا أو خضراوات وفاكهة, أو مواد سائلة,والسلع المصنعة أو المعبئة حينما يكتب عليها سعرها, فهذا ناتج عن حساب التكلفة الحدية لهذا المنتج بسعر الدولار وقت التصنيع, وهو ما يعني أن نزول السلعة بهذا السعر للأسواق سوف يراقب إذا جري البيع بغير هذا السعر المعلن, فحينما يكتب المنتج السعر علي العبوة ولا يلتزم به, يجب علي الدولة أن تحاسبه خارج منظومة التسعير الجبري, لأنه هو الذي أوجب السعر علي نفسه وكتبه بإرادته وليس جبرا من الحكومة أو غير الحكومة, ولو تم ضبط ذلك فسوف تنتهي مشكلة انه يوجد أكثر من سعر للمنتج نفسه في أكثر من مكان. ويرى أن الحكومة يجب ان تنفذ القرار المتعلق بتحديد هامش ربح, والذي يعتقد انه انتصار للمستهلكين, ولكن هذا الانتصار أصبح مؤجلا بفعل الضغوط التي يمارسها رجال الأعمال علي الحكومة, وبالتالي الأمر يقتضي أن تستأسد الحكومة علي رجال الأعمال, كما فعلت من قبل مع الغلابة حينما رفعت الأسعار. ويتصور العسقلاني ان الذين لهم مصلحة في حماية السلام الاجتماعي واستقرار هذا البلد هم رجال الأعمال و المصنعون الكبار الذين يفترض أنهم يقومون بدور فيما يتعلق بالمسئولية الاجتماعية, ولو حتى علي سبيل تحمل جزء من تخفيض أسعارهم أو تخفيض أرباحهم التي يحصلون عليها بشكل مبالغ. مشيرا إلي أن الدولة كانت قد ساعدت هؤلاء الناس ومنحتهم إعفاءات ضريبية وجمركية وتخفيضات في أسعار الطاقة المستخدمة في مصانعهم, وبالتالي فيجب عليهم الآن رد جزء من الجميل للدولة التي ساعدتهم. ويري أن الإجراءات الأخيرة والتي كان يتوقع البعض من أعداء هذا البلد أنها سوف تثير غضب وسخط الفقراء علي الدولة ليثوروا محدثين حالة توتر وارتباك. فقد اثبت هؤلاء الفقراء بعد يوم 11|11 أنهم مسئولون عن هذا الوطن أكثر من مسئولية الأغنياء, وأنهم لا يستطيعون تحمل ضياع وطنهم. فالدولة مطالبة الآن وبشكل عاجل أن توجه دعمها الذي كانت توجهه للطبقة الغنية إلي الطبقة المتوسطة التي يخشي عليها من الانهيار والتداعي حيث أن هذه الطبقة المتوسطة تمثل السور الفاصل بين الأغنياء والفقراء, فإذا انهار هذا السور فهذا يعني أننا أمام أزمة. ويطالب اللواء عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك المواطنين بضرورة تعديل نمط استهلاكهم بما يتناسب مع احتياجاتهم,كذلك أن تكون لديهم ايجابية تجاه ما يحدث أمام أعينهم من مخالفات سواء في التلاعب بأسعار السلع وحجبها عن المستهلك في بعض الأحيان لتعطيش السوق وخلق أزمة, أو فيما يتعلق باكتشاف حالات غش تجاري.,وتتمثل تلك الايجابية من قبل المواطن في ضرورة التواصل الفوري مع جهاز حماية المستهلك وإبلاغه بأي مخالفة تحدث معه وذلك من خلال الرقم الساخن للجهاز وهو 19588 و الذي يستقبل شكاوي المواطنين كل يوم من الساعة الثامنة صباحا وحتى الرابعة عصرا, وأنه في حالة عدم رد الجهاز خلال هذه الساعات فسوف يعاود الموظف المختص الاتصال بصاحب الشكوى من الساعة الرابعة وحتى الخامسة علي أكثر تقدير.